سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 12 أغسطس 1956.. عبدالناصر يعلن رفض مصر حضور مؤتمر لندن حول قناة السويس بعد إعلان رئيس الوزراء البريطانى: «الكولونيل ناصر هو عدونا»

الإثنين، 12 أغسطس 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 12 أغسطس 1956.. عبدالناصر يعلن رفض مصر حضور مؤتمر لندن حول قناة السويس بعد إعلان رئيس الوزراء البريطانى: «الكولونيل ناصر هو عدونا» جمال عبد الناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فكر جمال عبد الناصر فى الذهاب إلى لندن لحضور المؤتمر الذى دعت إليه الحكومة البريطانية، برئاسة أنتونى إيدن، لمناقشة قضية شركة قناة السويس بعد تأميمها يوم 26 يوليو 1956، لكنه عدل عن قراره، وكان لتفكيره بالذهاب ثم عدوله عنه قصة تحمل كثيرا من الأسرار.


كانت الدعوة للمؤتمر بمثابة حشد دولى لجأت إليه بريطانيا ضد مصر، وحسب محمد حسنين هيكل فى كتابه «ملفات السويس»: ناقش عبدالناصر فى وقت من الأوقات بجدية أن يذهب إلى المؤتمر، وأن يحضره ليس كمتهم، وإنما كممثل للادعاء ضد الاستعمار والسيطرة، لكنه وبعد أن اطلع على خطاب «إيدن» فى التليفزيون والذى قال فيه: «الكولونيل ناصر هو عدونا وليس الشعب المصرى»، قرر أفضلية عدم الذهاب.


يكشف فتحى رضوان، وزير الإرشاد القومى وقتئذ، فى كتابه «عبدالناصر»، أن «عبدالناصر» طرح الموضوع على اجتماع لمجلس الوزراء، وتكلم كثيرون ولكن بدون أن يكون كلامهم حاسما، وتكلم الدكتور محمود فوزى، وزير الخارجية، معلنا أنه ضد سفر رئيس جمهورية مصر إلى لندن، ويضيف «رضوان»: «اتجه عبدالناصر إلى- وكانت العلاقات بيننا يشوبها فتور لسبب نسيته تماما- وقال بأسلوب خال من الود: «ورأى الأستاذ فتحى؟»، يؤكد «رضوان»: «لم أكن فى حاجة إلى أكثر من هذه الدعوة المتحفظة لأندفع قائلا: «يأبى الله ورسوله»، فعقد «عبدالناصر» ما بين حاجبيه وقال: ماذا تعنى؟ فأجبته: «المسلمون يقولون هذا القول عن كل ما هو حرام»، فقال وقد تحسن مزاجه قليلا: «يعنى السفر إلى لندن حرام؟».


يذكر «رضوان» أنه رد: «بالتأكيد»، وأضفت: «لقد عشنا ندير أمورنا فى لندن، وتفرض علينا المعاهدات والفرمانات منها أو من باريس، أو من إستنابول. إن المعاهدة التى حددت مركز مصر الدولى، والتى أبرمت بعد حروب محمد على مع تركيا، اسمها معاهدة «ترابيا» لأنها عقدت فى ضاحية فى إستانبول بهذا الاسم، فإذا كان موضوع قناة السويس لا بد أن يناقش هذه الأيام، فليناقش فى مؤتمر تدعو إليه مصر، ويعقد فى القاهرة، وتحدد له حكومة مصر جدول الأعمال. إن مجرد سفر رئيس جمهورية مصر إلى لندن هو نصف الطريق إلى الاعتراف بشرعية موقف بريطانيا وفرنسا غير الشرعى، ولن ينقذنا هذا السفر من شىء، فهو إن اعتبر ملاينة وملاطفة، أغراهم بالعدوان علينا، وإن اعتبر تحرشا ومخاشنة، أعلنوا أن مصر تتحدى العالم».


يكشف «رضوان»: «زام عبدالناصر ورفع الجلسة، ولم يسافر»، غير أن «رضوان» يضيف سببا آخر لعدم السفر، قائلا: «أخبرنى صلاح سالم بأن الذى ثنى عزم عبدالناصر عن السفر هو ما قاله له السفير الهندى، بأن «غاندى» حينما سافر إلى لندن عام 1937، وكانت الكتب التى كتبها الإنجليز والأمريكان والألمان والفرنسيون عنه، وترجمت إلى الإنجليزية قد بلغت المئات، ،وكانت الصورة التى رسمتها له تلك الكتب قد أظهرته بأنه التجسيد الحديث للسيد المسيح، ومع ذلك فإن جرائد ومجلات الدوائر الاستعمارية نجحت فى أن تجعل منه بهلوانا، وبدلا من أن يبدو للجمهور البريطانى سياسيا، متقشفا زاهدا، سلاحه المحبة، والدعوة إلى الإخاء الإنسانى، اتخذت هذه الصحف من عريه مادة للسخرية به، وترويج الدعايات عنه، وسرد وقائع غير الحقيقة والملفقة، وضاع «سحر غاندى» غير المنكور، وانطفأت أضواء شهرته الساطعة، وعاد مهزوما مغلوبا على أمره»، ويقول «رضوان»: «أشفق عبدالناصر من أن يصل إلى هذه النتيجة».


فى يوم 12 أغسطس، مثل هذا اليوم 1956، وقبل انعقاد المؤتمر بأربعة أيام «16 أغسطس»، أصدر «عبدالناصر» بيانا برفض الدعوة للحضور، وقال فيه: «الحكومة المصرية لتعجب أشد العجب، لأن بريطانيا قررت الدعوة لمؤتمر يبحث الأمور الخاصة بقناة السويس - التى هى جزء لا يتجزأ من مصر - بدون أى تشاور مع مصر، الدولة صاحبة الشأن المباشر، كما أن حكومة المملكة المتحدة انفردت بتحديد الدول التى تحضر وهى 24 دولة، علما بأن الدول التى استخدمت القناة عام 1950 ليس أقل من 45 دولة، وترى الحكومة المصرية أن المؤتمر المشار إليه، والظروف التى يجتمع فيها، لا يمكن أن يعتبر - بأى حال من الأحوال - مؤتمرا دوليا مختصا بإصدار قرارات، كما أن هذا المؤتمر ليس من حقه-بأى حال من الأحوال- أن يبحث فى أى أمر يتعلق بسيادة مصر، أو يمس سيادة جزء من أراضيها، وبناء عليه، فإن الدعوة لمثل هذا المؤتمر لا يمكن أن تقبلها مصر».


وأضاف البيان: «لما كانت مصر تؤمن بالعمل بكل ما فى وسعها للمحافظة على السلام العالمى، وتتمسك بتعهداتها فى ميثاق الأمم المتحدة، وبقرارات مؤتمر بإندونج التى توصى بحل المشاكل الدولية بالطرق السلمية، لذلك فإن الحكومة المصرية مستعدة للقيام وحكومات الدول الأخرى الموافقة على اتفاقية القسطنطينية سنة 1888 بالعمل على عقد مؤتمر منها، ومن بقية حكومات الدول التى تمر منها سفنها بقناة السويس».










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة