صرخات تحت القصف (الحلقة الأولى).. 58 ألف فلسطينى من ذوى الإعاقة يواجهون شبح الموت يوميا فى غزة.. شهادات تكشف معاناتهم بعد تدمير 90% من مراكز توفر خدماتهم.. و15 ألف أصيبوا بإعاقات دائمة بسبب العدوان.. فيديو وصور

الثلاثاء، 13 أغسطس 2024 08:00 م
صرخات تحت القصف (الحلقة الأولى).. 58 ألف فلسطينى من ذوى الإعاقة يواجهون شبح الموت يوميا فى غزة.. شهادات تكشف معاناتهم بعد تدمير 90% من مراكز توفر خدماتهم.. و15 ألف أصيبوا بإعاقات دائمة بسبب العدوان.. فيديو وصور معاناة ذوي الإعاقة في غزة
كتب أحمد عرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

<< والد طفل مصاب بالتوحد: يصرخ يوميا بسبب القصف وضاع 10 سنوات من تأهيله بعد العدوان 

<< أخصائي تربية لمرضى التوحد: لم يعد هناك رعاية للمرضى ولا يوجد مكان لعلاجهم

<< الاحتلال يقتل طفل مصاب متلازمة داون وأسرته: لم تستجيب إسرائيل لدعوات الصليب الأحمر لعلاجه

<< سيدة من ذوي الإعاقة: لا تتوافر الكراسي المتحركة ولا يوجد مدارس للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة

<< مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية: لا يوجد توفير لأطراف بديلة لذوي الإعاقة داخل غزة

 

58 ألف شخص في قطاع غزة من ذوى الإعاقة يعيشون ويلات حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر الماضي، هذا الرقم كان قبل العدوان وفقا لأخر تحديث كشف عنه الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطيني في 3 ديسمبر الماضي، ولم يضاف عليه الحالات التي فقدت ساقها أو يديها أو أطرافها نتيجة هذا العدوان، معاناة شديدة لتلك الفئة في ظل تدمير أكثر من 90% من مراكز خدمة ذوى الإعاقة بالقطاع، بجانب عدم توافر العلاج ودورات التأهيل لمصابي التوحد وغيرها من علامات الإعاقة العقلية والجسدية، وتزداد الصعوبة عند النزوح مع عدم توافر كراسي متحركة بشكل كبير لأصحاب الإعاقة الجسدية.

عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في فلسطين
عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في فلسطين

قصة حزينة للطفل الفلسطيني محمد عبد الغني الشامي، الذي يبلغ من العمر 12 عاما، والمصاب بالتوحد وفرط الحركة، ظلت أسرته تتابع حالته الصحية في مراكز التأهيل بمصر والأردن قبل أن تعود لغزة ويلحق بمدارس الدمج، إلا أن العدوان منعه من الذهاب للمدرسة وفقد التواصل مع متخصصى التأهيل لتزداد حالته سوءا، محمد حالة ضمن 12 ألف حالة طفل فلسطيني مصاب بالتوحد زادت أوضاعهم سوءا خلال الحرب التي تخطت الـ10 أشهر، هذا بجانب حالة أسماء شحادة التي تعيش على كرسي متحرك بعد فقدان ساقها، وما شاهدته من أهوال داخل السمتشفى التي تعالج فيها بسبب العدوان، بالإضافة إلى محمود الكلوب الذي لم يعد قادرا التنقل من مكان لأخر بسبب عدم توافر وسائل التنقل، بالإضافة إلى عدم قدرته على إيجاد المكان المناسب للنزوح إليه.

ما سلط الضوء على معاناة ذوى الإعاقة، هو مشهد قتل الاحتلال للطفل الفلسطيني محمد صلاح بهار، المصاب بمتلازمة داون، عندما نهشت كلاب الاحتلال جسده، وتركته القوات الإسرائيلية ينزف لمدة أيام دون علاج، لتصعد روحه البريئة إلى السماء وهي تتسائل "بأي ذنب قتلت؟" وسط صرخات من أسرته التي استغاثت كثيرا بالصليب الأحمر لمحاولة إنقاذ ابنها المريض بعد أن منع الاحتلال أفراد عائلته من الوصول إليه ولكن صرخاته ذهبت دون جدوى، وفي الحلقة الأولى من التقرير نسلط الضوء على حالات الأطفال والسيدات ذوي الإعاقة وحجم معاناتهم وانتهاكات الاحتلال ضدهم والتي وصلت إلى حد قتلهم بشكل مباشر.

وفقا لتقرير الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطيني، الصادر في 3 ديسمبر الماضي، كشف أن هناك 115 ألف فرد من ذوي الإعاقة في فلسطين قبيل العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، يشكلون ما نسبته 2.1% من السكان، بواقع حوالي 59 ألف فردا من سكان الضفة الغربية، يشكلون 1.8% من اجمالي سكان الضفة ونحو 58 ألف فردا من سكان قطاع غزة يشكلون 2.6% من اجمالي سكان قطاع غزة. في حين شكلت نسبة الإعاقة بين البالغين 18 سنة فأكثر 3%، بواقع 2.6 % في الضفة الغربية و3.9 % في قطاع غزة، معلنا تسجيل محافظة شمال غزة أعلى نسبة انتشار للإعاقة وبلغت حوالي 5%، يتبعها محافظة دير البلح 4.1%، فيما سجلت أدنى نسبة انتشار في محافظتي رام الله والبيرة وأريحا والأغوار بنسبة بلغت حوالي 2% لكل منهما.

نسب الإعاقات في مدن فلسطين
نسب الإعاقات في مدن فلسطين

تضاعف أعداد الأفراد ذوي الإعاقة في قطاع غزة

وكشف تقرير الجهاز الفلسطيني،  تضاعف عدد الأفراد ذوي الإعاقة في قطاع غزة من 24,608 ليصل 48,140 شخصا منذ عام 2007 وحتى عام 2017، وفي عام 2022 بلغ عدد الافراد ذوي الإعاقة المسجلين 55,538 شخصا، حيث تشكل الإعاقة الحركية 47% منها، مؤكدا أن  الحرب في قطاع غزة كان سببا في الاعاقات الحركية لحوالي 2000 فرداً بالغاً مشكلة ما نسبته 9% من الأفراد البالغين من ذوي الإعاقة الحركية ولحوالي 3% من الأطفال دون الـ18 من ذوي الإعاقة، كما أن الأسباب المرتبطة بالإجراءات الإسرائيلية والحروب كانت السبب في إحداث إعاقة واحدة على الأقل لحوالي 6% من الأفراد 18 سنة فأكثر، 8% في قطاع غزة مقابل 4% في الضفة الغربية.

تحدثنا خلال السطور السابقة عن حالة محمد عبد الغني الشامي، ابن قطاع غزة، المصاب بالتوحد، والذي جاءت حرب الإسرائيلية الأخيرة لتزيد معاناته، حيث تواصلنا مع والده عبد الغني الشامي الذي أكد أن الحرب على غزة أثرت على كل فئات الشعب الفلسطيني وربما يكون ذوى الاحتياجات الخاصة أكثر الفئات تضررا منها نظرا لأن عمليات النزوح صعبة دائما عليهم، كما أن عملية الهروب تكون صعبة أيضا، بجانب عمليات القصف مما يزيد من معاناة أصحاب الإعاقة الجسدية أو العقلية، ويصبح عليهم مشاكل كثيرة.

عدد الإعاقات في غزة
عدد الإعاقات في غزة

1200 طفل مريض بالتوحد يعاني في غزة بسبب العدوان

"يوجد في قطاع غزة حوالى 1200 طفل مصابون بالتوحد بفئاته سواء فرط الحركة أو التوحد الكامل أو الجمع بين فرط الحركة والتوحد ومسمياته المختلفة وأحد هذه الحالات هو ابنى محمد الذي يبلغ من العمر 12 سنة وتأثر كثيرا بهذه الحرب"، هنا يشرح عبد الغني الشامي، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" في غزة، قصة معاناة نجله المصاب بالتوحد مع تلك الحرب، كاشفا التاريخ المرضي لـ"محمد" قائلا :"على الصعيد الشخصي منذ اكتشاف حالة محمد مبكرا في سن عامين بادرت بعالجه في الأردن ومصر وسعيت أن يتم عملية علاجه سريعا ووصلنا لنتيجة من الأطباء في مصر والأردن أن حالة محمد لا تحتاج لأي نوع من العلاج ولكن تعديل سلوكى ويحتاج لمركز كي يعقد له دورات تأهيل".

معاناة محمد مريض التوحد لا يتلقى دورات تأهيل بسبب العدوان ويصرخ بشكل دائم نتيجة القصف

ويضيف :"بعد ذلك ظل محمد في المركز 7 سنوات وبعد 7 سنوات تم نقله للمدرسة النظامية لأن وضعه تحسن نوعا ما ودرس في المركز الصف الأول والثاني ونقل إلى الصف الثالث لمدارس الدمج بمدارس نظامية في غزة ودرس في الصف الثالث مع بداية الدراسة جاء العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر في غزة، حيث نتحدث عن 10 أشهر من قصف وغارات وخوف والإنسان الطبيعي يخاف ويكون قلق بشكل كبير فما بالنا بحالات ذوى الهمم".

يشرح عبد الغني الشامي، حجم معاناة الأسرة مع محمد في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي، حيث يقول :"كان عبء كبير علينا وحاولنا أن نساعده ولكن كانت الظروف صعبة ونتحدث عن حرب إبادة صعبة، خلال السنوات الـ10 الماضية التي عملنا على تأهيله كأنها لم تكن لأن وضعه ساء أكثر بسبب الحرب واضطررت خلال الحرب أن أحضر له المعلم الذي كان يرافقه في المدرسة كي يأتي ويخاطر بنفسه ويعطيه جلسات كي يستفيد ويتحسن حالته لكن لسوء الظروف الأمنية مرة لدينا ومرة لدى المعلم ومرة بسبب الوضع العام اضطررنا أن نوقف وصوله ".

ويكشف "والد محمد" الأعباء المالية عليه وكذلك المخاطر التي يتعرض لها أخصائي التربية الخاصة من أجل إجراء دورات تأهيل لابنه، قائلا:" الإخصائي يخاطر بنفسه ويأتي من أماكن بعيدة كي يعطي محمد جلسة تتراوح بين 4 ساعات وهي عبء مالى أخر، حيث نتحدث عن مبلغ من 200 – 300 دولار مواصلات المعلم بالإضافة إلى المصروفات الأخرى التي نتكبدها خلال 10 شهور دون عمل أو دخول ودون أن يدخل على الإنسان أي شيء من المال ونأمل أن تتوقف هذه الحرب ويتمكن أن يستعيد لياقته وأن تكون هناك مراكز ومؤسسات أفضل رغم أن المؤسسات والمدارس 80 % تم تدميرها بجانب المؤسسات والمراكز الخاصة بالتأهيل".

ويواصل عبد الغني الشامي الحديث عن معاناة نجله قائلا :"محمد دائما بصرخ مضايق وهو بحاجة لتفربغ نفسي متواصل للتغلب على فرط الحركة وبحاجة لأماكن ترفيه ولعب وهي غير متوافرة في ظل الحرب، يشعر أن هناك حرب لكنه لا يخاف من أصوات القصف فلا بعرف معنى الخطر لكنه يعبر بطرق أخرى كعض يده اليمني".

الأمم المتحدة تكشف قتل الاحتلال أحد فاقدي البصر وتعرض فتاة وطفل من ذوى الإعاقة

وفي 27 مايو الماضي أكدت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة أن الأشخاص ذوي الإعاقة في غزة يعيشون في حالة من الكرب الشديد ويتوقعون أن يكونوا أول أو لربما ثاني من يقتل بسبب محدودية فرص الفرار أو المشاركة في عمليات الإخلاء نتيجة عاهاتهم، لافتة إلى أن غياب الإنذار المسبق بصيغ ميسرة، إلى جانب تدمير شبكات الاتصالات، جعل عملية الإخلاء مستحيلة بالنسبة إلى الفلسطينيين ذوي الإعاقة.

منظمة الأمم المتحدة
منظمة الأمم المتحدة

واستشهدت اللجنة في بيان نشرته عبر موقعها الرسمي، بحالة لم تسميها واكتفت بقول "ي. م"، وهو محام يعمل لدى إحدى المنظمات غير الحكومية، ويعاني من عاهة بصرية منعته من الفرار من منزله الذي يقع في منطقة تتعرض للاعتداءات والقصف، وقتل في منزله في 7 ديسمبر 2023، تاركا وراءه أربعة أطفال تتراوح أعمارهم بين 2 و3 و8 و10 سنوات، محذرة من أن الأطفال ذوي الإعاقة معرضون لخطر الفصل عن الأسرة أكثر من غيرهم، وأن معاناتهم لا تحتمل.
وأعلنت اللجنة الأممية عن صدمتها برواية فتاة تبلغ من العمر 14 عاما مصابة بشلل دماغي، لاجئة من شرق رفح، فقدت خلال الهجمات العسكرية أجهزة المساعدة الخاصة بها، بما في ذلك كرسيها المتحرك، فاضطر أهلها إلى حملها أثناء فرارهم من شمال غزة إلى جنوبها، كما بكت الفتاة المنهكة والمعرضة للخطر وصرخت يائسة: "خلص يا ماما.. اتركوني هنا واهربوا أنت، حيث كان الخوف ينتابها نتيجة التحذيرات من العمليات العسكرية في رفح في مطلع مايو الماضي كما أنها لا تزال معرضة لخطر النزوح من جديد من دون الأجهزة التي تساعدها على الحركة.


وأعربت اللجنة عن استيائها من أن الأطفال في المخيمات والخيام المكتظة باللاجئين فقدوا فرصتهم في التعليم والتأهيل، ومن بينهم مثلا طفل فلسطيني يدعى أمير، وهو طفل يعاني من إعاقة ذهنية فر مع والدته وشقيقه من خان يونس، وتدهورت حالته وأصبح متوترا للغاية منذ انتقاله إلى الخيمة، مؤكدة قلقها البالغ حيال الآثار غير المتناسبة على الأشخاص ذوي الإعاقة بسبب تدمير المستشفيات وانقطاع الخدمات الأساسية والقيود المفروضة وعدم القدرة على الوصول إلى أي مساعدات إنسانية.

محمد عبد الغني الشامي أحد المصابين بالتوحد في غزة
محمد عبد الغني الشامي أحد المصابين بالتوحد في غزة

الحرب زادت أوضاع ذوى الإعاقة سوءا ولم يعد يلقون رعاية لازمة أو دورات تأهيل

وأرسل عبد الغني الشامي، فيديو خاص للمعلم محمد الغول، أخصائي التربية لمرضى التوحد، الذي يكشف فيه عن تأثير الحرب على أطفال التوحد، قائلا إن محمد عبد الغني الشامي كان طالبا في المدرسة الخاصة بالدمج ويتأثر بأي فوضى حتى لو كانت قليلة، مؤكدا أن الحرب على غزة مؤثرة للغاية على محمد وأطفال التوحد.

ويضيف محمد الغول، أن الأطفال مصابي التوحد يحتاجون لرعاية باستمرار سواء رعاية تعليمية أو علاج وظيفى ومن كل النواحى لكن الحرب على غزة جعلت الأطفال الطبيعيين لا يتمتعون برعاية وبالتالي كان تأثيرها كبير على أطفال التوحد مثل محمد وغيره والتي كانت الرعاية بهم سيئة للغاية بسبب ظروف الحرب.

ويؤكد محمد الغول، أن الحرب كانت مؤثرة بشكل سئ للغاية على محمد وأمثاله من المصابين بالتوحد بسبب الظروف المعيشية والتعليمية، وهؤلاء الأطفال يحتاجون أماكن هادئة ومدارس دمج مناسبة لهم ويحتاجون الذهاب كل يوم لمدارس الدمج ويندمجون مع الأطفال في المدرسة وتوفير الأدوات لمناسبة لعلاجهم، متابعا :" الآن لا يوجد مكان مناسب ولا ظروف مناسبة أو أدوات مناسبة وأنا كمعلم لا أجد مكان مناسب لعلاج محمد واستيعاب حالته النفسية السيئة للغاية، حيث أصبح الطفل خائف دائما من أصوات القصف ولا استطيع أن أدمج الطفل معي وأجعله يتقبلني يستجيب لدورات التأهيل التي أعدها له ، واضطررنا أن نبدأ معه التعليم والتأهيل من البداية بعد أن علجناه لسنوات عديدة بسبب تأثير تلك الحرب عليه مما تسبب في تأخر كبير في حالته".

وأشارت أحدث إحصائيات وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية، إلى أن ما لا يقل عن 8000 شخص ممن هم في سن الدراسة استشهدوا في قطاع غزة، إضافة إلى 350 شهيدا من المعلمين والمعلمات، وهناك أكثر من 12500 طالب جريح، بينهم 2500 أصبحوا من ذوي الإعاقة.

ويتابع: "أنا كمعلم لمحمد لم أره بسبب ظروف الحرب سوى مرة أو اثنين وبسبب بعد المسافة وتواجد الاحتلال بين المناطق الواقعة بين منزلي ومنزل أسرة محمد مما زاد من تدهور حالة محمد عبد الغني، وسلوكياته زادت سوءا بسبب تلك الحرب وعدم وجود رعاية بجانب معاناة الأهل مع محمد بسبب عدم ضبط السلوك، وأسرة محمد غير قادرة على التعامل معه كطفل يحتاج إلى رعاية خاصة، خاصة أنه يحتاج إلى الذهاب للمتنزهات وأماكن ترفيهية وهذا الأمر غير موجود الآن".

محمد عبد الغني الشامي من ذوى القدرات الخاصة ومعلمه محمد الغول
محمد عبد الغني الشامي من ذوى القدرات الخاصة ومعلمه محمد الغول

الكراسي المتحركة لا تكفى لعدد ذوي الإعاقة في غزة

المواطنة الفلسطينية، أسماء شحادة، من ذوي الإعاقة ممن بتر قدميها بسبب الحرب،  تؤكد أن الظروف سيئة للغاية بالنسبة لأصحاب الإعاقات في غزة والإمكانيات والأدوات المساعدة لهم أشبه ما تكون معدومة، ونسبة من تمكنوا من الحصول كرسي متحرك رقم ضئيل للغاية، بجانب عدم توافر عكاكيز.

وتضيف أسماء شحادة، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أن الوسائل المساعدة لذوى الإعاقة سواء الكراسي المتحركة أو العكاكيز قادرة على تسهيل حركتهم لكن تظل تلك الفئة في خطر شديد، وخلال النزوح الاضطراري يحتاجون للحمل ولا يستطيعون السير عبر الكراسي المتحركة.

وتحكي المواطنة الفلسطينية، قصة سيدة كانت تعالج معها في ذات مكان النزوح وكان ابنها ينقلها بالكرسي المتحرك من مكان لآخر حتى أصيب برصاص الاحتلال، قائلة :"كانت هناك سيدة كبيرة في السن مقعدة على كرسي متحرك، كان ابنها ينقلها من مكان لآخر، وعند دخول الجيش الاسرائيلي إلى المدرسة التي كنا ننزح فيها هربنا جميعا وأصيب ابنها في قدمه وظلت السيدة في الشارع لا ندري ما مصيرها إلى اليوم".

وتتابع :" الكراسي المتحركة لا تكفى لعدد الإصابات أو ذوي الإعاقة وكذلك لا يوجد مدارس للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في ظل هذا العدوان، كما أن عدد من فقدوا قدميهم وساقهم وأيديهم كبير للغاية، ومراكز التأهيل والمراكز الصحية التي تحتوي على الكراسي والعكاكيز تم قصفها وتدميرها بالكامل.

أسماء شحادة
أسماء شحادة

3 من بين كل 25 طفل يعاني من نوع أو أكثر من الصعوبات الوظيفية

من جانبها تؤكد نهاية عودة، مدير دائرة إحصاءات النوع الاجتماعي في الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أن جرحى العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر خاصة الأطفال الذين يشكلون معظم الجرحى يعانون من تداعيات مختلفة تتمثل في إصابات جسدية خطيرة تترك آثارا طويلة الأمد على صحتهم وحياتهم، قد يحتاجون إلى جراحات متكررة وعلاجات طبية مكلفة، كما أن الإصابات قد تؤدي إلى الإعاقة والعجز الدائم مما يحول دون تحقيقهم لإمكانياتهم الكاملة ويؤثر على مستقبلهم.

وتضيف مدير دائرة إحصاءات النوع الاجتماعي في الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، في تصريحات لـ"اليوم السابع"، أن حوالي 12% من الأطفال في فلسطين من عمر 2- 17 عاما يعانون من نوع أو أكثر من الصعوبات الوظيفية، وكان متوقع أن يصل عدد الأطفال ذوي الإعاقة في قطاع غزة في العام 2023 لنحو 98 ألف طفل في الفئة العمرية 2-17 سنة، منهم حوالي 6 آلاف طفل في الفئة العمرية 2-4 سنوات وما يقارب 92 ألف طفل في الفئة العمرية 5-17 سنة، حيث شكلت صعوبات التعلم الإعاقة الأكثر انتشارا بين الأطفال في العمر 2-17 سنة في قطاع غزة ويقدر عددهم بنحو 21,200 في العام 2023، في حين كانت الإعاقة السمعية الأقل انتشارا.

محمد صلاح بهار مصاب بمتلازمة داون قتله الاحتلال داخل منزله

لدينا أيضا قصة الطفل الفلسطيني محمد صلاح بهار، المصاب بمتلازمة داون والتوحد، والذي قتله الاحتلال الإسرائيلي داخل منزله خلال اقتحام الاحتلال لحي الشجاعية في مطلع يوليو الماضي، وأطلق الاحتلال كلابه لتنهش جسده، وتتركه ينزف الدماء حتى فارق الحياة، ورفضوا أي محاولات لعلاجه، ورغم تواصل الصليب الأحمر مع قوات الاحتلال المتواجدة في حي الشجاعية – مكان منزل محمد صلاح بهار  - إلا أن إسرائيل ظلت على موقفها رافضة تقديم أي علاج للطفل المصاب حتى اكتشفت أسرة محمد استشهاده في 10 يوليو الماضي.

محمد بهار المصاب بمتلازمة داون
محمد بهار المصاب بمتلازمة داون

ويكشف ميكائيل بهار شقيق، الشهيد محمد صلاح بهار، أن الاحتلال اقتحم منزل الأسرة في حي الشجاعية في أوائل يوليو الماضي، واعتقل أشقائه وقتلوا شقيقه محمد المصاب بالتوحد ومتلازمة داون، مشيرا إلى أن الاحتلال رفض مطالب أسرته بعلاجه بعد نهش الكلاب لجسده، أو تقديم أي أدوات لوقف النزيف، ومنعوا أسرته من دخول الغرفة التي يقيم فيها محمد بل تم اعتقال اثنين من أشقائه وإجبار باقي أفراد الأسرة على الخروج من المنزل.

ويوضح ميكائيل بهار، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، أنه بعد خروج قوات الاحتلال من حي الشجاعية، ذهبت الأسرة للمنزل لجدون محمد مربوط جرحه الذي تسبب فيه نهش الكلاب له وأهملت قوات الاحتلال علاجه وظل ينزف في الغرفة حتى استشهد وأصبح جثة شبه متحللة، مشيرا إلى أن شقيقه لم يكن قادرا على مساعدة نفسه لأنه مصاب بمتلازمة داون ودائما ما يحتاج لأفراد الأسرة لمساعدته في الطعام والشراب ولكن عندما اتقحم الاحتلال المنزل رفض دخول أي شخص من أفراد الأسرة لمحمد.

استشهاد أحمد العبادلة من أصحاب متلازمة داون بد استهداف طائرات "كواد كابتر" له

الشاب الفلسطيني أحمد سعيد العبادلة، من أصحاب " متلازمة داون" كان مصيره نفس مصير محمد صلاح بهار، حيث قتلته قوات الاحتلال في خان يونس، لتعثر أسرته على جثته بعد انسحاب جيش الاحتلال من خان يونس في 30 يوليو الماضي، حيث أكد الصحفي الفلسطيني يحيى يعقوبي، المقيم في غزة، أن أحمد سعيد العبادلة كان بالقرب من منزله قبل أيام في بلدة القرارة، قبل أن تلاحقه طائرات "كواد كابتر" وتطلق النار صوبه، وبعدها ظل مفقودا وسط مناشدات للبحث عنه حتى تمكن أقاربه بعد انسحاب جيش الاحتلال في 30 يوليو من العثور عليه شهيدا في شارع العبارة ببلدة القرارة شمال شرق خان يونس جنوب قطاع غزة .

الشهيد أحمد العبادلة من أصحاب متلازمة داون
الشهيد أحمد العبادلة من أصحاب متلازمة داون

صدمات نفسية وصعوبة النزوح تحديات تواجه ذوى الإعاقة في غزة

وفي 29 يونيو الماضي، أصدر قطاع تأهيل الأشخاص ذوى الإعاقة فى شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، بيانا أكد فيه أن المئات من ذوى الإعاقة فى غزة قتلوا والآلاف أصيبوا، بالإضافة إلى نزوح عشرات الآلاف من الأشخاص ذوى الإعاقة وتعرضهم لظروف النزوح الصعبة، فضلا عن الصدمات النفسية الصعبة التى يتعرضون لها، بجانب تدمير جيش الاحتلال الإسرائيلى البنى التحتية والطرق الرئيسية والمواءمات ومقرات المنظمات العاملة فى مجال التأهيل، تسبب فى الحد من قدرة الأشخاص ذوى الإعاقة على الحركة والوصول إلى الخدمات، وبالتالي الحد من فرص التنقل والإخلاء، ما عرض ويعرض حياتهم للخطر الشديد، بالإضافة إلى خسرانهم لأدواتهم المساعدة بسبب اضطرارهم إلى ترك الأدوات المساعدة.

عدم توافر مراكز تأهيل لذوى الإعاقة بسبب العدوان

وتعليقا على البيان، تحدثنا مع أمجد الشوا مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، الذي أكد أن أوضاع الأشخاص ذوى الإعاقة في ظل الحرب على غزة أكثر تعقيدا بسبب الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني مما أدى إلى سقوط مئات الشهداء من ذوى الإعاقة بالإضافة إلى أن هناك جرحى منهم وهناك من تعقدت أمورهم سواء على الصعيد ظروف الإعاقة أو الاحتياجات الخاصة بهم في ظل النزوح المتكرر وافتقادهم الأدوات المساعدة وعدم القدرة على صيانتها وعدم توافر بديل لتلك الأدوات المساعدة.

"الاحتلال الإسرائيلي يمنع دخول الأدوات المساعدة لذوى الإعاقة في غزة"، هنا يكشف أمجد الشوا في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، من غزة، أسباب تفاقم أزمة ذوى الإعاقة في القطاع مع استمرار الحرب، كاشفا أن هناك 13 – 15 ألف أصيبوا بإعاقات دائمة بسبب العدوان الإسرائيلي وجميعهم الآن يعيشون في ظروف صعبة للغاية خاصة.

ويشير إلى أن هناك حالات بتر سواء لطرف أو أكثر وهناك عدم توافر مراكز تأهيل، بجانب عدم توافر الاحتياجات الخاصة بتلك الفئة، بالإضافة إلى الوضع الطبي السئ للمستشفيات التي خرج معظمها عن الخدمة، وكذلك عدم القدرة على تأهيلهم وتوفير أطراف بديلة لهم داخل القطاع.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة