نواصل سلسلة مقدمات الكتب ونتوقف عند كتاب "القلق: مقدمة قصيرة جدًّا" لـ دانيال فريمان وجيسون فريمان، فما الذي جاء في مقدمة الكتاب؟
قد يكون الشعور بـ "الخوف من شيء تجهله" مروِّعًا، ولكنه طبيعي تمامًا أيضًا، فما من شخصٍ يعيش حياته دون أن يشعر بالقلق من وقت لآخر، ربما قبل استقلال الطائرة أو قبل إلقاء خطاب أو مقابلة أشخاص جدد، وعلى الرغم من أن ذلك السهل المضاء بالشمس الخالي من القلق قد يبدو جذابًا، فإننا على الأرجح لن نصل إليه أبدًا، وكما سنرى، القلق ليس أمرًا طبيعيًّا فحسب، بل إنه غالبًا ما يكون ضروريًّا.
من جهة أخرى، بالنسبة إلى أعدادٍ كبيرة — وربما متزايدة — من الناس، يُعَد القلق مشكلةً أساسية، نشر الشاعر دابليو إتش أودن كتابه "عصر القلق" في عام ١٩٤٧. يبدو هذا في الوقت الحالي وكأنه عملٌ نبوئي رائع يتجاوز ما كان أودن يقصده فعلًا من التعليق على مجتمعِ ما بعد الحرب. على سبيل المثال، أشارت الدراسة الاستقصائية الرئيسة للصحة العقلية في الولايات المتحدة إلى أن ١٨٪ من البالغين عانَوا نوعًا من أنواع اضطراب القلق في الاثني عشر شهرًا الماضية. يشير هذا الرقم فقط إلى القلق الذي يكون شديدًا بما يكفي بحيث يستدعي تشخيصًا طبيًّا. ومع ذلك، فإنه يشير إلى أن ما يقرُب من ٤٠ مليون بالغ في الولايات المتحدة وحدها يعانون مستوياتٍ مَرَضية من القلق؛ وهي نسبة إحصائية غير عادية.
ومع ذلك، فهناك عددٌ أكبر من الأشخاص يعانون مستوياتِ قلقٍ لا تستوفي معاييرَ اضطراب القلق المتقدم. ذكرت «مؤسسة الصحة العقلية» في المملكة المتحدة أن ٣٧٪ من البالغين يشعرون بالخوف والقلق أكثرَ مما كانوا عليه في الماضي. وقد ذكر أكثرُ من ثلاثة أرباع الذين شملهم الاستطلاع أن العالم قد أصبح مكانًا مخيفًا بشكلٍ أكبر خلال السنوات العشر الماضية. واعترف ما يقرُب من الثلث (٢٩٪) بأن القلق والخوف دفعهم إلى تغيير تصرفاتهم، مما منعهم من فعلِ أشياء كانوا يتمنون فعلها.
وعلى النقيض، فالقلق اليومي أمرٌ طبيعي، ومفيد، مثل أي انفعال آخر. نعلم جميعًا ما يعنيه الشعور بالقلق؛ إذ إننا نعيش هذه التجربة عمليًّا، وأحيانًا على نحو منتظم. إذا طلبنا منك تدوين خمس كلمات تصف القلق، فلا شك أنك لن تحتاج إلى وقت طويل للتفكير.
كتاب القلق.