كل الطرق تؤدى إلى أهمية الحوار والتوازن بين الأطراف المختلفة فى المجتمع، نقول هذا بمناسبة ما يجرى من مناقشات بين أطراف برلمانية أو نقابية قانونية أو تشريعية حول إقرار تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، وما أبدته بعض الأطراف من ملاحظات مهمة حول بعض المواد، خاصة فيما يتعلق بمواد الحبس الاحتياطى، التى تقدم الحوار الوطنى باقتراحات أحالها الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الحكومة ومجلس النواب، لإقرارها، وهنا الهدف من المناقشات هو ضمان حماية الحقوق والضمانات لكل الأطراف، ضمن مشروعية الدستور والقانون.
والواقع أن استجابة الرئيس لتوصيات الحوار الوطنى ظهرت منذ اللحظات الأولى التى دعا فيها الرئيس لإطلاق الحوار الوطنى، والاستجابة لتفعيل لجنة العفو الرئاسى، وتوصيات كثيرة تتعلق بقرارات أو تشريعات أو قوانين، مثل قانون تداول ونشر المعلومات، أو المجلس الأعلى للتعليم، وغيرها، وفيما يتعلق بقانون الإجراءات الجنائية، فقد بدأت الاقتراحات فيما يتعلق بمواد الحبس الاحتياطى بحيث لا يتحول إلى عقوبة، ولكن ضمانة من ضمانات التحقيق، وكانت الضرورة تفرض أيضا تعديلات فى قانون الإجراءات الجنائية بالشكل الذى يجارى التطورات التشريعية، حيث إن القانون يرجع إلى الخمسينيات من القرن العشرين.
ومن يتابع المناقشات التى تصاحب مناقشة مشروعات القوانين، يكتشف أنها تشهد تقاطعات وتداخلات بين أطراف مختلفة، وبالنسبة لقانون الإجراءات الجنائية فهو يتعلق بالمتهم والمحامى والنيابة والقضاء، وكيفية توازن هذه الأطراف، بحيث لا يجور طرف على الآخر، وأن تكون الضمانات متناسبة مع الدستور، وأيضا تضمن مصالح كل الأطراف، وأهم ما يفترض أنه يميز قانون مثل الإجراءات الجنائية أن من يناقشه اليوم باعتباره طرفا فى السلطة التنفيذية أو القضائية، يمكن أن يخضع له كمواطن فى حال دخوله فى خلاف قانونى أو غيره، وبالتالى يفترض أن تتعامل كل الأطراف مع القانون باعتبارها متهما أو محاميا أو نيابة أو قضاء، لأن الجميع فى النهاية يتبادلون المواقف والمواقع القانونية، والمحقق قد يكون متهما أو متقاضيا أو محاميا، وبالتالى فإن الآراء التى يدلى بها نقابيون أو نقابات هى آراء تتعلق بأهمية وجود توازن بين كل الأطراف، بما يخلق المشروعية، ويكون الدستور هو المظلة التى تحكم الجميع من دون تفضيل، وأن تكون الضمانات كلها من أجل شرعية التحقيق والقبض والحبس وهو ما يظهر فى توصيات الحوار، التى أحالها الرئيس السيسى للحكومة والجهات التشريعية.
من هنا تأتى أهمية البيان الذى أصدره مجلس أمناء الحوار الوطنى وأكد فيه أنه يتابع التوصيات التى أقرها ورفعها للرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، بخصوص ملف الحبس الاحتياطى، والتى أحالها لمجلس النواب عبر الحكومة، وأن مجلس النواب أعلن أنه درس التوصيات، وتم إدماج عدد منها فى مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، وتصدت لمناقشته لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالمجلس.
ولفت مجلس أمناء الحوار الوطنى إلى أن المواد التى ناقشها وأصدرها بتوصياته وقعت فى 22 مادة من أصل 540 مادة هى مجموع مواد مشروع القانون، وأن مجلس النواب ما زال يفتح أبوابه لمناقشة أى تعديلات يراها البعض ضرورية على مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، طالما تهدف إلى إرساء نظام عدالة ناجز وتسعى لتعزيز الحقوق والحريات العامة، فالغاية المشتركة تظل تحقيق العدالة وضمان حماية حقوق الجميع.
وأبدى مجلس أمناء الحوار الوطنى، بعض الملاحظات حول غياب روح بعض التوصيات عن المشروع، معربا عن تقديره لآراء بعض النقابات والأطراف النقابية والقانونية، مؤكدا تقديره لكل المؤسسات، مجلس النواب والقضاء والنقابات والهيئات الممثلة للتجمعات المهنية، وثقته فى إدارة التنوع باحترام وتقدير وتكامل وتعاون.
النتيجة أن أى تشريع يفترض أنه يعكس مصالح المجتمع أولا، وضمانات حقوق كل الأطراف، بجانب ما تطرحه النقابات والأطراف المختلفة، بشكل يشمل إدارة التنوع والتوازن بالمجتمع، بجانب أن آراء بعض النواب المستقلين باللجنة التشريعية تكشف عن مرونة وانفتاح لقبول الآراء والمناقشات، والهدف فى النهاية هو العدالة للجميع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة