إسراء بدر

تصدى الأمهات لاحتلال الإنترنت لعقول أطفالهن.. متى تنتهى المعركة

الأحد، 18 أغسطس 2024 02:39 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

وسط التخوفات المثارة من سلبيات استخدم الشبكة العنكبوتية خاصة للأطفال والشباب في فترة المراهقة، تعانى الأمهات لتحقيق المعادلة الصعبة في كيفية جعل أطفالها يستخدمون الإنترنت فيما يفيدهم ويتجنبوا مشاهدة ما يؤذيهم خاصة أن هذه الأعمار ليس لديهم دراية بما هو مفيد أو مضر لعقولهم بل يخزنون كل ما يشاهدوه ويستفزهم فضولهم الطفولى في البحث عن المزيد، لنجد أن الإنترنت عبارة عن إحتلال لعقول الأطفال ولا بد من مواجهته بطريقة سليمة تتناسب مع عقول الأجيال الحالية وفى ذات الوقت دون منعهم من استخدامه بشكل تام لأهميته في أمور أخرى في زمننا الحالي.

وهنا أتحدث بقلب أم لطفلة وحيدة اسمها "حين" في السابعة من عمرها، اضطرتنا الظروف للعيش بمفردنا منذ عدة سنوات، نتشارك كافة الأمور الحياتية ويصفنا البعض بـ "التوأم الملتصق" لا يفصلنا عن بعضنا سوى الساعات التي تقضيها "حين" في مدرستها أما في العطلات الرسمية أصطحبها معى في كل مكان حتى العمل لنتشارك يومنا سويا، ولكن لا أخفى عليكم سرا فقد دقت الشبكة العنكبوتية ناقوس الخطر في قلبي عندما احتلت مكانة من عقل طفلتى وانشغلت عن الجلوس معى بتصفح مواقعها.
فقد بدأت رحلة طفلتى مع الإنترنت وهى في الرابعة من عمرها عندما وجدتنى أستخدم هاتفى المحمول من أجل مهام عملى فكانت تجلس بجوارى وتشاهد ماذا أفعل وكان لديها فضول في الإمساك بالهاتف والبحث في هذا العالم الغريب بالنسبة لها في ذاك الوقت، فكنت أترك لها الهاتف لدقائق فتدخل على الصفحات الخاصة بعملى وفى البداية كنت أحذرها من إرسال أو الضغط على أي شيء بالخطأ إلا أنها فاجئتنى مع الوقت أنها فتشت عن أمور في الهاتف لم أكن على دراية بها بل شرحتها لي، فكنت أفرح بذكائها وفهمها للتنولوجيا أكثر مني، ومع الوقت طلبت استخدام الـ "لاب توب" لمشاهدة الأفلام الكرتونية ومن هنا بدأت تبحث عن أفلامها المفضلة على مواقع الانترنت ومن هنا لم أشعر بالغيرة فقط على إبنتي التي انشغلت عني بل شعرت بالخطر عندما وجدتها تشاهد مقاطع فيديو تظهر لها بالصدفة تحمل ألفاظ ومشاهد لا يجوز لطفل أن يراها ولم تعتاد على سماع مثل هذه الألفاظ فدائما ما أحرص أثناء جلوسها وسط مجموعة ألا يتلفظ أحد بكلمة أخشى أن تكررها ولكن كيف لي أن أسيطر على ألسنة المتحدثين في هذه الفيديوهات؟!

تملكتنى الحيرة فإذا منعتها فسيكون الممنوع مرغوب وليس ذلك فحسب بل أنها بدأت تستمع لزملائها في المدرسة الذين يقصون لبعضهم عما يروه عبر الإنترنت وبالتالي فمهما أبعدتها عن هذه الشبكة العنكوبتية ستظل تحاومها من كافة النواحى، فبدأت أتركها تشاهد مقاطع الفيديو ولكن بعد البحث في الإعدادات عن المقاطع الغير أخلاقية وإظهار مقاطع بعينها أمامها ونجلس لمشاهدتها سويا وعندما ألاحظ تصرف أو لفظ يبتعد عن سلوكياتنا أنبهها بطريقة غير مباشرة وأحاول الشوشرة عليها لإغلاق هذا المقطع.

واخترعت قصة قبل النوم من تأليفي يوميا أحتضنها وأقص عليها قصة من أبطال وهمية أُدس فيها ما رأته عبر الإنترنت لأوجه عقلها بطريقة محببة لديها، وكان أفضل ما ساعدنى على ذلك أنها حتى إذا رأتنى انشغلت بأمر آخر وتركتها مع الإنترنت بمفردها فسرعان ما تأتى إلي فور إنتهاء الفيديو لتقص علي ما رأته بالتفصيل وبدأت تكرر نصائحى لها وملاحظاتى المتكررة من سلوكيات بعض أبطال مقاطع الفيديو.

وكان للقصص المصورة عامل هام في الإبتعاد عن المقاطع الغير محبذة فوجدنا قصص تعليمية بأسلوب محبب للأطفال كما رأينا قنوات تعليمية خاصة بهذه الأعمار فبدأت أُدسها بالتدريج لتشاهدها في فترة استخدامها للإنترنت التي أحاول بقدر الإمكان أن أقللها واستبدلها بأنشطة أخرى فتارة نأتى بأدوات الرسم ونتسابق فيمن يرسم لوحة أفضل ويدمج ألوان مميزة وتارة أخرى نأتى بألعاب لوحية تساعد على تنمية مهارات الطفل العقلية لأحاول ملء أوقات فراغها بأمور عديدة بدلا من اقتصار الأمر على الإنترنت فحسب.

وفى ظل كل هذا أحاول البحث باستمرار عن كيفية التحكم في إستخدام الإنترنت واستغلاله بشكله أمثل مع تطور عمر طفلتى فلكل عمرمرحلة عمرية معاملة مختلفة خاصة وسط الأجيال الحالية التي لا تشبه جيلنا على الإطلاق فكان أقصى طموحنا هو مشاهدة برامج الأطفال على القناتى الأولى والثانية، وكان السيطرة على عقولنا وتصرفاتنا أمر سهل لوالدينا وهو ما لا نجده في الأجيال الحالية خاصة مع التربية الحديثة.

وهذا يعتبر نموذج من قصص كثيرة حولنا في صراع دائم بين الأمهات ومحاربة احتلال الإنترنت لعقول أطفالهم وبث أخلاقيات وسلوكيات لا علاقة لنا بمجتمعنا أو تربيتنا وسيظل هذا الصراع مستمرا والمعركة تشتد، دون معرفة متى تنتهى الجولة، ومن الرابح الأخير.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة