أكرم القصاص

مصر وفلسطين والسياسة فى مواجهة مناورات نتنياهو!

الأربعاء، 14 أغسطس 2024 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

رغم مرور أكثر من شهرين ونصف الشهر على قرار مجلس الأمن بالموافقة على مشروع قرار أمريكى بوقف إطلاق النار فى غزة، فقد تعثر القرار، وسط موقف أمريكى متردد ومزدوج تعثر التطبيق لأسباب متعددة أبرزها استمرار نتنياهو فى حرب الإبادة، وإعلان أن المشروع لا يلبى مطالب الاحتلال فى القضاء على المقاومة واستعادة المحتجزين، وطوال الشهور الماضية سعت مصر مع أطراف إقليمية ودولية للتوصل إلى وقف الحرب، ومواجهة مناورات نتنياهو الذى يسعى لأهداف سياسية والبقاء فى الواجهة من خلال تسويق عمليات الاغتيال باعتبارها انتصارات تحقق أهدافا أعلنها بعد 7 أكتوبر.

وسعت مصر مع الولايات المتحدة وقطر للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وإنهاء معاناة سكان غزة، لكن سلوك الولايات المتحدة ظل متناقضا مع خطاب يتحدث عن دعوة إسرائيل لاتخاذ التدابير اللازمة لحماية المدنيين الفلسطينيين، متناقضة مع خطاب أمريكى وسياسة تدعم الاحتلال والسلوك العدوانى لحرب الإبادة.

عندما أعلن الرئيس بايدن عن المشروع، أعلنت حركة حماس قبول الصفقة، واستعدادها للتفاوض حول إنهاء الحرب، لكن التعنت الإسرائيلى عطل تنفيذ الاقتراح، بجانب استمرار الضغط الإسرائيلى على الولايات المتحدة وممارسة ابتزاز سياسى، استغلالا للانتخابات والسباق بين الجمهوريين والديمقراطيين للحصول على دعم كل الأطراف.

ومؤخرا فإن البيان الثلاثى المصرى الأمريكى القطرى، جدد الدعوة لوقف الحرب، وأصدرت حركة حماس بيانا حول البيان الثلاثى بشأن مفاوضات وقف إطلاق النار أكدت فيه أنها حرصت على إنجاح جهود الأشقاء الوسطاء فى مصر وقطر، للوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء حرب الإبادة الجماعية على شعبنا، وأكدت دعمها لأى جهد يحقق وقف العدوان، وذكرت أنها خاضت جولات مفاوضات عديدة، وقدمت كل ما يلزم من مرونة وإيجابية من أجل تحقيق أهداف ومصالح شعبنا وحقن دمائه ووقف الإبادة الجماعية بحقه، وبما يفتح المجال لعملية تبادل للأسرى وإغاثة شعبنا وعودة النازحين وإعادة إعمار ما دمره العدوان، وفى هذا السياق وافقت الحركة على مقترح الوسطاء فى 6 مايو الماضى، ورحبت بإعلان الرئيس بايدن فى 31 مايو وبقرار مجلس الأمن 2735، وهو ما قابله نتنياهو بالرفض وشككت حماس فى نية الاحتلال.

وبالتالى فإن الاحتلال يبدو أنه يصر على إفشال إنهاء الحرب، وهو ما ظهر فى مجازر ارتكبها الاحتلال حتى بعد البيان الثلاثى، رغم أن الاتحاد الأوروبى أيد البيان الثلاثى، وأصدر البيت الأبيض بيانا  أمريكيا أوروبيا يدعم البيان الثلاثى لقادة مصر والولايات المتحدة وقطر، بشأن استئناف مفاوضات الهدنة فى قطاع غزة، وأن يقوم جميع أطراف محادثات الهدنة فى غزة بما يتوجب عليهم فعله.

الواقع أنه بالرغم من أن الولايات المتحدة طرف فى التحركات لكنها تمارس تناقضا، وتفتح مجالات للمناورات الإسرائيلية، بل وأيضا السلوك العدوانى باقتحام وزير متطرف للمسجد الأقصى أو استمرار الحرب، وكلها سلوكيات تتضمن استفزازا عدوانيا، ومناورات هدفها توسيع الصراع الإقليمى، مع إيران أو حزب الله، وهو ما لم يتحقق، ونجحت الجهود الإقليمية والدولية فى امتصاصه وجعله فى إطاره الممكن، وحرصت إيران على تأكيد عدم رغبتها فى الدخول فى حرب واسعة، وهو ما فوت الفرصة على مناورات الاحتلال.

ورغم كل هذا فإن السلوك العدوانى المتطرف لنتنياهو، يجعل من الصعب توقع أن يسفر لقاء المفاوضات غدا عن نتائج، ما لم تكن هناك مواقف أمريكية حاسمة، وتجاوز مناورات نتنياهو، والعناد الذى يمارسه وأعضاء حكومته المتطرفون، فى حرب تمثل تحولا فى سياقات الحروب السابقة، فقد استمرت الحرب على غزة أكثر من 10 شهور، وهى أطول مواجهة، كما أن أكثر من 40 ألفا بين أطفال ونساء سقطوا، وحجم الدمار يمثل تحولا كبيرا واسعا وعميقا فى صراع تجاوز السبعة عقود.

كل هذا يتطلب معالجة أكثر قدرة على تجاوز مناورات الاحتلال، وربما تفرض هذه التحولات تغييرا فى طريقة التعامل من كل الأطراف، باعتبار أن القتال هو وسيلة وجولة من جولات الحرب، والهدف هو تحقيق نتائج سياسية توازى الخسائر والتضحيات، وهذا هو جوهر السياسة التى تتعامل مع المناورات وتتفاعل مع التحولات.

كل من يتابع الموقف يرى كيف تتحرك مصر بدقة وتتعامل مع تقاطعات وتشابكات ومناورات كل الأطراف، وتواجه ابتزازا وضغوطا وتتعامل معها بما يناسبها، حملات من الأكاذيب والهجوم من قبل الاحتلال الذى يتهم  مصر بالانحياز  للفلسطينيين، وهو واقع يفرضه التاريخ والموقف، ومع هذا تتعامل فى المفاوضات باحترافية هدفها هو حماية الفلسطينيين وتفويت الفرصة على إشعال حروب إقليمية. وتحرص على إعلان رفض التهجير والتصفية وتواجه الأكاذيب والابتزاز فى آن واحد، وتدعم وحدة الفلسطينيين، وتدفع إلى حل الدولتين، وهو سياق صعب ودقيق لا تقدر عليه سوى مصر.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة