كما يقول الشاعر " لكل داء دواء يستطب به.. إلا الحماقة أعيت من يداويها"، و تلك الجهالة المتأصلة في العمل العام للولايات المتحدة الأمريكية غريبة بشكل يجعل الجميع يعيد حساباته تماما، فكيف تتابع الولايات المتحدة الأمريكية ومؤسساتها البحثية ما يحدث في غزة من عمليات قتل وتدمير وإبادة، ومؤكد أنهم لا يستمدون معلوماتهم من التلفزيونات، أو من رؤية نتنياهو للأحداث، بل لديهم علوما ورؤية تستطيع أن تقرأ المشهد بطبيعته الحقيقية، وهو مشهد جلب دمارا لصورة أمريكا لعدة عقود قادمة، وتلك الصورة ليست هي الحكاية الرئيسية، بل ما وراء الصورة أيضا، فقد صنعت تلك الحرب وسيلة وذريعة لكل من يرى القيام بأعمال مضادة ضد أمريكا ومصالحها، فذلك وجه أمريكا الحقيقى، الذى يمد إسرائيل بأطنان القنايل والذخيرة والصواريخ، ويؤمن لهم المسار الدبلوماسي والسياسى، ويساعدون نتنياهو في تحقيق مصالحه، وبالتالي هم من سيدفعون الضريبة، ولن تنفعهم حمايات وتكنولوجيات، بل هم بأنفسهم صنعوا الطريق ومهدوه لكل معتد عليهم، وهذه ليست رغبتنا في حقيقة الأمر، فالهدف الأساسى أن تتوقف الحرب، حتى يرجع العالم لصوابه.
ثم سؤال آخر، هل لدى أمريكا والدول الكبرى سفراء واستخبارات ومراكز بحثية تمدهم بأضرار الحرب الاجتماعية عليهم، هل يتحدث هؤلاء السفراء ويرفعون التقارير السليمة عن الشعور الشعبى في الدول العربية والإسلامية، هل يقرؤون المشهد بشكل حقيقى، هل تعرف السيدة هيرو مصطفى سفيرة أمريكا في مصر ماهى النتائج الكارثية لحرب غزة، وهل تعرف السيدة الينا رومانوسكى، سفيرة أمريكا في العراق، والسفير هنرى في الأردن، أي شيئ عن الأضرار، وإلى من يرفعون خطاباتهم، وماهى ردود الأفعال عليها، ولن أطلب منهم ولا يجوز لي أن أسألهم هل يتأثروا بما يحدث، وهل يعرفون معنى أن ينبش مواطنين عن أبنائهم تحت الركام، ولعل نظرهم قاصر، وشعورهم محبوس في خزينة الوظيفة، ولن يعرفوا أن عدد ضحايا غزة يتجاوز 40 ألف، والمصابين يتعدى 85 ألف.
لدي يقين أن سفراء أمريكا واستخباراتها، لايدركون ماذا تعنى كلمة حرب إبادة ضد شعب أعزل، وقتل أطفاله ونساءه وعجائزه، لا يعرفون معنى المجاعة، ونقص الأدوية، ولا يسألون أنفسهم ماهى احتياجات السيدات الصحية في قطاع غزة، ولا يعرف هؤلاء قيمة المرض والعلاج وتوقفه، لايعرفون معنى توقف المدارس والمستشفيات عن تقديم خدماتها، و لا يعرفون ماهي وسائل تلك الشعوب للتعبير عن غضبها، كلا حسب خلفيته وتعليمه، و لا يدركون أي مخاطر، فهم يعيشون في أبراج ترامب أو مزارع بايدن تقريبا، ولا يدركون أن تلك الحرب كسرت في أمريكا، مالم تستطيع أي حرب أخرى فعله، ونتائجها الخطيرة بشكل واضح للأعمى قبل مراكز الابحاث وتقاريرالسفراء، وهؤلاء السفراء و أجهزتهم لم يأخذوا من أمريكا إلا وجهها الشبيه بتفكير نتنياهو.