منذ أكثر من 60 عامًا، وضع الرئيس الأمريكي جون كينيدي أمريكا تحت المجهر، بعد تصريحه بأنهم يخططون للصعود إلى القمر، الهدف الذي لم ينتهِ باغتياله، بل إن الرئيس نيكسون سعى لإكمال المشروع بكل طاقته، حتى استيقظ العالم في ال21 من يوليو عام 1969، على خبر صعود أول إنسان إلى القمر، إذ حملت المركبة الفضائية أبولّو 11، 3 من رواد الفضاء إلى القمر، كان من بينهم رائد الفضاء الشهير نيل آرمسترونج، لتنجح أمريكا في تحقيق أهم إنجازاتها.
لكن الأمر لم يتوقفْ عند تلك النقطة، فقد ظهر المشككون في هذا الحدث الهام على مدار نصف قرن، وبقِيَ الكثيرون يرفضون الأمر وينكرونه بكل ما أوتوا من قوة، رغم نجاح وكالة ناسا في إرسال 5 رحلات أخرى بعد أبولّو 11، كان آخرها عام 1972، لكنهم صدقوا بيل كيسينج وأعوانه، وكذبوا العاملين في وكالة ناسا، وعلماء الفلك، والجيولوجيا.
وبعيدًا عن المشككين، فهناك حقًا مَن يبحث عن الحقيقة، وتجول في رؤوسهم العديد من الأسئلة:
هل حقًا تمكن البشر من صعود القمر؟
لماذا ينكر بيل كيسينج وغيره تلك الحقيقة؟
لماذا لم تُكرَّرْ تلك التجربة مرة أخرى؟
في البداية يجب أن نتحدث قليلاً عن بيل كيسينج وكتابه "نحن لم نذهب أبدًا إلى القمر"، الذي نُشِرَ عام 1976.. بيل كيسينج كان يعمل رئيسًا لقسم المنشورات في إحدى الشركات، التي تعاونت مع ناسا في توريد المحركات لمركباتها، ويُذكَر أنه ترك الشركة عام 1963، وكانت بداية معرفة العالم به، عندما أصدر كتابه عام 1976، والذي ينفي فيه حقيقة صعود رواد الفضاء إلى القمر، مستشهدًا بأحد علماء وكالة ناسا، ويذكر أنه أحد العاملين على مشروع أبولّو..
وأوضح أن أدلته على كذب ناسا: العلم الذي رفرَف على سطح القمر رغم أن القمر ليس له غلاف جوِي، والخلفية السوداء التي لا تظهر فيها النجوم، واتضح أن العلم في الحقيقة لم يُرَفْرِف، وأنَّ حركته كانت بسبب محاولات رواد الفضاء في تثبيته، أما عن النجوم، فعدم ظهورها كان بسبب الشمس التي تُنير القمر دائمًا، لقد نسيَ السيد كيسينج دروس الجغرافيا، وأنَّ الشمس لا تغيب، وإنما دوران الكرة الأرضية، يؤدي إلى غروبها في عن جزء، لتشرِقَ في الجزء الآخر، كما أنَّه استشهد بعالم واحد، وتجاهل 400000 عامل وعالم من مختلف الجنسيات والأديان، كان لهم الفضل في نجاح هذا المشروع، لم يتناولْ كيسينج في كتابه أيًا من رحلات أبولّو الخمس المأهولة إلى القمر، واكتفى بأول رحلة، فهل هذا منطقي؟، كيف يقول في كتابه أنه يتحدث بالوثائق، ويستشهد بأحد العلماء، وهو لم يتحدث سوى عن الرحلة الأولى فحسب، لماذا لم يقُم ذاك العالم بإمداده بصور ووثائق للرحلات الأخرى؟
ومن كيسينج إلى سيبريل، في أوائل القرن الحادي والعشرين، أنتجت قناة فوكس أفلامًا وثائقية تحت عنوان: هل حقًا هبطنا على القمر؟، والذي كان يدعم نظرية المؤامرة، ويثبت ما يقوله المشككون في حقيقة الصعود إلى القمر، وهذه الأفلام أخرجها مخرج الأفلام الوثائقية الشهير بارت سيبريل، الذي التقى ذات مرة برائد الفضاء ألدرين -أحد رواد الفضاء على أبولّو 11، واستحلفه بالإنجيل هل صعد حقًا إلى القمر أم أنه كاذب، الشيء الذي أثار حفيظة الرجل ودفعه إلى لكم سيبريل، وتسبب في تأكيد نظرية أن الصعود إلى القمر كانت مجرد كذبة.. حسنًا لنكن منصفين، فقد أخطأ سيبريل في طريقة طرح السؤال، وأخطأ ألدرين في ردِّ فعله، لكن ربما سئم الرجل من الهجوم عليه وعلى رفاقه.
ونحن لم نتوقف هنا، فالأمر يُهِمُّ مصر أيضًا، فأحد العاملين في مشروع أبولو كان مصريًا،
لذا فنحن أيضًا نحتاج إلى تفسير علمي ودقيق، ومن خلال حوارنا مع الأستاذ الدكتور أشرف تادرس، رئيس قسم الفلك الأسبق في المعهد القومي للبحوث الفلكية، الذي تحدثنا معه فيه عن حقيقة صعود البشر إلى القمر وهل حقًا تمكن البشر من الصعود إلى القمر قال:
بالطبع تمكن البشر من الصعود إلى القمر 6 مرات حيث كان برنامج أبوللو يتضمن 6 رحلات إلى القمر، كان أولها أبوللو 11 عام 1969، وآخرها أبوللو 17 عام 1972.. فهي ليست رحلة واحدة كما يعتقد البعض بل 6 رحلات، وفي كل مرة كان يصعد ثلاث رواد، يهبط اثنان منهم على سطح القمر، وينتظر الثالث في المدار، فكان مجموع الرجال الذين هبطوا على سطح القمر 12 رجلا.
أما عن تعليقه على مَن يُنكِرْ حقيقة الصعود إلى القمر فقد أضح أن كل هذه المزاعم هراء تكفلت ناسا بالرد عليها ودحضها، والغريب في الأمر أن معظم المشككين من الأمريكيين أنفسهم! وهذا ليس غريبا على المجتمع الأمريكي الذي يشكك في كل شيء حتى في وجود الله! إن هبوط الإنسان على سطح القمر حقيقة علمية وتاريخية مثبتة، وما يقال على أنها أكذوبة أو مؤامرة هو هراء ليس له أساس من الصحة.
وأضاف بخصوص بعض الأسئلة التي تتردد عن عدم تكرار تلك التجربة من جديد:
وللسائلين عن عدم قيام رحلات مأهولة إلى القمر منذ خمسين عامًا فإن اكتشاف الفضاء مكلف جدًا ولابد أن يكون هناك خطة وهدف واضح للكونجرس الأمريكي، للموافقة على الذهاب مجددًا إلى القمر، وأعتقد أنه لولا تصميم الرئيس الأمريكي نيكسون في أوائل الستينيات من القرن الماضي على هذا الأمر وبهذه الميزانية والتكلفة الرهيبة التي اعتبرها البعض حينذاك جنونية، لما تم صعود الإنسان إلى القمر حتى الآن.. هذا لأن الصعود إلى القمر يمكن أن يتم آليا دون إصعاد بشر عن طريق المركبات الآلية غير المأهولة وبسهولة جدا حيث لا حاجة إلى عودتها سالمة مرة أخرى، أما المحافظة على حياة الإنسان في الفضاء واستعادته حيا سالما إلى الأرض مرة أخرى، فهذا هو التحدي الأكبر الذي أخذته الولايات المتحدة على عاتقها والذي زادت معه التكلفة، ومع ذلك عادت ناسا مؤخرا ببرنامج أرتيميس لبناء مستعمرات قمرية والبحث عن الماء في القمر والمقرر لها الانطلاق في نهاية هذا العام، مع العلم بأن الولايات المتحدة ليست وحدها التي تسعى لهذا الأمر الآن، بل إن روسيا، واليابان، والصين، والهند يسعون له أيضًا.