شهدت محافظة مطروح واحدة من أهم الاكتشافات الأثرية، بعد الكشف عن جبانة مدينة مرسى مطروح والتي يرجع تاريخها إلى العصر الروماني، وذلك خلال أعمال الحفائر بمنطقة أم الرَخَم الأثرية في محافظة مطروح.
وكشفت البعثة برئاسة الأثرى قطب فوزى عن مقبرتين منحوتتين فى الصخر من طراز الكتاكومب، المعروف فى العصر الرومانى، تحتويان على 29 موضعًا للدفن، بالإضافة إلى مجموعة من المدامع الزجاجية، وقد أكد أهمية ذلك الاكتشاف الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، مشيرًا إلى أن الكشف يبرز دور مدينة مرسى مطروح كمركز رئيسي للتجارة الخارجية في حوض البحر المتوسط، ليس فقط في العصر الروماني، بل عبر العصور التاريخية المختلفة، ويبقى السؤال هنا ما هي "زجاجات الدموع" أو "المدامع الزجاجية" التي تم العثور عليها؟
أوضح الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة أن المدامع الزجاجية التي تم العثور عليها هي اكتشاف غير مسبوق في مصر، وهي قوارير زجاجية كانت تستخدم فى العصر الرومانى، كانت النساء يجمعن دموعهن فى هذه القوارير أثناء غياب أزواجهن عن الحرب كرمز للوفاء، وحال وفاة الزوج في الحرب، كانت القوارير تُدفن مع الزوج الراحل كدليل على الوفاء العميق.
في المعتقدات الرومانية، كان يُعتقد أن الشخص يعيش ثانية بعد الموت، لذا كان يُدفن مع أعز ما يملك، وكانت دموع الزوجة تُعتبر من أغلى الهدايا، وكانت هذه المدامع تُدفن بالقرب من رأس المتوفى وتختلف زخارفها حسب المستوى المادي للأسرة.
و"المدامع" عبارة عن قوارير زجاجية مختلفة الشكل والأحجام، وكان فترة صناعتها وانتشارها خلال العصر الروماني، وكانت الطريقة التي تعبر بها النساء عن وفاءها لأزواجهن أثناء ذهابهم إلى الحروب حتى عودتهم مرة أخرى، وعند وفاة الرجل يتم دفن تلك الزجاجة، وتستمر فترة الحداد على الشخص المتوفى حتى تجف الدموع تماما من داخل الزجاجة التي يتم إحكام غلقها بسدادة، وكلما زادت عدد زجاجات الدموع في قبر المتوفى، دل ذلك على أنه كان محبوبًا ويتمتع بمكانة كبيرة ومنزلة عالية.
اختفت ظاهرة "زجاجات الدموع" أو المدامع الزجاجية مع العصر الروماني، ولكنها كانت موجودة بالفعل بصورة غير منتشرة للعلن، وعادت مرة أخرى خلال العصر الفيكتوري بانجلترا، والتي شملت فترة حكم الملكة فيكتوريا في الفترة من 1837م وحتى 1901م، حيث كانت السيدات يجمعن دموعهن أثناء مغادرة أزواجهن من البيوت لفترة طويلة، وحين يعود الأزواج يظهرن لهم الدموع كتعبير عن حبهن لهم، وكلما زادت كمية الدموع زاد مقدار الحب.