قام الرئيس الألمانى فرانك فالتر شتاينماير بزيارة مُتميزة لمصر، حيث زار فيها عدة أماكن تشمل مظاهر مختلفة، سواء أثرية وسياحية أو تنموية أو تعليمية، تعكس جميعها ما على أرض مصر من تنوع للثقافات والحضارات، وجمعها بين التراث والأصالة والحداثة.
وتأتى زيارة «شتاينماير» لترمز إلى العلاقات الوطيدة بين مصر وألمانيا على مرّ التاريخ، والتعاون الوثيق فى مجالات سياسية واقتصادية وثقافية، فالتبادل التجارى بين البلدين على أعلى مستوى، إضافة إلى عمل شركات ألمانية بمجالات النقل والطاقة، خاصة المتجددة، على الأراضى المصرية، إلى جانب التعاون فى مجال التعليم من خلال مدارس ألمانية والجامعة الألمانية بفروعها، وحرص الكثير من المصريين خلال السنوات الأخيرة على تعلُم اللغة الألمانية، وهو ما أشار إليه الرئيس الألمانى خلال افتتاح فرع الجامعة الألمانية بالعاصمة الإدارية الجديدة، مُعربًا عن سعادته بما شعر به من ارتباط وثيق بين أجيال الشباب المصرى والتعليم الألمانى.
ولعل استخدام الرئيس الألمانى لإحدى عبارات الأديب المصرى، نجيب محفوظ، يأتى مؤكدًا على إعجابه الشديد بالثقافة المصرية، واطلاعه عليها بقدر كبير، فقد استخدم عبارته القائلة بـ«رغم ما يجرى حولنا إلا أننى متمسك بالتفاؤل حتى النهاية»، ما يعنى أن سر تقدم الشعوب يكمُن فى تماسك النسيج الاجتماعى، الأمر الذى يُعد واحدًا من العوامل الحاسمة لاستقرار وتقدم أى مجتمع.
كما لفت إلى رؤيته بأن الجمهورية الجديدة تجمع بين العوامل الأساسية التى تعتمد عليها أى دولة لتحقيق نهضة مستقبلية، حيث الشعب القادر على الابتكار والابداع والفن المعمارى الأصيل، إضافة إلى التطور الحضارى والتنمية، وهو ما يجعله فخورا بوجود صروح تعليمية ألمانية على أرض مصر، مؤكدًا فى سياق حديثه على أن «مصر أم الدنيا»، وأنه أدرك خلال الزيارة عُمق المعنى الذى تعكسه هذه العبارة.
الزيارة شملت أيضًا، جولة بمنطقة سقارة، ولقاء البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، فى المقر البابوى بالقاهرة، وزيارة معالم الكاتدرائية، وزيارة محطة العاصمة للقطار الكهربائى السريع بمشروع الخط الأول، إضافة إلى زيارة سوق السمك الحضارى بجنوب الجيزة والمقام بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولى، وُتعد زيارته لهذه الوجهات المصرية المختلفة بمثابة ورقة ترويجية جديدة لمعالم مصر المختلفة، حضارتها وثقافتها ومستقبلها الحديث، ورسالة مفادها بأن مصر أم الدنيا بماضيها وحاضرها ومستقبلها.
وقد عكست طبيعة وفد رجال الأعمال رفيع المستوى، المرافق للرئيس الألمانى فى الزيارة، على رغبة ألمانيا فى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين والوصول بها إلى آفاق أعمق، إضافة إلى رغبة فى التعاون بمهن فنية مختلفة، حيث نموذج العمالة الفنية الذى تبلور فى اتفاق يتعلق بتشغيل السكك الحديدية وتدريب سائقى القطارات، فمصر بمثابة بوابة اقتصادية للقارة الأفريقية.
إن كلمة الرئيس الألمانى خلال المؤتمر الصحفى المشترك من الرئيس عبدالفتاح السيسى، ركزت أيضًا على دور مصر المحورى فى استقرار الشرق الأوسط، فقد تطرقت المباحثات بين الرئيسين إلى الحديث عما تشهده أحداث غزة وليبيا والسودان من تطورات، كما أكد «شتاينماير» على ضرورة توافق الدول العربية والغربية فى حفظ أمن البحر الأحمر، مشددًا على أهمية قناة السويس كشريان ملاحى مُهم ليس فقط لألمانيا وحدها، بل لأوروبا بأكملها.
ويُعد التوافق الألمانى على أعلى مستوى على كل المستويات، فقد أكد المستشار الألمانى، أولاف شولتز، خلال زيارة سابقة فى نهاية العام الماضى للقاهرة، وأيضًا فى اتصال هاتفى بينه والرئيس السيسى فى مطلع العام الجارى، على دور مصر فى استقرار المنطقة بشكل عام، والقضية الفلسطينية بشكل خاص بما تكتسبه هذه القضية من أهمية فى ظل ما تشهده مؤخرًا حيث الحرب الدائرة منذ أكتوبر الماضى، ويُعانى منها الأشقاء الفلسطينيون، كما ثمنّ تطور العلاقات الثنائية بين مصر وألمانيا على كل المستويات، مشيدًا بمسيرة مصر التنموية وجهودها المستمرة لتحقيق النهضة والتقدم.