بيشوى رمزى يكتب: آليات الدولة المصرية لمجابهة الأزمات الإقليمية.. السودان نموذجا

الثلاثاء، 09 يوليو 2024 08:19 م
بيشوى رمزى يكتب: آليات الدولة المصرية لمجابهة الأزمات الإقليمية.. السودان نموذجا بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يبدو المؤتمر الذي استضافته العاصمة الإدارية الجديدة، للقوى السودانية، أحدث الخطوات التي اتخذتها الدبلوماسية المصرية، لتحقيق الاستقرار الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يبدو بجلاء في العديد من المشاهد، ربما تجلت بوضوح سواء في فيما يتعلق بأزمة السودان، عندما عقدت قمة لدول الجوار، بعد أسابيع قليلة من اندلاع الأزمة، أو في أزمة غزة، عندما دعت في سويعاتها الأولي إلى قمة دولية واسعة، شارك فيها العديد من زعماء العالم، وهي القمم، والتي وإن تناولت قضايا منفصلة، تبدو متفقة في كونها تصب في خدمة تعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى التأكيد على الثوابت، سواء المرتبطة بـ فلسطين، وعلى رأسها حل الدولتين، وتأسيس الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، أو فيما يتعلق بـ السودان، من حيث الحرص على وحدة الدولة وسلامة أراضيها، بالإضافة إلى تقديم الدعم للمؤسسات.


إلا أن الاختلاف بين الطبيعة الدولية للقمة المرتبطة بفلسطين، من جانب، والإقليمية المحدودة المرتبطة بقمة "جوار السودان"، من جانب آخر، ثم الطبيعة الأهلية لمؤتمر القوى الوطنية السودانية، والذي انعقد مؤخرا، من جانب ثالث، يعكس حالة من تعددية الآليات التي تتبناها الدبلوماسية المصرية في التعامل مع الأزمات الإقليمية المحيطة بها، في ضوء المعطيات المرتبطة بكل منها، وهو ما يبدو فيما يتعلق بالشأن السوداني، في تعزيز حالة الحوار بين أطراف المعادلة السياسية السودانية، من خلال رعاية المؤتمر الأخير، في ضوء إدراك حقيقة أن الأوضاع في السودان تحتاج إلى حوار وطني، للوصول إلى حلول من الداخل، بعيدا عن استيراد حلول من الخارج.


الرؤية المصرية تتجسد في ضرورة تضييق نطاق التدخل الدولي على خط الأزمة في السودان، بحيث يتمركز الدور الخارجي حول القوى الإقليمية، وعلى رأسها دول الجوار، باعتبارها الأكثر تأثرا بتداعيات الصراع القائم منذ أكثر من 14 شهرا، سواء جراء تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين، أو مخاوف امتداد الأزمة، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة، يمر بها العالم بأسره، مع الحصول على دعم دولي للجهود المبذولة في هذا الإطار، دون تدخل مباشر، يساهم في تعزيز كفة طرف من أطراف الصراع على حساب الآخر، وهو ما بدا في طبيعة القمة التي أجرتها القاهرة قبل عام تقريبا، والتي اقتصرت على دول الجوار، والمنظمات الدولية الإقليمية، التي تحظى بنفوذ في الداخل السوداني.


وبالمقارنة بين التعامل المصري بين أزمة السودان، وقضية العدوان على غزة، نجد أن ثمة اختلافا يعكس إدراكا لاختلاف طبيعة الأزمات التي يشهدها الإقليم، فيما يتعلق بالإطار الأهلي للصراع في السودان، وجذوره التاريخية، والتي تحمل في جزء منها صراعا على السلطة، ناهيك عن تاريخ العلاقات الإثنية والعرقية، بين القبائل السودانية، من جانب والطبيعة الدولية للقضية الفلسطينية، والأبعاد المرتبطة بالاحتلال، وبالتالي تبقى الحاجة إلى آليات مختلفة في التعامل مع كل منهما.


والحديث عن أزمة السودان، يحمل في طياته، بحسب الرؤية المصرية، العديد من الأبعاد، منها ما هو إقليمي، يقوم في الأساس على الضغط على كافة الأطراف لوقف إطلاق النار، مع العمل على تعزيز البيئة الداخلية للحوار، وهو ما بدا في المؤتمر الأخير الذي يمثل لبنة مهمة في هذا الإطار، ومنها ما هو إنساني، عبر التركيز على ضرورة وصول المساعدات الإنسانية، للمواطنين في كافة الولايات السودانية، وكذلك بعدا تنمويا، من شأنه البناء وتحقيق استدامة الاستقرار في مرحلة ما بعد الصراع، بالإضافة إلى البعد الدولي، والقائم على تقديم الدعم للجهود الإقليمية من جانب، والإنسانية من جانب آخر، والتنموية من جانب ثالث.


وهنا يمكننا القول بأن الرؤية المصرية للأزمات الإقليمية تتسم بتعددية آلياتها، بحسب طبيعة كل أزمة، وهو ما يبدو في أحدث صورها في التعامل مع الأزمة السودانية، والتي تعكس ضرورة الوصول إلى حل من الداخل، من خلال توفير بيئة للحوار بين أطراف المعادلة السياسية، مع العمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لها، بعيدا عن التدخل المباشر، في إطار الانحياز لطرف دون الأخر حتى لا تتفاقم الأزمة، وهو ما سوف يؤدي في نهاية المطاف إلى انهيار المؤسسات وعدم قدرتها على الالتزام باحتياجات المواطنين.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة