إن تدريس مادة العلوم المتكاملة التى تتضمن فى طياتها متلون الخبرات المنتخبة من الكيمياء والفيزياء والبيولوجى أو ما نسميها الأحياء، لا ريب أنها تحتاج لمعلم يمتلك الأداء الأكاديمى والمهنى فى آن واحد، ولا شك أن تمكن المعلم من الجانب الأكاديمى يقوم على صقل للخبرات التى تتضمن فى سياجها المعارف والممارسات والوجدانيات المشمولة بالمقررات وما يرتبط بها من أدوات ومعينات تعليمية التقنية منها وغير التقنية.
وتمهين المعلم يسهم فى إعادة ثقته بنفسه؛ فندرك أنه مر بالعديد من الخبرات عبر مرحلة الإعداد الأكاديمى والمهنى وفق ما نطالعه من برامج كليات إعداد المعلم بمصرنا الحبيبة؛ إذ يتخرج من الجامعة وقد امتلك العديد من آليات توظيف التقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعى فى تدريس مجال التخصص الدقيق، ناهيك عن أداءات التدريس الفعال واستراتيجياته العديدة والمتقدمة.
وعلينا أن نفكر ونتريث قليلًا فيما نقدمه للمعلم من تدريب أثناء الخدمة؛ كى يستطيع أن يواكب مستجدات التغيير ويلامس التطور التقني، وما يتمخض عنه من تطبيقاتٍ مفيدةٍ تساعده فى أن يتبنى فكرًا متجددًا فى تخطيطه وما يتضمنه من تمهيدٍ جاذبٍ للمتعلم وأنشطةٍ تحوى مهامًا مبتكرةً تسهم فى تنمية مهارات التفكير العليا، وتستثمر طاقات المتعلمين وعقولهم بصورةٍ متلازمةٍ؛ ليكتسب المتعلم من خلالها الخبرات المنشودة، بالاستعانة بما يتوافر من مقوماتٍ ومعيناتٍ تعليميةٍ متوافرةٍ فى البيئة التعليمية.
ونعى أن المعلم صاحب الكفاءة الأكاديمية والمهنية بمقدوره أن يخفف من حد الضغوطات التى تقع على كاهل أولياء الأمور والطلاب بمرحلة التعليم الثانوى على وجه الخصوص؛ فيسهم فى تصويب التصورات الخطأ من قبلهم تجاه عناصر العملية التعليمية والتى تتضمن المؤسسة التعليمية ومناخها ومناهجها وما تحويه من مقررات، وما يمارس بها من أنشطة تعليمية بمختلف صورها، عبر استراتيجيات وطرائق تدريس وأساليب تقويم تظهر لنا أوجه القصور فنعالجها وصورة التقدم المنشود فنعززها.
وفى ضوء خبرتى المتواضعة أثق فى قدرات معلمينا أصحاب الرسالة السامية والتى بها نستطيع أن نخوض مغمار التجديد التعليمى بنجاح ونحقق أهدافه المنشودة، والتى تؤكد على اكساب المتعلم مجموعة الخبرات المؤهلة للمرحلة التالية والمعينة على تأهيله لسوق العمل الذى بات يبحث عن تفرد مهارى بعيدًا عن تنظير لا يسهم فى تنمية مهارات التفكير العليا لدى المتعلم، ويجعله قادر على توظيف ما يحيط به من موارد ومقدرات طبيعية وغير طبيعية، وإمكانيات تقنية وغير تقنية.
إن كفاء المعلم فى مقدورها ومتسعها أن تعمل بصورة ممنهجة على تحويل آليات وصور التدريس بمؤسساتنا التعليمية من بوتقة حقن الأذهان لمتسع قدح الأذهان؛ فالفارق لمن لا يعلم كبير؛ حيث إن الحقن مفقودة ثمرته، والقدح مأمول ومضمون الثمرة؛ فالنتاج فى فرد يمتلك مهارات القرن الحادى والعشرين ويستطيع أن يستديم فى التعلم؛ فيعمل بمبدأ تعلم كيف تتعلم، لا تتعلم كى تحفظ وتصدع بما تعرف؛ فلا يبقى أثره.
وتعالوا بنا نؤكد على أمر مهم خاص ببرامج التنمية المهنية للمعلم أثناء الخدمة؛ إذ ينبغى أن تساير مقتضيات التغييرات الجديدة بمرحلة التعليم الثانوى المصري، وهذا دون مواربة حق مشروع للمعلم؛ حيث منحه تنمية مهنية فى مستوياتها المتقدمة، كى يستطيع أن يحرز الهدف ويحقق المنشود، ويتغلب على ما يواجهه من عثرات، أو تحديات، أو صعوبات، أثناء تدريس مقررات الثانوية العامة فى ثيابها الجديد، والذى نطمح أن تحدث نقلة نوعية فى مسار التعليم المصرى وتغير قناعات من شأنها أثرت على المنتج التعليمي.
وأود أن أشير إلى أمر يكلل الجهود بالنجاح حيال معلم المرحلة الجديدة، ويتمثل فى ضرورة المتابعة التى تلى ما يقدم من برامجٍ تدريبيةٍ تستهدف رفع كفاءة وكفايات المعلم؛ إذ ينبغى أن تكون متوافرةٍ فى صورة منهجية يعلمها المتخصصون فى المجال؛ فنراها فى أدواتٌ مقننةٌ تساعد فى رصد الأداء التدريسى بشقيه الأكاديمى والمهني، وهذا بالطبع له مردود إيجابي، يكمن فى تيقننا من أن البرامج التدريبية أتت أكلها، وتمخض عنها الثمرة المرجوة؛ فنرصد نقاط ضعف فنعالجها، ونحصى نقاط قوة فنعززها، ومن ثم يتوجب تطوير ما نقدمه من برامجٍ على مدار الساعة.
إن النظام التعليمى بمرحلة التعليم الثانوى المنصرم أحدث ترهلًا فى صورة إعداد متعلم من المفترض أن يكون قادرًا على البحث والتقصي، وحولته لحافظ ومردد لمجموعة من المعلومات التى لا أثر محمود منها على المدى البعيد، وما نتطلع إليه عبر منظومة التعليم الثانوى الجديدة أن تفرز لنا متعلم يمتلك تفكيرًا منتجًا بفضل معلم يقدم له متنوع أنشطة تعليمية مركزة وعميقة، تتضمن مهام يؤديها المتعلم، تسهم فى تنمية خبراته وتجعله محبًا لمؤسسته التعليمية وأستاذه ومحتوى مادة التعلم الذى يرى فيه الوظيفية الحياتية وصور الإفادة الملموسة.. ودى ومحبتى لوطنى وللجميع.
حفظ الله وطننا الغالى وقيادته السياسية الرشيدة أبدَ الدهر.