تتزامن الدعوة إلى استئناف جلسات الحوار الوطنى مع ما ستقدمه الحكومة الجديدة من برنامج عمل سيتم عرضه على مجلس النواب، وهنا تبرز أهمية ودور الحوار الوطنى وعلاقته المباشرة ببرنامج الحكومة والذى أراه يمثل كلمة السر والركيزة الأساسية التى لا بد للحوار الوطنى أن يتعامل معها بجدية وسرعة وفاعلية، خاصة فيما يتعلق بضبط "بوصلة" الحوار الوطنى على القضايا والملفات والمستهدفات التى تعمل عليها الحكومة، لتقديم الدعم بالأفكار والحلول لتلك القضايا بشكل سريع وفعال، بجانب ضرورة اقتراح ملفات وقضايا أخرى ذات أولوية ليتم ضمها إلى برنامج عمل الوزارات المختلفة.
أى أنه يمكننا وصف علاقة الحوار الوطنى بالحكومة الجديدة بأنه سهم مزدوج، يمثل فيه برنامج الحكومة مدخلًا هامًا لجلسات الحوار الوطنى العامة والتخصصية، بينما تمثل توصيات الحوار الوطنى مدخلًا هامًا للوزارات ذات العلاقة، وهو الدور الهام الذى ستلعبه بالتأكيد وزارة الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسى كحلقة وصل غاية فى الأهمية وكذلك كتسريع لوتيرة تطبيق التوصيات من قبل الجهات المعنية فى الحكومة.
صورة هامة من صور تلك العلاقة أيضا بين الحوار الوطنى والحكومة الجديدة تتمثل فى ضرورة وجود ما يعرف ب Public Policy Hubs أو مجموعات السياسات العامة، وهو ما شهدته الجلسات التخصصية فى الأوانة الأخيرة التى عقدها الحوار الوطنى بحضور ممثلين للوزارات المعنية، ولكن بصورة ممنهجة ووتيرة سريعة وبمستهدفات تتجاوز فكرة تلاقح الأفكار والنقاشات إلى مرحلة المخرجات النهائية القابلة للتطبيق فى اليوم التالي.
ومن هنا، فإننى أدعو إلى استحداث "مؤشر الحوار الوطني" كأحد الأدوات التسويقية التفاعلية للقضايا التى تم مناقشتها بحضور الحكومة أو أحد ممثليها، من خلال موقع أو منصة إلكترونية ترصد بدقة ما تم خلال الفترة الماضية وتحدث باستمرار، تقسم الموضوعات والقضايا إلى ملفات مازالت قيد النقاش، وملفات أو قضايا تم الانتهاء منها، وأخرى تم خروج توصيات بشأنها، وكذلك تلك التوصيات التى تمت تنفيذها، مع ضرورة تضمين مؤشرات للأثر الناتج عن تبنى وتنفيذ التوصيات المختلفة.
من خلال تلك العلاقة التكاملية فإنه يمكننا بحق أن ننقل الحوار الوطنى إلى صورة ناضجة واستثنائية من الديمقراطية التشاركية، صورة تتجاوز مرحلة المشاركة بالرأى إلى إحداث الأثر الواقعى الملموس فى مختلف القضايا والإشكاليات والطموحات لكافة الأطراف المعنية، للمواطن والحكومة والنخب السياسية والقوى المجتمعية أيضًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة