حكايات تكتب بماء الذهب.. أمهات يضحين بالحياة الزوجية لرفض الأب أبناءه من ذوى الهمم.. علياء: تركنى لولادتى طفلة مصابة بمتلازمة «داون».. ولبنى: زوجى طردنى من البيت في الفجر بعد تمسكى بابنتى وهى الآن بطلة دولية

الأحد، 11 أغسطس 2024 09:30 م
حكايات تكتب بماء الذهب.. أمهات يضحين بالحياة الزوجية لرفض الأب أبناءه من ذوى الهمم.. علياء: تركنى لولادتى طفلة مصابة بمتلازمة «داون».. ولبنى: زوجى طردنى من البيت في الفجر بعد تمسكى بابنتى وهى الآن بطلة دولية الأطفال من ذوى الهمم
أعد الملف - أحمد جمال الدين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

حكايات لا تملك وأنت تسمعها إلا الشعور بالإعجاب والدهشة من قدرة هذا الكائن الذى يفيض حنانا وعطاء على التحول إلى مظلة تحمى الأبناء ويد تمتد بالدعم ودرع قوى يصد عنهم الأخطار.


كل هذا ينطبق حرفيا على أمهات ذوى القدرات اللاتى أفنين حياتهن بالمعنى الحرفى للكلمة فى سبيل إسعاد أولادهن وتأهيلهم واجتياز الحواجز والصعاب معهم بشكل منفرد بعد رفض الزوج الاستمرار فى الحياة الزوجية عقب ولادة طفل من ذوى القدرات الخاصة، وإصرار الأم على رعايته وتأهيله بشكل يمكنه من الدمج الإيجابى فى المجتمع وهو ما رفضه الأزواج بزعم أنها نفقات لا عائد منها وبدون فائدة.


ومضت الأمهات ليعبرن وحدهن الحواجز والصعاب بصحبة أبنائهن.
فى هذا الملف تم توثيق عدد من قصص أمهات من أعمار مختلفة  عملن على تأهيل أولادهن بشكل منفرد والتكفل بمصروفات أبنائهن من ذوى الهمم بعد الانفصال عن أزواجهن بسبب رفض الأزواج الإنفاق على أولادهم من ذوى القدرات الخاصة وتخيير الأم، إما التخلى عن الطفل من ذوى القدرات الخاصة واستكمال الحياة الزوجية  أو الانفصال.


الأمهات اخترن استكمال الحياة مع أولادهن، والعمل على تأهيلهم ولم يكن ذلك قاصرا على التأهيل البدنى واللغوى أو الدراسى فقط، بل امتدت مجهوداتهن إلى دفع أبنائهن إلى التفوق الرياضى وحصد العديد من الميداليات والجوائز على منصات التتويج المختلفة.

 

علياء: تركنى لولادتى طفلة «داون» والسنوات أثبتت خطأه

صداقة الأسرتين وزمالة الدراسة والاهتمامات المشتركة وحب العمل المجتمعى والندوات الشعرية كانت جميعها مقدمات الارتباط بين علياء وزوجها السابق الذى كان يكبرها بعام واحد فى كلية الصيدلة.
وبعد التخرج بعام واحد كان الزواج والارتباط الرسمى فى عام 2014  لينتقل بعدها الزوج للعمل فى إحدى دول الخليج وبعد استقراره بفترة قصيرة أرسل لزوجته لتلحق به وتعيش بجواره خاصة بعد ظهور أعراض الحمل عليها ورغبته فى ولادة طفله الأول بجواره.
وخلال فترة الحمل تقول علياء، كانت هناك خطط وأحلام مشتركة لضمان حياة مثالية للطفل بهدف أن يكون طفلا مميزا، فكان يتم التعامل مع الجنين الذى لم يخرج للحياة بقراءة الكثير من الشعر وسماع الموسيقى.
وأضافت علياء: «مرت فترة الحمل وتوجهت الى المستشفى للولادة وبعد إفاقتى من العملية لاحظت بعض الأمور غير المعتادة  منها حالة الوجوم والحزن الظاهرة على وجه والد طفلتى على عكس المعتاد فخلال توجهنا للمستشفى كان سعيدا جدا لأنه أخيرا سيشاهد طفله الذى انتظره شهورا طويلة ويبدأ معه تنفيذ كل الخطط المستقبلية التى أعددناها ولكن بعد الولادة اختفى هذا الحماس.
وتابعت علياء: تهربت أيضا إدارة المستشفى باستمرار من طلبى رؤية المولود وعلمت فيما بعد أنه كان بطلب من زوجى حتى يتم تهيئتى لفكرة أن الطفلة من ذوى الهمم «متلازمة داون» لخوفه من الآثار النفسية التى قد تلحق بى بحسب تخيله وخلال ثلاثة أيام متتالية لم أشاهد المولود.
واستطردت علياء: بعدها وجدت طبيبة نفسية من المستشفى وبدأت عملية التهيئة النفسية فكانت أول جملة توجهها لى «نحن نرضى بقضاء الله».. فتخيلت للوهلة الأولى أن البنت توفيت ولكنها أخبرتنى أن البنت بها نسبة من متلازمة داون، فطلبت منها التوقف وإحضار الطفلة وكانت فرحتى شديدة لأنه خلال الثلاثة أيام لم أشاهد طفلتى تخيلت كل السيناريوهات السيئة ومنها فقد طفلتى، وعندما رأيتها تقبلتها بكثير من الرضا فيكفى أنها ولدت صحيحة جسديا لا تعانى من ألم أو غيره بالعكس توجهت بالشكر لله على أنه وهبنى تلك النعمة على أنه رزقنى بطفل لا يعرف سوى البراءة ومنح الحب لكل من حوله.
ولكن هذا الشعور لم يمتد لوالدها بل كان إحساسه بالصدمة كبيرا وشعوره بالفقد من خلال انهيار مشروع الطفل المميز وعدم القدرة على تنفيذ الخطط المستقبلية التى أعددناها لاستقبال ذلك الطفل يسيطر عليه وبعد عدة محاولات بذلتها معه لتقبل الطفلة والعمل على تنفيذ نفس الخطط والمشروعات التى أعددناها فى السابق مع تلك الطفلة من خلال تهيئتها وتدريبها لكنه كان يقابلنى بالرفض التام من جانبه بقوله: «مهما نعمل هاتعيش وتموت وهى متلازمة داون» مع الرفض التام للإنفاق على برامج التأهيل والتدريب ومنها التدخل المبكر، ومهارات التواصل والتخاطب.
وأوضحت علياء: كانت هذه المطالبات بالنسبة له مجهودا مهدرا ونفقات غير مجدية لأنها طفلة غير قابلة للاستثمار ولن تحقق أى تقدم ولكن من جانبى كنت على يقين بأنها هدية الله لى وأن علينا تقبل أولادنا بظروفهم كما هم وليس كما نتمنى أن نراهم فلن أعلق حبى لابنتى أو احتضانها على أنها متفوقة أو صحيحة جسديا وبعد عدة محاولات بذلتها لمحاولة تقبله للطفلة أيقنت بأنه لا فائدة لأنها بحسب قوله: «ليست هى الطفلة التى ستحقق مشروعى فى طفل مميز متفوق».
وتابعت علياء: بالفعل عدت إلى مصر عام 2018 وتم الانفصال رسميا فى نفس العام، بل رفض بشكل قاطع وحاسم الإنفاق على ابنتنا «صوفيا» فعملت على توفير الأموال اللازمة لتأهيل ابنتى بشكل ذاتى من خلال عملى فكنت أعمل فى ثلاث مهن على مدار اليوم ومنها العمل فى أحد المستشفيات ثم الترجمة والتدقيق اللغوى، وساعات أنزل أعمل فى صيدلية أو أدرب، كل ذلك بجانب استكمال دراستى العليا.
واستكملت علياء: رغم انتمائى لأسرة ميسورة الحال لكن كان بداخلى إصرار كبير على أن نفقات ابنتى تكون من جانبى فقط باستغلال الطاقة العظيمة التى تملكتنى من وجود ابنتى «صوفيا» هبة الله لى بالتزامن مع العمل على تأهيل صوفيا بشكل شامل من خلال برامج التخاطب، والسلوك، والتعليم، وممارسة الرياضة.


أكملت الأم: لم يكن ذلك ميسورا فى ظل رفضها من قبل العديد من الحضانات والمدراس ففوجئت بمديرة إحدى المدارس تخاطبنى بقولها: «لا أقبل وجود هذه الأشكال بين أولادى» فى إشارة لطلاب مدرستها، بجانب التنمر الذى أواجه به فى بعض الأماكن والمواصلات العامة ولكننا نمضى سويا أنا وابنتى لعبور تلك الحواجز للوصول لهدفنا المشترك وهو النجاح والحياة بسعادة.


وذكرت الأم: «وجود ابنتى شجعنى على استعادة حياتى التى افتقدتها فترة، فعدت من جديد للمبادرات الاجتماعية وعملت على تنفيذ أكثر من مبادرة بالتعاون مع الحملات والأسر العلمية بكلية الصيدلة وأصدقاء العمل التطوعى القدامى للتوعية بمتلازمة داون وكيفية التعامل مع أطفال داون وكيفية تأهيلهم لمساعدتهم فى الدمج الإيجابى بالمجتمع  فتم تنفيذ الحملة القومية الاولى للتعريف بمتلازمة داون، برعاية وزارة التضامن ومشاركة كل الجمعيات العلمية بكليات الصيدلة فى الجامعات المختلفة بجانب رعاة الحملة من الشركات الخاصة.


واختتمت علياء التى تعمل فى الوقت الحالى مدير وحدة بحوث التغذية بإحدى المؤسسات الخيرية بجانب تدريس تغذية علاجية فى عدد من الجامعات، حديثها قائلة: «من خلال تجربتى مع ابنتى أؤكد على ضرورة تقبل أبنائنا فلا نتعلق بهم لأنهم متفوقون رياضيا أو علميا بل لأنهم أبناؤنا فنحن مستأمنين من قبل الله عليهم».

 

عبير: حققت إنجازات فى حياتى بفضل «جنى» بعيدا عن أبيها

فى بعض الأحيان يحمل الواقع قصصا أشد تشويقا وألما من الدراما التليفزيونية، فداخل الجدران تنسج القصص والحكايات التى يعجز خيال عشرات المؤلفين والكتاب عن تصورها ولكن تتكفل الأقدار وحدها بصنعها.


وقد تكون قصة «عبير.ص» إحدى هذه القصص، فهى أم تعيش شبه حياه، شبه متزوجة، وشبه مستقرة، فلا تستطيع وضع  كلمة النهاية لتلك الحياة، ولا تستطيع بدء حياة جديدة من أجل أولادها.


عبير المرأة الخمسينية بدأت معاناتها منذ ظهور أعراض الحمل عليها فى سن الـ40 وهو الأمر الذى أزعجها بشدة خاصة أنها لم تكن على علم به، بجانب أنها أم لابن كان فى المرحلة الإعدادية وابنة فى الصف الأول الإعدادى وقتها ولذلك حاولت إجهاض الجنين قبل أن يرفض الطبيب المتابع حالتها بكل إصرار بعد سؤاله دار الإفتاء التى قضت بعدم جواز ذلك، خاصة أنها فى الشهر الرابع وتكون الجنين داخل الرحم بجانب ما يمثله ذلك من خطر على حياتها.
وتقول «عبير»: «ظللت على موقفى من ذلك الحمل فكان عندى شعور خفى بأن ذلك الطفل لن يولد طبيعيا ولكن كان الطبيب يطمئننى من فترة لأخرى ويؤكد لى على سلامة الطفل صحيا بناء على الفحوصات  والإشعات».


وأضافت عبير: بعد الولادة كانت صدمتى الحقيقية بأن ابنتى من متلازمة داون بجانب أنها كانت تعانى من وضع صحى متدهور ممثلا فى أن القلب خارج القفص الصدرى وبه ثقبان ومعاناتها من ارتخاء فى العضلات وعدم انتظام الفقرات العنقية كل هذه الأسباب دفعتنى لرفضها بشدة وانتابتنى العديد من المشاعر المختلفة، رهبة وخوفا وصدمة والتساؤل عن مصيرها وكيفية التعامل معها وما هو موقف الأسرة منها وهل سيتقبلونها أم لا؟  مجموعة من الأسئلة مرت أمامى لم أملك أمامها أى إجابة سوى البكاء.


وتابعت عبير: اجتاحتنى تلك المشاعر السلبية حتى فوجئت بزوجى يتوجه لى قائلا: «أمامك خياران لا ثالث لهما، إما وضع هذه الطفلة بإحدى دور الرعاية المتخصصة فى رعاية أطفال داون بعيدا عنا والادعاء بأن الطفلة توفيت، أوبقاؤها فى المنزل حتى تتوفى، أو الخيار الثانى وهو  الانفصال واستكمال حياتك بمفردك وتدبير أمورك الحياتية من نفقات معيشة وغيرها ذاتيا».


وأوضحت عبير: «كان اختيارا صعبا ولكننى بعد فترة من تجاوز الصدمة صممت على مساندة ابنتى بدعم من أولادى الآخرين إلا أننى طلبت منه ألا يتم الانفصال بشكل رسمى مع بقائه فى المنزل حرصا على مستقبل الأولاد، وعلى الرغم من وجودنا معا فى مكان واحد، إلا أننا فى عزلة تامة فلا توجد محادثات أو مشاركات اجتماعية أو مساهمة منه فى أى نفقات سواء دراسية أو معيشية برغم ثرائه، ولم  يقتصر ذلك عليه بل امتد لأهله الذين نشاركهم السكن فى نفس العقار العائلى المقسم لعدة طوابق بينه وبين أشقائه ووالدته.


واستطردت عبير: «عانيت ظروفا صعبة فى البداية بسبب الرفض الذى حاصرنى من كل اتجاه بجانب عدم وجود مورد للإنفاق بعد امتناع زوجى عن القيام بذلك الدور فبدأت فى بيع مشغولاتى الذهبية لتدبير النفقات المعيشة وبعدها بدأت فى التفكير بالعمل وامتهنت عدة مهن منها العمل فى  حضانات ومدارس ومديرة مخزن لشركة كيماويات.


وأكملت عبير حديثها قائلة: بمساعدة ابنى محمد الذى بدأ العمل وهو فى المرحلة الإعدادية فى مهن مختلفة بالمحلات التجارية وشركات الاتصالات وغيرها استطعنا تدبير نفقات المنزل وتوفير نفقات علاج وتأهيل جنى التى بدأت فى التعافى طبيا برجوع القلب إلى وضعه الطبيعى والتئام الثقبين بشكل كبير دون جراحة وتعافيها أيضا من الارتخاء بفضل جلسات العلاج الطبيعى، وهو ما أثار دهشة الأطباء الذين كانوا أكدوا أن فرص بقائها على قيد الحياة ضعيفة للغاية ولكن حرص «جنى على الحياة كان كبيرا».


نجحت عبير فى تجاوز العديد من المحن والصعوبات بفضل إرادتها الصلبة وعزيمتها الحديدية، لكنها تؤكد أن السبب الرئيسى فى تلك النجاحات هو وجود ابنتها «جنى» وهو ما تعبر عنه بقولها: جنى ابنتى شخصية قوية هى التى يعود لها الفضل فى ما وصلنا إليه من نجاحات بفضل تفهمها وتقديرها لحجم طموحاتى لذلك كانت تمثل دافعا لى غير محدود من خلال تقبلها لكل التمارين التأهيلية سواء فى تنمية مهارات التخاطب أو العلاج الطبيعى أو تحملها قلة الموارد المالية فى أحيان كثيرة ولكننا استطعنا سويا أنا وأولادى جميعا تجاوز تلك العقبات.


واستكملت عبير: حاليا  جنى أنهت الصف السادس الابتدائى وتستعد للدراسة بالصف الاول الاعدادى فى مدرسة حكومية عادية جدا «دمج» بالتزامن مع عضويتها فى فريق كورال ذوى القدرات الخاصة  بدارالأوبرا ودراستها  للباليه بأكاديمية الفنون فى فصول تعليم ذوى القدرات الخاصة وتفوقها فى رياضة السباحة وحصولها على العديد من التكريمات وأيضا استعداد ابنى محمد لمناقشة الماجستير فى القانون وتخرج ابنتى من معهد الخدمة الاجتماعية وحصولى على الدكتوراه.


وشددت عبير فى ختام حديثها على أن كل هذه النجاحات تمت بفضل رعاية من الله وقوة الدفع غير العادية من وجود «جنى فى حياتنا».

 

هدى: زوجى عاقبنى بالطلاق بعد ولادة طفل «توحد» ولم أندم على تمسكى بابنى

قصة أخرى تمثل صفحة من صفحات التحدى والتضحيات من كتاب أمهات أطفال ذوى الأحتياجات الخاصة والذى يجب أن يسطر بماء الذهب تقديرا لحجم جهودهن.
هدى صلاح الدين موظفة بإحدى الوزارات وأم لفتاة 22 عاما  وشاب من ذوى القدرات الخاصة 17 عاما.
كانت فتاة تنتمى لأسرة متوسطة الحال لأب يمتلك مطبعة وشقيقة تكبرها وثلاثة من الذكور، وتم زواجها بشكل تقليدى  وبدأت فى تحقيق حلمها القديم وهو تكوين أسرة تعمل على رعايتها وتربية أولادها بصورة سليمة وبعد زواجها بفترة رزقت بابنتها الأولى  وصارت بها الحياة هادئة مستقرة  حتى بدأت فى ظهور بوادر الحمل الثانى عليها  والذى كان سببا فى بداية نشوب الخلافات بين زوجها فى ذلك الوقت  والتى انتهت بالطلاق بعد اكتشاف أن طفلهم الثانى من ذوى الهمم «التوحد».


وقالت هدى: «بعد حملى الثانى بدأت الخلافات مع الزوج بسبب رغبته فى الاكتفاء بطفلتنا الأولى فقط والعمل على توفير كل دخلنا ومجهودنا  لها لتربيتها بشكل نموذجى حسب اعتقاده، وبعد ولادة طفلى الثانى لم يكن مختلفا عن أقرانه ولكنى لاحظت بعد مرور عدة أشهر عدم استجابته للمؤثرات من حوله  سواء كانت حركية أو بصرية وهو ما دفعنى للبحث عن تفسير لهذه الأعراض عبر الإنترنت ووجدت أنها تصنف على أنها من أعراض التوحد وتأكدت ظنونى بعد إجراء الفحوصات والاختبارات الطبية والتى أكدت على أنه طفل توحد.


وتابعت هدى: تقبلت الأمر لأننى كنت متوقعة ذلك بعد قرائتى عن  الأعراض، أما والده فأصيب بصدمه بالغة دفعته لتطليقى بسبب عدم قدرته على تحمل مسؤولية طفل من ذوى الهمم بجانب أنه عمل على تحميلى المسؤولية لإصرارى على ذلك الحمل ورفضى الاكتفاء بطفل واحد.


وأضافت هدى: «بعد الحصول على الطلاق بدأت بمواجهة الحياة ذاتيا بكل جوانبها سواء بتوفير الأحتياجات الأساسية  لطفلين أحدهما من ذوى الهمم سواء من تعليم ومسكن ومأكل وتعليم بجانب النفقات الأخرى لتأهيل طفلى بجلسات التخاطب، وتعديل السلوك، لذلك عملت بطاقة كبرى لاجتياز ذلك التحدى والذى كان محاطا بصعوبات عديدة  خاصة مع ابنى المنتمى لذوى الهمم بداية من توفير النفقات مرور بصعوبة الالتحاق بالتعليم بسبب رفض عدد من مديرى المدارس حالته.


وأوضحت هدى: «بعد انتهاء ابنى من مرحلة التأهيل ووصوله سن الالتحاق بالتعليم توجهت للمدرسة التى تلتحق بها شقيقته لتقديم أوراقه بها وبعد اجتيازه للاختبارات فوجئت بإدارة المدرسة تستدعينى لتسلم ورق ابنى ورفض بقائه معللين ذلك بقولهم صراحة: «نرفض  استقبال هذه الحالات فى المدرسة» وأمام إصرارaى على بقائه مع عرضى مرافقته طوال اليوم الدراسى، وافقت المدرسة، وهو الآن بالمرحلة الأعدادية كما أنه ملتحق أيضا بقسم الدراسات الحرة فى الكونسرفتوار فضلا عن غنائه بالأوبرا.

 

لبنى: زوجى طردنى فجرا بعد تمسكى بابنتى وهى الآن بطلة دولية

حلمت بالزواج السعيد وتكوين أسرة مستقرة والعيش فى كنف زوج يرعاها ويصونها.
تزوجت بشكل تقليدى من أحد أصدقاء العائلة ورضيت أن تعيش مع أهله لكنها لم تكن تتخيل أن حياتها الزوجية تنتهى بهذه السرعة بسبب ولادتها طفلة من ذوى الهمم «متلازمة داون».


رفض الزوج تقبل الطفلة، مؤكدا أنها ستكون عارا له ولأسرته بحسب وصفه، وأن على زوجته التخلص من هذه الطفلة بإيداعها دار رعاية أو تركها عند والدتها إذا أرادت استكمال حايتها الزوجية معه.


بدأت قصة لبنى 44 عاما  قبل عدة سنوات بعد حصولها على دبلوم التجارة وكفتاة عشرينية كانت تنتظر بشوق كبير الطفل الأول لها لتوثيق حياتها الزوجية ولكنها لم تكن تدرى أن ذلك الطفل سيكون سببا فى إنهائها وطلاقها بعد ولادتها  لطفلة من ذوى الهمم.


وتقول «لبنى»: «فوجئت بأن هذه الطفلة التى عمرها أيام فقط تواجه رفضا غير معقول ليس من أبيها فقط بل وأهله أيضا وتسبب ذلك فى انهيارى بشكل كامل، ولكننى استجمعت قواى بعد ذلك وقررت حماية ابنتى وكانت النتيجة  طلاقى، ومازلت حتى هذه اللحظة أتذكر مشهد طردى من منزل الزوجية فى الرابعة فجرا رغم  توسلاتى له  بتأجيل رحيلى لحين حضور والدى لاصطحابى ولكن زوجى السابق صمم على خروجى فى هذه الساعة المتأخرة من الليل وقوله: «هاتخرجى وتمشى من الشقة حالا أنت والحاجة اللى معاكى» فى إشارة لطفلتنا.


أضافت لبنى: وبالفعل خرجت من مسكن الزوجية الكائن بمنطقة القطامية بصحبة ابنتى الوليدة فى الساعة 3 فجرا ولكننى استطعت تدبير وسيلة اتصال بوالدى وحضرلاصطحابى لمنزل الأسرة بالوراق.


وتابعت لبنى: «منذ اللحظة لحضورى لمسكن أسرتى جلست بمفردى وصممت على بدء حياة جديدة فعملت فى عدة وظائف على مدار اليوم كمندوبة مبيعات، وفى مركز تأهيل وفى كافتيريا تابعة لإحدى الوزارات بالتزامن مع التحاقى بعدة دورات تدريبية خاصة بالتعامل الأمثل مع ذوى الهمم بهدف توفير رعاية نموذجية لابنتى سواء بتوفير الأموال اللازمة لرعايتها أو من خلال تعاملى معها بناء على قواعد علمية صحيحة وهو ما أهلنى فيما بعد للعمل كمدربة لرعاية ذوى الهمم.


وتستكمل لبنى حديثها: تدرجت معها فى التأهيل والمراحل الدراسية حتى وصولها للمرحلة الثانوية فى الوقت الحالى  قسم زخرفة وديكور بجانب تفوقها الرياضى سواء على المستوى المحالى أو الدولى فقد حصلت على بطولة الجمهورية عدة مرات وهى لاعبة منتخب مصر وحصلت على الميدالية الفضية للبطولة العالمية لذوى الهمم التى كانت  بفرنسا عام 2023 .


وأوضحت «لبنى»: «بعد وصولى سن 44 ومراجعة مشوارى الطويل مع شهد أشعر بالسعادة الكبرى فبسببها حصلت  على العديد من التكريمات ونلت ما لم أكن أتخيله لذلك فهى مصدر سعادتى وفخرى  والتى برهنت على صحة موقفى فبعد طلاقى مباشرة تقدم لى العديد من العرسان للارتباط بى ولكن بشرط التخلى عن طفلتى وهو ما رفضته بكل إصرار واخترت الحياة بجوار ابنتى.

 

الأمانة العامة للصحة النفسية: الدعم النفسى للأم مهم

تقول الدكتورة منى عبد المقصود رئيس الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان: «الدعم النفسى لأمهات الأطفال ذوى القدرات الخاصة أمر مهم و ليس له شكل واحد ولا يقتصر على متخصصين فقط،  فمن الوارد أن يكون الدعم النفسى متوفرا داخل البيئة المحيطة بالشخص وهو أمر له مرودود ايجابى كبير بجانب أنه أسهل فى التعامل وأفضل من حيث تحقيق النتائج الإيجابية ولكن أحيانا ما تكون الظروف أصعب من قدرات من حولنا أو المحنة التى نمر بها تحتاج قدرا من الدعم بشكل متخصص.


وأضافت منى: «عادة ما تكون لدى أمهات الأطفال من ذوى الهمم مخاوف أو قلق من مدى قدرة الأطفال على الحياة والاندماج فى المجتمع، ومدى تقبل الآخرين لهم وتفهم حالتهم، ونتيجة لهذه المخاوف والقلق قد تصاب العديد من أمهات الأطفال ذوى القدرات الخاصة بالاكتئاب».  


وتابعت منى: «أكثر طرق الدعم هو المقدم من الأمهات لبعضهن  بتبادل المعارف والمعلومات وهذا يظهر فى أماكن التدريبات عبر جلسات الحوار بين الأمهات ذوى الخبرة والأخريات من حديثى التجربة ولا يمكن التغافل عن الدور الذى تقوم به الأسرة لذلك يثور التساؤل عمن يصلح لأداء هذه المهمة لتقديم الدعم النفسى لأمهات الأطفال ذوى القدرات الخاصة من الدائرة القريبة المحيطة بها.


واستطردت منى: توجد برامج متخصصة لدى الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان ومنها برنامج تدريب الأهالى وهو برنامج  لاكتساب مهارات تمكنهم من التعامل بشكل أفضل مع أطفالهم من ذوى الهمم  من خلال منحهم معلومات علمية  وتوعية الأم وتبصيرها بحالة ابنها دون تهويل أو تهوين أو إنكار وهو أمر بالغ الأهمية والحساسية فى تحسن حالة الطفل وتأهيله بالشكل المناسب والأمثل لحالته.  


وذكرت منى: «البرنامج يعمل على ترسيخ فكرة تطوير الأم لقدراتها وإمكانياتها لكى يمكنها دعم ابنها بشكل صحيح لأننا نجد أن كثيرا من الأمهات تهمل حياتها ولا تعمل على تطوير فكرها بدعوى توفير ذلك لابنها وهو أمر خاطئ تماما لأنه لو لم يتم تأهيل الأم فلن تتمكن من مساعدة أولادها من ذوى القدرات الخاصة بالشكل الأمثل، فلو  أصيبت الأم باكتئاب أو اضطراب نفسى نتيجة الضغوط يتم تحويلها لطبيب متخصص لمتابعة الحالة.


ولفتت منى إلى أن البرنامج السابق يعطى نتائج إيجابية لأطفال التوحد والشلل الدماغى، أما أطفال متلازمة «داون» فيفضل التعامل معهم عن طريق برنامج آخر وهو «سيكو دراما»، وهو نوع من العلاج النفسى أو الدعم النفسى يتمثل فى إسقاط المشكلات النفسية على شكل أدوار تمثيلية.


واستطردت منى: «بجانب هذه البرامج توجد لدى الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان عيادات المرأة وهى تقوم على الاستماع لها من خلال طبيب متخصص وتسجيل كل ما تحكيه وتتم كتابة تقرير مفصل بحالتها لتقرير العلاج المناسب لها سواء عبر الجلسات النفسية الفردية أو الجماعية أو من خلال العلاج الدوائى.

 

القومى للمرأة: تبصير الأم بحقوقها

من جانبها قالت إيمان الزهرى عضو لجنة المرأة ذات الإعاقة بالمجلس القومى للمرأة: اللجنة تعمل على الاهتمام بالمرأة سواء كانت من ذوى القدرات الخاصة أو كانت أما لأطفال من ذوى القدرات الخاصة من خلال تعريفها بالقوانين المختلفة وبيان حقوقها وكيفية الحصول عليها وتمكينها اقتصاديا فضلا عن عقد جلسات استماع للتعرف على العقبات التى تواجه المرأة ذات الإعاقة أو الأم لأطفال من ذوى القدرات الخاصة ورفعها للمسؤولين من خلال التشبيك مع الوزارات المختلفة عبر المجلس.


وأوضحت إيمان: من خلال التوعية القانونية نعمل على شرح القوانين التى تتضمن مزايا لها ومساعدتها فى الحصول عليها وتذليل كل الصعوبات التى قد تواجهها فى الحصول عليها ومنها كارت الخدمات المتكاملة من خلال التعاون مع وزارة التضامن، اما بالنسبة للتمكين الاقتصادى فهناك  مبادرة «كونى منتجة» والتى يتم التدريب فيها على أعمال الحياكة والمشغولات اليدوية  بهدف إيجاد مورد رزق لها.

 

دار الإفتاء: إثم عظيم

من جانبه قال الدكتور خالد عمران أمين عام الفتوى بدار الإفتاء المصرية : «إن تخلى بعض الآباء عن أسرهم وقيامهم بتطليق الزوجة والانفصال عنها  حال ولادتها لطفل من ذوى الهمم أمر ينطوى على إثم عظيم ويكشف عن عدم رضا بقضاء الله والانصياع والتسليم بما يقرره المولى من ابتلاءات يرسلها لمن يختصهم من عباده فإذا نجحوا فيها وعبروها فازوا برضاه ولهم أجر عظيم.

new2
وأضاف عمران: «المرء يعجب من حال بعض الآباء الذين يتركون زواجتهم ويطلقونهن ويتركونهن وحيدات مع أولادهم من ذوى القدرات الخاصة  وعلى هؤلاء مراجعة أنفسهم  وإحياء قيم الإنسانية فى أنفسهم وفى القلب منها رعاية أسرهم وأولادهم .


وتابع عمران: أما عن الأمهات التى قبلن بكل همة تحمل المسؤولية بشكل منفرد بعد ترك الزوج لها فالكمات تعجز عن وصف قدرهن ومكانتهن عند الله.

 

التضامن: خدمات متكاملة

على جانب آخر قال مصدر بوزارة التضامن : «الوزارة تعمل على رعاية ذوى القدرات الخاصة وتقديم الخدمات الطبية والاجتماعية والنفسية والترفيهية لهؤلاء الأطفال من خلال مكاتب التأهيل الاجتماعى  والموزعة على كل أنحاء الجمهورية.


وأوضح المصدر انه بالنسبة للأعاقات الذهنية فهناك مركز التوجيه النفسى وهو المركز الوحيد على مستوى الجمهورية، ويتبع الإدارة العامة للتأهيل، ويقوم باستقبال حالات أصحاب الهمم  الذهنية، وتحديد درجات الذكاء،  باستخدام العديد من المقاييس والاختبارات النفسية، بهدف توجيه حالات أصحاب الهمم  الذهنية للمؤسسات المناسبة طبقاً للسن ودرجة الإعاقة، بجانب بإنشاء خط الأطفال 08008886666 أصحاب الهمم، للتواصل مع الأطفال أصحاب الهمم وأسرهم والمتعاملين معهم، لتزويدهم بالمعلومات عن الخدمات التى تقدمها لهم الدولة، كما أنه يسهم فى مساندتهم للوصول إلى حقوقهم سواء الصحية، أو التعليمية، أو الاجتماعية. ‬‬


بجانب العديد من مراكز التاهيل التابعة للوزارة فضلا عن اصدار كارت الخدمات المتكاملة بالتعاون مع الوزارات إضافة إلى معاش شهرى لإعانتهم على الحياة وتنفيذ العديد من المبادرات التى تعمل فى مجال التأهيل والتدريب على العديد من الأعمال حتى يكون ذو الاحتياجات فردا فعالا منتجا فى المجتمع وله مصدر دخل خاص.

 
p.4.5
p.4.5

 

WhatsApp-Image-2024-08-10-at-1.45.40-PM
 
الأم-عبير-مع-محرر-اليوم-السابع-copy
الأم-عبير-مع-محرر-اليوم-السابع-copy

 

مدام-علياء-(2)
مدام-علياء-(2)

 

‎⁨مدام-لبنى-وانتها-شهد⁩
‎⁨مدام-لبنى-وانتها-شهد⁩

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة