في عام 2024 يحتفل العالم بمئوية ميلاد الكاتب العظيم فرانز كافكا (1883-1924)، الذي يعد واحدًا من أهم وأبرز الكتاب في الأدب العالمي، تتناول أعمال كافكا، التي كُتبت بالغة الألمانية، مواضيع العزلة، والعبث، والبيروقراطية، والتحول الإنساني، والتي ما تزال تثير إعجاب وتحليل القراء والنقاد على حد سواء. ويحتفل الأدباء والمثقفون حول العالم بهذه الذكرى، متذكرين تأثيره الكبير في الأدب والفكر الحديث.
وُلد فرانز كافكا في 3 يوليو 1883 في مدينة براج (عاصمة دولة التشيك حاليًا)، وكان ينتمي إلى عائلة يهودية ناطقة بالألمانية. عاش كافكا معظم حياته في براج، حيث كان يعمل موظفًا في شركة تأمين. وكان يكتب في أوقات فراغه. وعلى الرغم من حياته القصيرة، فإن كافكا ترك أثرًا عميقًا بأعماله الأدبية، التي لم تُنشر إلا بعد وفاته بفضل صديقه ماكس برود.
تعد روايات وقصص كافكا القصيرة من الأعمال الأدبية الأكثر تأثيرًا في القرن العشرين. مثل رواية المسخ (التحول) .Die Verwandlung (1915)وتحكي قصة جريجور سامسا، الذي يستيقظ ليجد نفسه قد تحول إلى حشرة عملاقة. وتعد هذه الرواية واحدة من أكثر أعمال كافكا شهرة وتحليلاً، وتكشف عن موضوعات العزلة والهوية الإنسانية. ورواية المحاكمة . Der Prozess (1925) وتصور قصة جوزيف ك.، الذي يُعتقل ويُحاكم دون أن يُعلم بالتهمة الموجهة إليه. وتتناول الرواية الطبيعة العبثية والبيروقراطية للنظام القضائي. وتعد واحدة من أهم الأعمال الأدبية في القرن العشرين. ورواية القلعة .Das Schloss (1926) وتتناول قصة رجل يسعى للوصول إلى قلعة غامضة، لكنه يواجه عراقيل بيروقراطية معقدة تحول دون تحقيق هدفه. وتعكس الرواية شعور الإنسان بالضياع والعجز أمام القوى الكبرى. ورواية أمريكا Der Verschollene (المعروفة أيضًا باسم "الذي اختفى") .(1927) وتحكي قصة شاب يُرسل إلى أمريكا لبدء حياة جديدة، ولكنه يواجه سلسلة من المواقف الصعبة والغريبة. وتقدم الرواية نقدًا للمجتمع الأمريكي الحديث والأحلام الكاذبة. ومن قصصه القصيرة، رسالة إلى الوالد Brief an den Vater (1919) . وهي رسالة طويلة كتبها كافكا إلى والده. وتعبر عن مشاعر الإحباط والتمرد تجاه السلطة الأبوية. وفي مستعمرة العقاب In der Strafkolonie (1919) . وتدور حول زيارة أحد الباحثين إلى مستعمرة عقاب غامضة، حيث يشهد تنفيذ حكم الإعدام بجهاز تعذيب معقد. وأبحاث كلب Forschungen eines Hundes (1922). ويرويها كلب يبحث في طبيعة وجوده وطبيعة الكلاب الأخرى، مما يعكس بحث الإنسان عن معنى الحياة. والفنانون الجياع . Ein Hungerkünstler (1924)وتتناول حياة فنان يعيش من خلال الصيام، مما يعكس التوتر بين الفنان والمجتمع وفكرة التضحية من أجل الفن.
لقد أثرت أعمال كافكا في العديد من الكتاب والفنانين في مختلف المجالات. ويُعرف أسلوبه الفريد بـ"الكافكوية"، الذي يعبر عن شعور بالعبث واللاجدوى وسط أنظمة بيروقراطية قمعية. وكان لأعماله تأثير كبير على الأدب الوجودي والحداثي، وأثرت في كتاب مثل ألبير كامو، وجورج أورويل، وصمويل بيكيت.
يُحتفل بكافكا اليوم في جميع أنحاء العالم من خلال نشر أعماله وترجمتها إلى العديد من اللغات. ويتم تنظيم معارض ومؤتمرات وندوات تدرس تأثيره وأعماله. وفي براج، يُعد كافكا رمزًا ثقافيًا مهمًا، وتُقام بالمدينة، وبالقاهرة، وبغيرهما فعاليات تذكارية تكريمًا له. وهناك متحف مخصص له في براج يعرض مقتنياته الشخصية وأعماله.
استطاع فرانز كافكا، الذي عاش حياة مليئة بالصراعات الداخلية والخارجية، أن يترك بصمة لا تُمحى في الأدب العالمي. وتُعد أعماله، التي تعبر عن عمق الوجود الإنساني وصراعاته، جزءًا أساسيًا من التراث الأدبي العالمي. في مئوية ميلاده، نتذكر كافكا بإعجاب وتقدير، ونعترف بتأثيره العميق والمستمر في عالم الأدب والفكر.