شيريهان المنيرى

وما الحياة إلا مدينة إعلامية

السبت، 24 أغسطس 2024 05:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كل فرد أصبح إعلاميًا أو صحفيًا دون أن ينتبه.. السوشيال ميديا فى كل مكان.. كليات الإعلام لن تفقد دورها بل يجب الاهتمام بتطويرها المُستمر.. والوعى أساس التنمية

نتابع هذه الأيام اهتمام الكثير من الأهالى بمستقبل أولادهم من خلال مساعدتهم على اختيار الكلية والتخصص المناسب لهم ولمستقبلهم، ومع متابعة الأمر، نرى تباينا فى الآراء، فهناك من ما زال على النمط القديم بأن كليات الطب البشرى والصيدلة هى الأساس والمستقبل، أو ربما نوع من الاعتياد على هذا الأمر، فهناك من تربى ونشأ على التفاخر بكون أولاده من «الدكاترة»، ليأتى فى مرتبة ثانية من العادات الأصيلة لدى المجتمع؛ رؤية الأهل بأن «المهندس» هو اللقب الأفضل لأولاده، فى حين أن هناك فئة كبيرة من المجتمع بدأت تُدرك وجود تخصصات حديثة أكثر أهمية من الاعتقادات القديمة الراسخة سابقة الذكر.


وبدأت تخصصات الهندسة الحديثة من برمجيات وذكاء اصطناعى فى الظهور على الساحة، وإيمان كثيرين بأهميتها خاصة فى ظل الرقمنة التى ألقت بظلالها على جميع مناحى الحياة، وأعتقد أن هذا الاهتمام الحالى يبدو كظاهرة صحية لمجتمع بدأ فى التكيف مع المتغيرات التى طرأت على الحياة ليس فقط فى مصر بل العالم أجمع، مما يتطلب رؤية وتوجهات وعادات مختلفة بعيدًا عن العادات والتقاليد والموروثات السائدة.


فى هذا السياق، نرى أيضًا الحديث حول كليات الإعلام، وجدوى الالتحاق بها، ونصائح هنا وهناك بعدم التفكير بهذا المجال، انطلاقًا من رؤية البعض بانتهاء هذه المهنة والترويج لفكرة «راحت عليها»، و«هو بقى فيه صحافة»، وما إلى ذلك من تعليقات، بينما فى واقع الأمر فإن غير المُتخصص فقط هو من يرى المجال الإعلامى بهذا الأفق الضيق، متغافلا أن حياتنا دون أن ينتبه ما هى إلا مدينة إعلامية مترامية الأطراف.


نعم عزيزى القارئ، حياتك هى مدينة إعلامية متحركة معك يوميًا، فاليوم نادرًا ما تجد أحدًا دون هاتف محمول «موبايل» متصل بالإنترنت فى يده، وأيضًا دون أن يكون له حساب على أحد مواقع التواصل الاجتماعى، إن لم يكن على عدد منها فى وقت واحد، والتى باتت قنوات إعلامية لا يُمكن أن يُنكرها أحد، فكل فرد من خلال صفحته يكتب هنا وهناك، سواء كان محتوى جادا فى أحد المجالات المختلفة أو ترفيهيًا، مشاركًا معلومات وآراء حقيقية كانت أو ربما وهمية لم يتمكن من التأكد من صحتها.


إلى جانب ظاهرة «تيك توك» و«الريلز» التى باتت مسيطرة على قاعدة كبيرة من فئات المجتمع المختلفة، وبالأخص الشباب ومن هم فى عمر أصغر، فكل منهم يُحاول أن يُقدم محتوى خاصا به، فربما يحالفه الحظ ليكون مشهورًا أو «تريند» يُمكنه من خلاله جنى الكثير من الأموال دون بذل مجهود يُذكر مقارنة بأعمال أخرى شاقة.


وأيضا قنوات «اليوتيوب» التى أصبحت بمثابة السماء المفتوحة، لأشخاص بمختلف التخصصات، فمنهم من يُقدم محتوى تعليميًا، أو ثقافيًا أو ترفيهيًا أو سياسيًا أو اقتصاديًا أو رياضيًا.. كثير من المجالات التى من المؤكد ستجد من يتحدث فيها وعليها، سواء عن فهم وتخصصُ أو بغير علم، فالجميع أصبح يقف كالإعلامى أو الصحفى المُتخصص، والجميع أصبح يُدلى بدلوه فى التجمعات سواء كانت عائلية أو من الأصدقاء استنادًا على ما يُتابعه على الإنترنت، سواء على السوشيال ميديا أو القنوات الرقمية.


إذن لقد أصبح العالم، ليس فقط قرية صغيرة وإنما مدينة إعلامية كبيرة أيضًا، بها الكثير من القنوات والإعلاميين والصحفيين دون أن ينتبه الأفراد أنفسهم لذلك، وكل ما يتطلبه الأمر هو وعى الفرد والمواطن بما يدور حوله من تطورات، وما تطلبه من حرص فى التعامل مع الأدوات الحديثة التى باتت بمثابة أجهزة بثّ متنقلة.


لذلك لا يُمكن أن نغفل دور كليات الإعلام فى عصرنا الحالى أو الحديث عن انتهاء دورها، بل على العكس؛ يجب الاهتمام بها بشكل أكبر، والعمل على تحديث أقسامها وأدواتها بشكل مُستمر بما يواكب تطور الأدوات التكنولوجية وعصر الذكاء الاصطناعى الذى اقترب من إثبات نفسه فى كثير من المجالات، ومنها المجال الإعلامى، فعلى عكس ما يعتقده البعض أن الـAI من شأنه استبدال الإعلامى أو الصحفى، فى حين أنه هو من يُمكنه توظيفه واستخدامه بشكل يعمل على تيسير المهمة الإعلامية والصحفية على الفرد وتقديم محتوى أكثر احترافية.


وأيضًا لا يُمكن اقتصار دور كليات الإعلام، على العمل الإعلامى، ففيها أقسام العلاقات العامة والإعلان، والتى تشمل علم الدعاية والتسويق بما يتضمن التسويق والاتصال السياسى خاصة فى عصر الإنترنت والسوشيال ميديا، وهو أمر بالغ الأهمية فى ظل ما يشهده العالم من تطورات وأزمات سياسية واقتصادية، ولعل نموذج المُرشح الديمقراطى فى الانتخابات الأمريكية المقبلة، دونالد ترامب، والملياردير الأمريكى، إيلون ماسك، الأبرز فى كيفية توظيف السوشيال ميديا فى تحقيق أهداف ومكاسب سياسية واقتصادية بشكل أسهل وأسرع، إضافة إلى تكلفة أقل، وهناك كثير من النماذج العربية والخليجية التى نجحت فى استغلال الوسائل الإعلامية الحديثة أو كما يُطلق عليها أكاديميًا البديلة بتحقيق أهداف ومكاسب بضغطة زر.


فلماذا لا يتم نشر التوعية بدور الإعلام وأهميته فى كثير من المجالات، سواء عبر منابر كليات الإعلام الرقمية الرسمية، أو المنابر الإعلامية من صحف ومواقع وقنوات فضائية، وأهمية وعى الفرد بأنه نفسه أصبح كالإعلامى أو الصحفى دون أن ينتبه لذلك، وأيضًا كيف يُمكنه المشاركة فى مسيرة التنمية والتطوير، فجميعنا فى بوتقة واحدة لا تهدف إلا للصالح العام.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة