تحدثنا فى مقال سابق عن ضرورة الاهتمام بقضية الأمن الإعلامي نظرا لأهمية حرب الكلمة والرأي العام الذى بات هو المحرك الأساسي للسياسة والاقتصاد وبناء الأمم أو هدمها، مع الدعوة إلى أنسنة الخطاب الإعلامى، وما نود أن نؤكد عليه في مقال اليوم، أنه لا تقدم ولا نهضة ولا تنمية دون أمن إعلامى حقيقى، خاصة أن المأساة الواقعة الآن هى التبعية الإعلامية لكيانات تديرها دول وقوى في ظل الانفتاح العالمى والبث الفضائى لحضارة لا تحترم من لا يساهم في صناعة الفكر والمعرفة، لذا فإن سبيلنا الوحيد للنجاة من فخ الذوبان والتقليد يتوجب امتلاك استراتيجية إعلامية واضحة تقودنا لحماية الأمن الفكرى والإعلامى في ظل الثورة التكنولوجية وسيطرة وسائل الحداثة العالمية على المشهد.
وما نؤكد عليه أيضا، أنه كلما زاد انتشار تكنولوجيا الاتصال كلما زاد احتكار صناعة الإعلام والمعلومات ما يعني عولمة الإعلام وزيادة التبعية وانخفاض درجة الأمن الإعلامى، لذلك فنحن أمام معادلة باتت صعبة للغاية في ظل استهلاكنا لمنتجات إعلامية وثقافية لا تمت بصلة لواقعنا وتاريخنا، وفى ظل التخوف من الوقوع في فخ التوجه نحو إعلام آخر له أجندته وحساباته وله إطاره المرجعي وقيمه وأيديولوجيته.
لذا فإن الخطر كل الخطر هو التبعية الإعلامية والتقليد، فالإعلام صناعة الفكر والقيم، والتأريخ اليومي للدول والمجتمعات والشعوب، وإذا تُرك فالعواقب ستكون وخيمة وسيهدد الأمن الفكرى والأمن الإعلام القومى بشكل عام، وسنكون أمام إعلام تائه دون هوية وبدون شخصية.
نقول هذا في ظل ما نراه من الاهتمام بكل ما هو تافه بحجة اللايكات والانتشار، فكم من البرامج والمسلسلات والأفلام الهابطة التي تسمم العقل والفكر أكثر مما تضيف له قيمة.
أخيرا، نستطيع القول، إن الأمن الإعلامي لا يتحقق إلا من خلال إعلام ملتزم يؤمن بكرامة الإنسان وبحريته، ويؤمن بالبحث عن الحقيقة ومحاربة الفساد والفقر والجهل في المجتمع، وينبع من رحم قيم وتقاليد وعادات وهوية هذا المجتمع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة