عصام محمد عبد القادر

الثانوية العامة الجديدة.. البيئة التعليمية

الجمعة، 30 أغسطس 2024 03:30 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ننشد أن نرى سلوكًا قويمًا لدى أبنائنا داخل وخارج المؤسسة التعليمية التي تعمل بكل جهد من خلال القائمين على أمرها من أن تعدل أنماط السلوك غير المرغوب فيه، من خلال مجموع الخبرات التعليمية التي تكسبها للمتعلمين بصورة ممنهجة ومخطط لها سلفًا؛ إذ يؤدي ذلك إلى تنمية ثقة المتعلم بنفسه، ومن ثم يقدر معلمه ومدرسته، ويعي أهمية مفردات العملية التعليمية، وأهميتها في حياته الأكاديمية، ووظيفيتها في حياته العملية والمعيشية.


ندرك أنه قد دعت الحاجة لتطوير النظام التعليم المصري حتى تتواكب مخرجات المنظومة التعليمية بمرحلتها الثانوية مع متغيرات عصر التقنية المتسارع الوتيرة والمتنامي التأثير؛ فقد رصدنا متعلمًا غير صبور وقدرته على التحمل والمثابرة لم تكن على المستوى المتوقع كما كان من ذي قبل؛ فزخم الحياة والفضاء المفتوح أفقده المقدرة على التركيز لفترات طويلة.


الحاجة كانت ماسة للتطوير بالمرحلة الثانوية بالتعليم المصري، وتستدعي أن ننتبه لصورة المناخ التعليمي من خلال ضرورة البحث عن آليات تساعد في إيجاد مناخ تعليمي فعال يقوم على معايير وتخطيط مسبق، يقتنع بمكنونه من يقوم بالتدريس، ويجني ثماره طلابنا، لنؤهلهم نحو تعلم أكثر تقدمًا، ومن ثم نعدهم لامتلاك مهارات سوق العمل المحلي والإقليمي والعالمي.


يتوجب علينا في خضم هذا التطوير الجاري بالمرحلة الثانوية أن نخلق مناخًا تعليميًا فعالًا؛ حيث يستلزم أن نوفر البيئة الفيزيقية المكتملة، من حيث مناسبة مكان التعلم لخصائص الطلاب، وطبيعة المهام التي تؤدى بها، مع توافر الإضاءة والتهوية والمواد والأدوات والوسائل والتقنيات اللازمة لتحقيق أهداف التعلم؛ ففي ضوء طبيعية الدمج للمواد الدراسية بالمرحلة الثانوية، يلزم القيام ببعض الأنشطة، التي تستدعي توافر عدد من المتطلبات، وفي مقدمتها تجهيز مكان التنفيذ سواء بمكان الدراسة، أو بالمعمل الفعلي أو الافتراضي، أو الورش، أو أي مكان يرتبط بالمؤسسة التعليمية تراه مناسبًا.


ومعلم المرحلة الثانوية يقع على عاتقه أمر تنظيم البيئة الفيزيقية بما يفي باحتياجات عمليتي التعليم والتعلم، ومنها على سبيل المثال لا الحصر مراجعة الإضاءة والوصلات الكهربية المتطلبة لتشغيل الوسائل التعليمية، أو الأجهزة المعملية، أو التقنيات التكنولوجية، كذلك تنظيم عمل المجموعات وترتيب أماكنهم، والتأكد من فعالية المواد، وعمل الأجهزة والتقنيات، وغير ذلك من الأمور التي تساعد على إنجاز مهام الأنشطة التعليمية المخطط لها سلفاً، وبما لا يدع مجالاً للشك فإن ذلك يفرض على كل من الأستاذ وطلابه الشراكة في إدارة الموقف التدريسي على نحو يسهم في إنجاز الأهداف التعليمية المستهدفة.


إن المناخ التعليمي بالمرحلة الثانوية الجديدة يتطلب أن نعمل سويًا على إيجاد مقومات الدعم السيكولوجي لدى أبنائنا الطلاب؛ فعلى المعلم أن يراعي في تعامله مع طلابه صيغ الاحترام لأشخاصهم وآرائهم وتقدير جهودهم، وبث الطمأنينة فيما بينهم، بما يشجعهم على المشاركة الإيجابية، ويحسن من العلاقات الاجتماعية، ويزيد من مهارات التواصل الكلي فيما بينهم، كما يقوي الثقة بالنفس لديهم.


ومعلم المرحلة الثانوية يتوجب عليه أن يحفز طلابه لمعايشة أحداث التدريس؛ بغية اكتسابهم خبرات جديدة وربطها بما لديهم من خبرات سابقة، وهذا ما يؤدي إلى كسر الرهبة التي تعتري بعض الطلاب خاصة في السنة النهائية من الثانوية العامة، ونود التأكيد على أن اكتمال صورة المناخ التعليمي الفعال تكمن في تهيئة الجانب المعرفي لدى الطلاب لاستقبال الخبرات الجديدة دون توتر أو تعارض بين ما يمتلكه الطلاب من خبرات وما يود الأستاذ إكسابه لهم؛ لأن ذلك يؤدي بداية إلى صراع معرفي يسهم بالتبعية إلى إخفاقهم في تحقيق الهدف المرتقب الوصول إليه.


ولا يخفى علينا أن هناك نوعية من المتعلمين تتوجس خيفة من التعامل مع المعلم أثناء الموقف التدريسي؛ إذ ينتاب البعض منهم، شعوراً أو اعتقاداً بأن الأستاذ لا يسمح بمجادلته أو الرد عليه أو المداخلات التي قد يشوبها الخطأ من ناحيتهم؛ وذلك يجنبهم الإقبال على المشاركة وتفضيل الاستماع أو الانصات لأستاذهم، وأحياناً يصل الأمر ببعضهم إلى الهروب أو الانسحاب من المناقشة والحوار، أو الشرود الذهني؛ لذا ينبغي على المعلم أن يسمح لهم بالتعبير عن أراءهم ويخلصهم من التمركز حول ذواتهم.


ومن الملاحظ أن المناخ التعليمي في جملته إما أن يسمح للطالب ببذل جهد واضح في ضوء طبيعة المهمة التي يكلف بها وأن يستقبل من أستاذه الرسالة متمعناً تفاصيلها، وإما أن يعزف عن المشاركة أو لا يعير رسالة أستاذه الاهتمام المطلوب؛ لذا لابد أن يتأكد الأستاذ قبل وأثناء التدريس من توافر مؤشرات المناخ التعليمي الإيجابي والداعم لتحقيق أهداف موضوع التعلم.


وعطفًا على ما تقدم نرى أن المناخ التعليمي يتطلب تخطيطاً مسبقاً لبعض مكوناته من قبل المعلم، ومراجعة مستمرة لبيئة التعلم، ليعمل على الحد من الصعوبات أو التحديات التي قد تواجهه بصورة إجرائية، بأن يوفر البديل عند مواجهة صعوبة توافر متطلب ما، وعليه نستطيع القول بأن المناخ التعليمي الفعال يعد مكون رئيس من مهارة إدارة الموقف التدريسي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار من قبل معلمي المرحلة الثانوية في ثيابها الجديدة.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
_______________
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة