حازم الجندى

الحوار الوطنى.. تشريعات الحبس الاحتياطى وتعزيز حقوق الإنسان

الثلاثاء، 09 يوليو 2024 11:12 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لا شك أن الحوار الوطني منذ أن أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي الدعوة لإقامته منذ نحو عامين نجح في إحداث حراكاً كبيراً في المشهد السياسي المصري؛ وحرك المياه الراكدة في العديد من الملفات والقضايا الملحة والشائكة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، فهو يعكس حرص الدولة على فتح قنوات حوار وتواصل مع جميع فئات المجتمع المصري والاستماع إلى مختلف وجهات النظر بشأن القضايا المختلفة، بغرض تحقيق الصالح العام للوطن والمواطن، وبما يتناسب مع الجمهورية الجديدة.

إن الحرص على عودة واستمرار انعقاد جلسات الحوار الوطني يعكس جدية وصدق الدعوة إليه منذ البداية، وأن تعلن الحكومة الجديدة عن حرصها على التعاون الفعال مع الحوار الوطني واهتمامها بتنفيذ مخرجاته وتوصياته في مرحلته الأولى بل وأن يعتمد برنامج الحكومة الجديدة الذي عرضته على البرلمان بالأمس على توصيات جلسات الحوار الوطني؛ فذلك دليل على قيمة وأهمية الحوار الوطني الذي يجمع على مائدته جميع فئات وطوائف المجتمع والقوى السياسية والوطنية والخبراء والمتخصصين في مختلف المجالات، وعلى أن جلسات الحوار لم تكن مكلمة ولكنها ذات قيمة وأضافت أفكاراً ومقترحات وتوصيات ورؤى وأوجدت حلولاً للكثير من القضايا قابلة للتطبيق على أرض الواقع.


وتابعت اجتماع مجلس أمناء الحوار الوطني الذي عقده مساء يوم السبت الماضي، والذي أكد على ضرورة التنسيق الكامل مع الحكومة لتنفيذ مخرجات الحوار في مرحلته الأولى، والتعاون الدائم مع الوزراء الجدد لخلق جسور ممتدة من التعاون الفعال في مختلف القضايا، لإثراء النقاشات والخروج بتوصيات يتم تنفيذها على أرض الواقع، وحيث أكد مجلس الأمناء على أنه ناقش الحوار الوطني، خلال الاجتماع عددًا من القضايا التي لم تتم مناقشتها في المرحلة الأولى وجاري إعداد جدول أعمال عاجل لها وعلى رأسها تشريعات الحبس الاحتياطي، بجانب أنه سيتم وضع القضايا العاجلة التي طلبتها الحكومة، وسيتم مناقشتها بحرية كاملة، مثل قضية التحول من الدعم العيني إلى النقدي، ونظام الثانوية العامة الجديد.


والحقيقة أن كل هذه القضايا التي ناقشها الحوار الوطني في مرحلته الأولى أو تلك التي سيناقشها خلال الفترة القادمة هى قضايا ملحة وذات أهمية كبيرة، وأتناول منها هنا القضية المتعلقة بتشريعات الحبس الاحتياطي، وهى قضية مهمة وملحة ومرتبطة بتعزيز حقوق الإنسان والحريات، وأن يضعها الحوار الوطني على رأس الأولويات في مناقشاته فذلك يعكس حرص الدولة المصرية على دعم وتعزيز حقوق الإنسان وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، ويتم الحرص على تطبيقها على أرض الواقع.

قضية تشريعات الحبس الاحتياطي كانت ولازالت من القضايا التي طرحها وطالب بها مختلف القوى السياسية المشاركة في الحوار الوطني، وبالتأكيد الجميع يتفق على ضرورة إدخال تعديلات تشريعية على القوانين المنظمة والمتعلقة بهذا الموضوع لإيجاد نصوص تشريعية مرنة تحمى الحقوق والحريات وتعزز جهود الدولة المصرية لدعم حقوق الإنسان، فهناك من يرى ضرورة تخفيض مدد الحبس الاحتياطي، وهناك من يرى أن يتم وضع عقوبات بديلة للحبس الاحتياطي، وأيا كانت الرؤى فالجميع يبحث عن تحقيق العدالة حماية حقوق الإنسان في ضوء ما تقتضيه أحكام الدستور والقانون.

وهنا أنوه إلى أن هناك لجنة فرعية شكلها مجلس النواب ومنبثقة عن لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، لصياغة ومراجعة مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية، وهذه اللجنة ضمت العديد من القامات القانونية والقضائية وممثلين عن نقابة المحامين والجهات والهيئات القضائية وعن مجلس الشيوخ، اللجنة اجتمعت على مدار شهور وعقدت جلسات مكثفة وانتهت إلى مسودة لمشروع قانون الإجراءات الجنائية، وشهدت مواد الحبس الاحتياطي للقانون مناقشات موسعة ومستفيضة انتهت إلى تعديلات تتضمن تخفيض مدد الحبس الاحتياطي لتكون في الجنح 4 أشهر بدلاً من 6 أشهر، وفي الجنايات 12 شهراً بدلاً من 18 شهراً، و18 شهراً بدلاً من سنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة السجن المؤبد أو الإعدام، وتحديد حد أقصى للحبس الاحتياطي من محكمة جنايات الدرجة الثانية أو محكمة النقض في الجرائم المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد ليصبح سنتين بحد أقصى بدلاً من عدم التقيد بمدد.

والحقيقة أن هذه النصوص التي انتهت إليها اللجنة خطوة جيدة لحل مشكلة الحبس الاحتياطي ويمكن البناء عليها في مناقشات الحوار الوطني حول تشريعات الحبس الاحتياطي بحيث يتم التعديل وإضافة مقترحات أخرى وفقا لما سيتم التوافق عليه، والاستماع المقترحات المختلفة بشأن العقوبات البديلة للحبس الاحتياطي، وأتوقع أن المناقشات حول هذا الملف في الحوار الوطني ستكون ثرية كعادة جلسات الحوار في مختلف القضايا، بما يصل إلى نتائج ومخرجات تستهدف إيجاد حلول واقعية.

ختاماً.. أتوجه بالشكر إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي على حرصه على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وتوجيهه للحكومة بأن تعمل تنفيذ توصياته سواء في صيغة إجراءات تنفيذية أو صياغات تشريعية لتقديمها إلى البرلمان، وأتمنى أن أرى خلال الفترة المقبلة تنفيذ حقيقي لمخرجات وتوصيات المرحلة الأولى من الحوار الوطني مما سيضيف قوة وصدق للحوار ويجعله مؤثرا أكثر في جلساته القادمة.

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة