محمد أحمد طنطاوى

"البابل شيت" المتهم الأول فى أخطاء الثانوية العامة

الأربعاء، 14 أغسطس 2024 10:02 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لا يمكن إنكار الأخطاء والمشكلات المرتبطة بمنظومة الثانوية العامة في مصر بشكلها الحالي، بداية من دور المدرسة والمعلم، مروراً بالدروس الخصوصية، والامتحانات المركزية، ثم الدرجات والمستوى الحقيقي لمهارات الطلاب في ضوء امتحانات "البابل شيت" التي تعتمد على الاختيار من متعدد، وتغيب فيها الأسئلة المقالية إلا بنسبة محدودة، والاختبارات القادرة على قياس مستويات التعلم، وتؤهل الطالب لمرحلة التعليم الجامعي، والمجالات التي يمكن الدراسة فيها بصورة موسعة أكثر تخصصاً.

في بلد بحجم مصر، 110 ملايين مواطن، 27 محافظة، و700 ألف طالب يؤدون امتحانات موحدة " الثانوية العامة"، في توقيت واحد، داخل عشرات الآلاف من اللجان الامتحانية، بكل ظروفها وأحداثها وعوارضها، لابد أن ينتج عنها مشكلات وأخطاء، بعضها يتعلق بأداء بعض المسئولين عن العملية التعليمية بين الخبرة والسطحية، وبعضها الآخر يتعلق بنظام وضع الامتحانات الجديدة، وبنوك الأسئلة الجاهزة، وعمليات التصحيح الإلكتروني، القادرة على تصحيح آلاف الأوراق دون تدخل بشري في ساعات معدودة.

لظروف فيروس كورونا في عام 2020، والخوف من التجمعات البشرية، وانتشار العدوى، بدأت فكرة " البابل شيت"، وهي عبارة عن ورقة للأسئلة، وأخرى للإجابة، ونقاط اختيارية بنسبة 85%، و15% أسئلة مقالية إجاباتها مختصرة، وهنا اختفى دور المصحح اليدوي، وارتفعت أسهم التصحيح الإلكتروني، وباتت فكرة "كراسات الإجابة" قضية من الماضي، يعرفها فقط من مر بالثانوية العامة في فترات سابقة، وليس الأجيال التي ولدت في مطلع الألفية الثالثة، لذلك لم نعد نرى الأسئلة التي تختبر قدرات الطالب على التعبير سواء في الشعبة العلمية بفرعيها، أو الأدبية.

الحقيقة أن نظام "البابل شيت" كان ابنه الشرعي الأول هو "الغش"، وهذا ما نراه جلياً في بعض اللجان التي تتطابق أو تتشابه درجات طلابها في عدد من المواد، نظراً لسهولة الغش، وسهولة انتقال الإجابات بين طالب وآخر، بينما الابن الشرعي الثاني، هو الأخطاء المتعلقة بالتصحيح الإلكتروني، التي تتعامل فقط مع اختيارات ونماذج إجابة دون إبداع أو إدراك لمهارات الطالب.. قديما كانت هناك قاعدة ذهبية في تصحيح الامتحانات تقول "كل إجابة معقولة صحيحة"، فلو افترضنا أن جزئية البلاغة في امتحان اللغة العربية جاء بها سؤال يقول: ما مضاد كلمة جميل ؟ دون وجود اختيارات متعددة، فهناك من يكتب "قبيح" وآخر يكتب "دميم"، وثالث يكتب "بشع أو مشوه" وهكذا.. كلها إجابات صحيحة وسليمة للسؤال المطلوب، لكن في التصحيح الإلكتروني و"البابل شيت" يجب أن تكون إجابة واحدة وما دونها خطأ، وهذا ما حدث في السؤال رقم 34 الشهير بامتحان الفيزياء، فقد كانت له أكثر من إجابة صحيحة، ضمن الاختيارات المتاحة.

من وجهة نظري أتصور أن الخطأ الأكبر الذي وقعت فيه وزارة التربية والتعليم هو التعجل في إعلان نتيجة امتحانات الثانوية العامة 2024، في حين كانت هناك لجنة فنية تراجع وتُقيم امتحان مادة الفيزياء، وتدرس الصواب والخطأ في إجابات الطلاب، وتقديم الفتوى الصحيحة حول السؤال اللغز "رقم 34"، فكان لابد أن تنتظر الوزارة قرار هذه اللجنة، مهما كانت المدة الزمنية التي استغرقتها، بدلا من إعلان النتيجة ثم تعديلها مرة أخرى، بعد مرور أسبوع كامل، فهذا إجراء لا ينم عن احتراف أو خبرة في التعامل مع ملف شائك مثل الثانوية العامة، لكن وللحق أقول هناك نقطة إيجابية مهمة تُحسب في هذه الواقعة الشهيرة، و هي شجاعة من اتخذ القرار بالإعلان عن مشكلة امتحان الفيزياء، وتفضيله التحرك في مسار مصلحة الطالب، بدلا من تجاهل المشكلة أو الاعتراف بها، فهذا مبرر قوي يشير إلى شفافية في التعامل مع هذه الأزمة.







مشاركة



الموضوعات المتعلقة

الأسواق الناشئة تدفع الثمن

الأربعاء، 07 أغسطس 2024 11:19 ص



الرجوع الى أعلى الصفحة