تعتبر الصفحات القديمة من التاريخ البشرى مليئة بالمعلومات الرائعة عن الممارسات الطبية والعلاجات التى اتبعتها الحضارات القديمة، فمن أساليب الشفاء البدائية التى اتبعتها شعوب ما قبل التاريخ إلى الأنظمة الطبية المتطورة التى اتبعها الإغريق والمصريون والصينيون، أرسى الطب القديم الأساس لعلم الطب الحديث.
تتسم الممارسات الطبية المبكرة بترابط عميق مع السياقات الدينية والفلسفية والثقافية السائدة، مما يعكس نهجًا شاملاً للصحة يجمع بين الجوانب الجسدية والروحية والبيئية للحياة. إن دراسة تطور المعرفة الطبية، ودور المعالجين، وأنواع العلاجات المستخدمة، والإرث الدائم لهذه الأنظمة الطبية المبكرة تشكل رحلة استثنائية، وفقًا لموقع Ancient Origins.
تُعرف مصر القديمة بتميزها فى المعرفة الطبية، والتى تم توثيقها فى العديد من البرديات، مثل بردية إيبرس وبردية إدوين سميث. توفر هذه الوثائق رؤى شاملة حول الممارسات الطبية المصرية، مع تسليط الضوء على تقنيات التشخيص والعلاج والإجراءات الجراحية.
ارتبط الطب المصري ارتباطًا وثيقًا بالمعتقدات الدينية، حيث كان المصريون يعتقدون أن الأمراض ناتجة عن قوى خارقة للطبيعة مثل غضب الآلهة أو الأرواح الشريرة، كنتيجة لذلك، كان الكهنة فى كثير من الأحيان يقومون بدور المعالجين، حيث دمجوا بين العلاجات الطبية والصلوات والطقوس، كان الإله تحوت يُعظم كإله للطب والشفاء، بينما كانت الإلهة سخمت تُعتقد بأنها قادرة على التسبب فى الأوبئة وعلاجها.
كان استخدام العلاجات العشبية من أبرز جوانب الطب المصرى، حيث تسرد بردية إيبرس العديد من النباتات الطبية، مثل الصبار والثوم والعرعر، المستخدمة لعلاج أمراض متنوعة، كما مارس المصريون أيضًا إجراءات جراحية، مثل ثقب الجمجمة لعلاج إصابات الرأس، وطوروا شكلًا مبكرًا من طب الأسنان، بما في ذلك خلع الأسنان واستخدام الأطقم الاصطناعية.
أولى المصريون اهتمامًا كبيرًا بالنظافة والصحة العامة، مدركين أهمية هذه الممارسات في الوقاية من الأمراض. كانوا يستحمون بانتظام، ويستخدمون الناموسيات للحماية من الملاريا، ويطبقون مطهرات مثل العسل والراتنج لمنع عدوى الجروح. كما زودتهم ممارسات التحنيط، التي كانت تهدف إلى الحفاظ على الجثة للحياة الآخرة، بمعرفة واسعة بالتشريح البشري.
من جهة أخرى، أثرت الممارسات الطبية في اليونان القديمة بشكل كبير على تطور الطب الغربي. تطور الطب اليوناني من مزيج من المعتقدات الخارقة للطبيعة والملاحظات التجريبية، مما أدى في النهاية إلى ظهور نهج أكثر علمية للرعاية الصحية. لعب أبقراط، الذي يُعتبر "أبو الطب"، دورًا محوريًا في هذا التحول، حيث أسس هو وأتباعه مدرسة أبقراط للطب التي أكدت على أهمية الملاحظة الدقيقة وتوثيق الحالات السريرية. وقدمت النصوص المنسوبة إلى أبقراط وطلابه وصفًا للأمراض والعلاجات، داعيةً إلى نهج عقلاني ومنهجي في الطب.
كانت العلاجات تهدف إلى استعادة التوازن من خلال النظام الغذائي وممارسة الرياضة وغيرها من التدخلات. على سبيل المثال، كانت عملية إراقة الدماء تُستخدم لإزالة الدم الزائد، بينما كانت العلاجات العشبية والتعديلات الغذائية توصف لتصحيح اختلالات أخرى.