يستحيل أن تحدث تنمية أو نهضة في البلاد دون وعي ثقافي، قائم على المعرفة وتنوعاتها، وما يرتبط بها من ممارسة عملية من خلال بيئات آمنة تمتلك مناخًا فعالًا ومقصودًا، ومن ثم يتكون لدى الإنسان الضمير الوطني الذي يوجهه ويحثه نحو كل ما هو مفيد؛ ليعمل دون كلل أو ملل، وعليه، لابد أن نعترف بأن الوعي الثقافي في صورته الصحيحة يحافظ على الدولة وكيانها، ويعد عاملًا رئيسًا لاستمرار بقاءها.
وهناك أسباب تؤكد على أن الوعي الثقافي يسهم في دعم الإنتاج المستدام ويقلل من ثقافة الاستهلاك؛ فالثابت أن هناك ضرورة لأن يفهم ويستوعب الفرد ماهية القيم والمعتقدات التي يدين بها المجتمع؛ فمن الضروري أن تتطابق القيم والمعتقدات التي يدين بها المجتمع، مع قيم ومبادئ الفرد الشخصية، ومن ثم يتوجب على الفرد تبني تصور يساعده في المحافظة على تراثه الثقافي وحمايته من التأثيرات الواردة عبر منابرها المختلفة الداخلية والخارجية.
ويدعم ما تقدم بصورة واضحة علاقة العادات والتقاليد واللغة والنسق القيمي وثيقة الصلة بالوعي الثقافي الذي يعبر في جملته عن ردود أفعال الفرد تجاه بيئته ومجتمعه فيما يرتبط بالسلوك والعادات والتقاليد واللغة والنسق القيمي القائم، وفي ضوء ذلك نجد أن من يمتلك الوعي الثقافي يستطيع أن يقدر مكانته ومجتمعه من العالم من حوله بسهولة؛ فوجدانه مرتبطًا بما تحمله ثقافة موطنه من أفكار ومعتقدات وقيم أصيلة، تنعكس بالإيجاب على سلوكه ونمط حياته.
والوعي الثقافي في جملته يؤكد على ردود أفعال الفرد تجاه بيئته ومجتمعه فيما يرتبط بالسلوك والعادات والتقاليد واللغة والنسق القيمي القائم، وفي المقابل يُكوِّن الوجدانيات لديه؛ ليوجه طاقته نحو تحقيق أهدافه البنّاءة لذاته ولمجتمعه، كما يقدر مكانته ومجتمعه من العالم من حوله.
إن العلاقة بين الوعي الثقافي والتنمية واستكمال بناء ونهضة المجتمع واضحة في الأذهان؛ حيث يصعب بحال أن تتحقق التنمية المستدامة في المجتمع بغياب الوعي الثقافي لدى أفراده؛ فنوقن بأن الأمن الفكري يرتبط بصورة الوعي الثقافي الصحيحة لدى الفرد والمجتمع، وأنه ضروري لحماية الفرد من محاولات تزييف الوعي أو تشويهه عبر الشائعات المغرضة، وفي ضوء ذلك يمكننا القول بأن تماسك المجتمع يتوقف على تماسك مكونه من خلال وعيه الثقافي العميق والأصيل؛ بالإضافة إلى أن الوعي الثقافي يحافظ على المجتمع وطوائفه من التفكك ويقضي على محاولات بث الفتن وإحداث الشقاق.
وفي ضوء ذلك يتحدد ما يقع على عاتق وزارة الثقافة كي تعمل على تنمية الوعي الثقافي بصورة مقصودة لدى الفرد والمجتمع أن تتبنى فلسفة التخطيط الاستراتيجي المقصود عبر أنشطة متنوعة تسهم في تنمية الوعي الثقافي وهذا أمرًا مهمًا تقوم به هيئاتها المختلفة، كما يتوجب أن تتأصل الهوية الثقافية والحضارية للوطن من خلال أنشطة ثقافية وفق تنوعاتها، ومن ثم ينبغي أن تحرص الوزارة ومؤسساتها على أن يستوعب الفرد نمطه الاجتماعي الذي يتسق مع قيمه الأصيلة والتي تعد ترسيخًا للهوية والمواطنة والاستقرار.
وينبغي أن تعمل وزارة الثقافة ومختلف هيئاتها بصورة ممنهجة على تعريف الفرد بمخاطر الهيمنة الثقافية للثقافات المستوردة بشتى تنوعاتها؛ فعبر تنوع الأنشطة الثقافية المقصودة المرتبطة بتنمية الوعي الثقافي تسهم في تزويد الشباب بالمعارف والقيم والقضايا المرتبطة بالجانب العقدي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي، والثقافي، والصحي، والتاريخي، ولا شك أن تنوع الأنشطة الثقافية المقصودة المرتبطة بتنمية الوعي الثقافي يؤدي إلى تنمية الخبرة المصبوغة بالاتجاهات الإيجابية والسلوكيات القويمة والمبادئ الأصيلة.
ويحض تنوع الأنشطة الثقافية المقصودة المرتبطة بتنمية الوعي الثقافي على تحمل المسئولية والرغبة في المشاركة التي تساعد في تنمية ونهضة مجتمعه على نحو مستمر ومستدام، كما يعمل تنوعها على تكوين متكامل للشخصية التي تنسدل من الطابع القومي العام؛ ليمتلك الفرد القاسم المشترك من العادات والتقاليد المشتقة من القيم المجتمعية الجامعة.
وجدير بالذكر أن توجيهات القيادة السياسية الرشيدة نحوأدراك أهمية تنمية الوعي الثقافي عبر مؤسسات الدولة المعنية يستهدف بصورة مباشرة دعم الإنتاج في صورته المستدامة ومن ثم يحد من ثقافة الاستهلاك كما أن هذا يسهم في تنقية الحس الوجداني لدى جموع الشعب من خلال نبذ القيم المستوردة والمستحدثة التي تفتك بالثقافة المصرية الأصيلة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة