عادل السنهورى

بديع خيري على مسرح البالون بعد 100 سنة

الأحد، 04 أغسطس 2024 01:03 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ذات يوم كتب المؤلف المسرحي الراحل علي سالم، وأثناء عرض رائعته المسرحية " بكالوريوس في حكم الشعوب" في نهاية عام 1978 على مسرح الغرفة التجارية بالقاهرة  بطولة نور الشريف ويحيى الفخراني ومحمد البشاري وليلى علوي، وإخراج شاكر عبد اللطيف، وحققت نجاحا كبيرا، وأثارت جدلا واسعا في تلك الفترة: "إننا نكتب للمسرح لكي نضحك ونستمتع، ونضحك لكي نفكر".


وقبل أن يتراجع عن أفكاره ويفاجئ أصدقاءه ومحبيه بزيارة إسرائيل في عام 1994، ويتحول إلى أحد أبرز مؤيدي التطبيع، كتب علي سالم عددا من المسرحيات الكوميدية ذات الطابع النقدي والهجائي وخاصة في سنوات الستينيات مثل "عفاريت مصر الجديدة" و"حدث في عزبة الورد" و"ولا العفاريت الزرق"، و"الملوك يدخلون القرية" وأنت اللي قتلت الوحش" عام 1970، وكلها تصب فيما كان يؤمن به ويعتقده في الكتابة المسرحية التي تدعو إلى التفكير، لأن هذه هي رسالة المسرح ودور الكتابة المسرحية.

جملة علي سالم تذكرتها وأنا أشاهد افتتاح الأوبريت الاستعراضي الغنائي "أيام العز" على مسرح البالون بالعجوزة. والأوبريت كتبه رائد التأليف المسرحي والغنائي بديع خيري عام 1924، ولحنه الموسيقار الراحل داوود حسني الذي توفى عام 1937 عن عمر 67 عاما.

الأوبريت كتبه بديع خيري (1893-1966) منذ 100 عام وكتب معه في نفس العام أوبريتات ومسرحيات «الفلوس» و«مجلس الأنس» و«لو كنت ملك»، والمسرحية التاريخية «محمد علي وفتح السودان» وكان يحكم مصر في تلك الفترة السلطان ثم الملك فؤاد الأول -أحد احفاد محمد علي مؤسس الاسرة العلوية- الذي حكم البلاد حوالي 19 عاما في الفترة من 1922 وحتى وفاته عام 1936، وشرعت بعض الكتابات المسرحية في تلك الفترة من تاريخ المسرح المصري إلى محاولة التمجيد وإبراز الصفات والمحاسن الحميدة في ملك مصر، باستدعاء نصوص تراثية من فترات زمنية معينة لإظهار حب الشعب للملك، وبأن ايامه هي "أيام العز".


ربما كان ذلك له ما يبرره في فترة الاحتفاء بكل ما هو مصري في مواجهة الاحتلال الإنجليزي في تلك الفترة، حتى لو كان الملك ليس من أصول مصرية، ويصبح الأوبريت وأعمال بديع خيري في تلك الفترة مقبولة من جمهور المسرح، ويعي رسالتها ويدرك مغزاها ولو باستدعاء أحداث من زمن بعيد يحمل إسقاطا واضحا على واقع المرحلة في العشرينات.

الأوبريت استعاد البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية برئاسة الفنان أحمد الشافعي، لعرضه على مسرح البالون يوم الخميس الماضي لافتتاح الأوبريت الغنائي الاستعراض "أيام العز" على مسرح البالون من إنتاج فرقة أنغام الشباب بقيادة الصديق الفنان ومطرب الجامعات الأول في الثمانينات ماهر عبيد، ومن إخراج الدكتور عبد الله سعد.


أجمل ما في العرض ألحان داوود حسني، والتي وزعها الموسيقار منير الوسيمي والاستعراضات التي صممها الفنان حسن شحاتة علاوة على ديكور المهندس محمد الغرباوي، وإضاءة رضا إبراهيم، ومصممة الملابس مروة عودة. الاستعراضات والألحان والتوزيع الموسيقى والغناء أضاف للعرض حالة من البهجة والمتعة في المشاهدة للنص التراثي القديم الذي التزم به المخرج الدكتور عبد الله سعد.

والأوبريت يحكي قصة حب في زمن أحد قدامى السلاطين بين "نور الدين" – الفنان محمد صلاح آدم- ابن أحد الأعيان، و"حورية" ابنة قاضي القضاة – الفنانة عبير عبد الوهاب-  وحلاق القاضي – الفنان عزت غانم- والجارية ليلى - الفنانة ندا ماهر بطلة الأوبريت التي استدعاها كبير الخدم في القصر السلطاني- الفنان شريف قاسم – لخدمة ابن السلطان. وتدور الأحداث مع الاستعراضات الغنائية الراقصة التي تفاعل معها جمهور الحاضرين حتى يصل الأمر إلى السلطان- الفنان القدير رضا الجمال- ليأمر بحكمته وعدله بزواج نور الدين وحورية والحلاق من ليلى دون أية اعتبارات للغنى والفقر أو الفروقات الطبقية!_ لا حظ المغزى من نهاية الأوبريت في تلك الفترة-
في رأيي أنه لولا الألحان والغناء والاستعراضات والتوزيع الموسيقى وأداء بعض الفنانين لشاهدنا نصا ضعيفا لا يتناسب أو يليق إلا بفترته الزمنية منذ قرن تقريبا من دون مزج النص بجمل حوارية أو مواقف تتناسب مع الذوق العام وجمهور الحاضرين من الصغار والشباب والكبار أيضا في زماننا الحاضر، لتحقيق الهدف والرسالة من العرض المسرحي أو الأوبريت الغنائي الاستعراضي. وأتفهم حالة القلق والارتباك أحيانا في ليلة الافتتاح ولكن أتمنى أن يحدث تطوير للنص  في ليالي العرض القادمة.


وإعادة عروض مسرحية قديمة ليست بالأمر الجديد على المسرح المصري، لكن بمعالجة عصرية للنصوص ومراعاة اختلاف الذوق العام للمتلقي بين زمن وآخر.

رغم بعض الملاحظات على أوبريت "أيام العز" التي يجب عدم تكرارها في الأيام المقبلة مثل تعطل بعض ميكروفونات الصوت، وبداية دخول بعض أبطال العرض إلى خشبة المسرح دون تمهيد مناسب لاستقبال الجمهور لهم، والتعرف عليهم، والارتقاء بالأداء التمثيلي على المسرح، إلا أن الأوبريت قدم لنا وجوها مسرحية وفنية شابة واعدة، تؤكد أن المسرح مدرسة فنية شاملة تخرج أبطالا جددا يحملون شعلة المسرح المصري لأعوام قادمة مثل الفنانه ندى ماهر، والفنان المطرب عزت غانم، والفنان محمد صلاح آدم، والفنان أحمد صادق، والفنان سيد شرويدى ،الفنان محمد شربينى ، الفنانه عبير عبد الوهاب ، الفنان والمطرب شريف قاسم ، الفنانه ريم، الفنانه ريهام مصطفي ، الفنان محمد زينهم ، الفنان حسام العمده، علاوة على الفنانين الكبار رضا الجمال وماهر عبيد.


ولا ننسى مساعدين الإخراج سلمى محمد، تامر عثمان، نانو مرسى، نهي أشرف، احمد طارق، خالد عيسى، محمود جمال، هيثم الشيخ ، ومشرف هيئة الإخرج ابراهيم غنام والمخرج المنفذ أحمد شوقي .







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة