تقترب الحرب فى غزة من إكمال شهرها الحادى عشر، ويظل الأمل فى وقف حرب الإبادة مرتبطا بمدى القدرة على تفهم لعبة السياسة والمناورات التى يمارسها الاحتلال، بجانب حساب المكسب والخسارة فى حال استمرار الحرب، أو توقف العدوان، ومدى قدرة الفصائل الفلسطينية على تفهم ما جرى على مدى هذه الشهور، خاصة أن هذه الجولة من الحرب هى الأطول فى تاريخ العدوان على غزة، بجانب أنها تعكس إصرارا إسرائيليا على الانتقام ومواجهة تداعيات عملية 7 أكتوبر.
وتعد زيارة وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن، الزيارة التاسعة للمنطقة والتى يبدأها بإسرائيل، ويفترض أن تحمل جديدا عما سبق، خاصة أنه لا يمكن التكهن بنتائجها، أو إذا كانت سوف تلحق بسابقاتها من الزيارات والتحركات التى قام بها وزير الخارجية الأمريكى، للمنطقة، وقد تم تأجيل زيارة بلينكن انتظارا لنتائج محادثات الدوحة لوقف إطلاق النار، التى تم استئنافها الخميس الماضى ويتوقع أن تستضيف القاهرة لقاء جديد يتابع ما تم التوصل إليه فى الدوحة، والتى تمت من دون حضور حماس، وإنما قدمت الحركة مطالبها بضرورة انسحاب الاحتلال من رفح والمحاور الفلسطينية.
رغم مرور أكثر من ثلاثة شهور على قرار مجلس الأمن بالموافقة على مشروع قرار أمريكى بوقف إطلاق النار فى غزة، فقد تعثر القرار، بسبب رفض الاحتلال ونتنياهو، الذى ادعى أن القرار لا يلبى مطالب القضاء على المقاومة واستعادة المحتجزين، بالرغم من أن الرئيس الأمريكى بايدن قال إن المشروع كله يحمل رؤية إسرائيلية، لكن مناورات نتنياهو تتواصل بحجج متنوعة، وتستغل الحملات الانتخابية الأمريكية فى مضاعفة المطالب، وهو ما يرفع من حالة الارتباك الأمريكية.
وطوال الشهور الماضية سعت مصر مع أطراف إقليمية ودولية للتوصل إلى وقف الحرب، ومواجهة الحرب التى تتصاعد وتمثل خطرا كبيرا، خاصة وقد أصبحت حرب إبادة ضد غزة، وقد سعت مصر مع الولايات المتحدة وقطر للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وجرت جلسات فى الدوحة، شهدت تطورات بالرغم من غياب حماس، لكن تنتظر أن تكون هناك خطوات من جانب الاحتلال، وهو ما يسعى وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن إلى تمريره، للحصول على خطوة لدعم موقف بايدن قبل إنهاء فترة رئاسته، لكون بايدن يظل هو الرئيس الأمريكى الوحيد الذى عجز عن إقناع الاحتلال بوقف الحرب، خاصة أن حماس أعلنت قبول قرار مجلس الأمن بوقف الحرب والذى صدر بداية يونيو الماضى.
وتتضمن المقترحات الأمريكية الجديدة خطوات وتفاصيل تتعلق بالتواجد الإسرائيلى والمحاور، وتفاصيل إدارة القطاع ما بعد الحرب، وهو ما يمثل بعض نقاط الخلاف ومدى القدرة على تقبل الأطراف لهذه المقترحات، التى قد تتعارض مع تصورات الأطراف، وبالتالى فإن المناورات الإسرائيلية، والمقترحات الأمريكية، تنتظر موافقة حماس والفصائل التى سبق وأعلنت فى بيانها أنها حرصت على إنجاح جهود الأشقاء الوسطاء فى مصر وقطر، للوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، وأنها قدمت كل ما يلزم من مرونة وإيجابية ووافقت على مقترح الوسطاء فى 6 مايو الماضى، ورحبت بإعلان الرئيس بايدن فى 31 مايو وبقرار مجلس الأمن 2735، وهو ما قابله نتنياهو بالرفض.
الواقع أن المقترحات الأمريكية الأخيرة تتبنى المطالب الإسرائيلية وتنحاز إليها، لكنها تتضمن بعض التفاصيل المتعلقة بعودة النازحين وموقف بعض الأسرى، لكنها قد تمثل خيطا لوقف الحرب، والعودة إلى المسارات السابقة، وتمثل حال قبولها التفافا على مناورات الاحتلال، ونتنياهو، والعناد الذى يمارسه وأعضاء حكومته المتطرفون، فى حرب تقترب من الشهر الـ11، وهى فترة غير مسبوقة فى العدوان وتتطلب معالجة أكثر قدرة على تجاوز مناورات الاحتلال، وتحقيق نتائج سياسية توازى الخسائر والتضحيات، وهو موقف يدعمه الموقف المصرى، والذى يصر على رفض التصفية والتهجير، وهى مخططات فشل الاحتلال فى تنفيذها، وتدعم مصر وحدة الفلسطينيين، وتؤكد أهمية وقف الحرب والبدء فى مفاوضات سلام تنتهى إلى حل الدولتين، وربما يكون على الجانب الفلسطينى دراسة نتائج الحرب وأسبابها وتفاصيلها، وتقييم ما تحقق، بعيدا عن أى تهوين أو تهويل فى حساب النتائج.
مقال أكرم القصاص فى العدد الورقى