لا شك أن السوشيال ميديا أصبحت منذ سنوات لاعبًا محوريًا فى الحملات الدعائية والإعلامية، لاسيما فى العملية الانتخابية حول العالم، فطالما لعبت دورًا مؤثرًا فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية على وجه التحديد إلى حد كبير، خاصة مع ظهور الرئيس الأمريكى السابق، والمُرشح الجمهورى فى الانتخابات المقبلة المقررة فى نوفمبر المقبل، دونالد ترامب، حيث حسابه الرسمى على موقع «X» - تويتر سابقًا – والذى حقق عددا لا حصر له من المتابعين قبيل فوزه فى انتخابات 2016.. وعلى الرغم من حظر «ترامب» من استخدامه لحسابه لسنوات إلا أنه حقق الشهرة ذاتها فور استعادة حسابه مرة أخرى، فهو يُجيد التعامل مع منصات التواصل الاجتماعى، بحد يصل إلى تجاوز عدد المتابعين والمتفاعلين مع حسابات المشاهير والمؤثرين فى ساعات قليلة، وهو ما ظهر أيضًا فور تدشين حسابه على منصة «تيك توك».
ويأتى تأييد الفنانة الأمريكية، تايلور سويفت لنائبة الرئيس الأمريكى الحالى، جو بايدن، المُرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس، ليفتح الحديث أمام مدى تأثير السوشيال ميديا على توجيه الرأى العام، فسريعًا ما ضجّت المواقع الإخبارية وتسارعت فى نشر هذا الخبر، الذى يراه البعض نقطة تحول فى الانتخابات الأمريكية، فقد سبق لها وأعلنت دعمها لـ«بايدن» فى انتخابات 2020، الأمر الذى ترتب عليه دعم «السويفتيز» – قاعدة كبيرة من مؤيدى الفنانة الشهيرة بالملايين – للتأثُر بها ورأيها الداعم للرئيس الحالى، كما هو الآن لـ«هاريس».
أهمية تأييد «سويفت» ليس فقط لشهرتها، فهناك الكثير من المشاهير بالولايات المتحدة الأمريكية، يميلون بطبيعة الحال لتأييد الديمقراطيين على حساب الجمهوريين، ولعل أبرزهم أوبرا وينفرى، وجورج كلونى، وجوليا روبرتس، وآخرون على قدر كبير من الشهرة، فيما أن دخول الملياردير الأمريكى، إيلون ماسك على الخط ودعمه للمُرشح الجمهوري، إضافة إلى نجاح «ترامب» نفسه فى استخدام السوشيال ميديا بالتأكيد له كبير الأثر على مستخدمى وسائل التواصل الاجتماعى.
وتوضح نتائج عدد من الاستطلاعات والبيانات الراصدة للعملية الانتخابية الأمريكية، أن الاعتماد بشكل أكبر فى نجاح المُرشح الأمريكى، هو الشباب لأنهم يمثلون عددا كبيرا من الناخبين، وربما ذلك ما يدفع الُمرشحين إلى التوجه إلى السوشيال ميديا ومحاولة كسب تأييد المؤثرين من الشباب لدعمهما.
مناظرة «ترامب» وإيلون ماسك، ورقصة «ترامب» فى ختام فعاليته فى الجولة الأخيرة من بطولة LIV Golf Miami كانا الأشهر خلال الأشهر الماضية، لما حققاه من متابعة وتفاعل بالملايين عبر السوشيال ميديا، وأتى مساء الأربعاء، رد «ماسك» على تايلور سويفت ودعمها لـ«هاريس» عبر «X»، بعد مناظرة «ترامب» و«هاريس» ليحصد المزيد من التفاعل للطرفين، ومؤكدًا على استمرار دعم الملياردير الأمريكى للمُرشح الجمهورى بشكل كبير، وعلى الرغم من مظاهر نجاح «ترامب» وحملته الانتخابية فى استخدام السوشيال ميديا إلا أن نجاحه على أرض الواقع لايزال مواجهًا لكثير من التحديات، أيضًا تأييد «سويفت» لهاريس هذه المرة ليس بالضرورة أن يُحقق التأثير ذاته حينما دعمت «بايدن»، خاصة فى ظل اتهامات الكثير من الأمريكيين له بالفشل فى كثير من الملفات فى مقدمتها الملف الاقتصادى.
لعل تأثير السوشيال ميديا على أرض الواقع خلال الانتخابات الأمريكية المُقبلة ليس مضمونًا رغم كل ما نراه من زخم على تلك الساحة التكنولوجية التى تضم الكثير من المستخدمين والمتابعين والمتفاعلين، فكثير من الخبراء فى عالم السوشيال ميديا ألقى الضوء على ما تحمله هذه المنصات من كم هائل من المعلومات والبيانات المُضللة والتى من شأنها التأثير على الرأى العام، وهو ما جاء بمثابة تحذير للناخبين الأمريكيين من الانسياق وراء ما يتم تداوله على السوشيال ميديا حول الانتخابات الأمريكية ومُرشحيها، خاصة منصات تيك توك وفيسبوك فيما يأتى «إكس» الأقل فى تداول التضليل والزيف.
لذلك كله تأتى الانتخابات الأمريكية بمثابة اختبار جديد للسوشيال ميديا ومدى فاعليتها فى التأثير على المتابعين والقدرة على توجيه الرأى العام، فإذا كان تأثيرها فعالًا مقارنة بالسُبل التقليدية، فلعل النتيجة تأتى لصالح «ترامب» خاصة بعد دعم «ماسك» اللامحدود له، إلى جانب خبرة «ترامب» ذاته فى توظيف السوشيال ميديا لصالحه، فيما أن نجاح «هاريس» سيكون مؤشرًا كبيرًا وربما دليلًا على أن فعالية السوشيال ميديا ليست هى اللاعب الأبرز أو الأوحد فى العملية الانتخابية أو فى مختلف القضايا التى تتطلب توجيهًا للرأى العام أو كسب مؤيدين وداعمين.