ما كل هذه الضجة والجدال والتراشق بالبيانات والتصريحات حول قانون الإجراءات الجنائية الجديد..؟ من مع من ومن ضد من.؟ ومن المتضرر من صدور القانون ..؟ وهل هو قانون حكومة ضد معارضة ..؟ وما هو القانون من الأصل والمواد المختلف عليها.؟
كلها أسئلة دارت على بال وألسنة المواطنين العاديين الذين تابعوا فجآة خلال الأسبوعيين الماضيين البيانات الصادرة من اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس النواب ضد معارضى القانون أو الذين أبدوا تحفظهم على بعض مواده، فى تلميحات واضحة وصريحة الى نقابة الصحفيين والنقيب خالد البلشي. وكانت بيانات - فى رأيي - غير موفقة فى ديباجتها وصياغتها وأعادتنا الى أيام القاء الاتهامات جزافا واقصاء الآخر ومصادرة الرأى المخالف ووصفه بكلمات لا تليق بعهد نسعى فيه الى بناء مصر على أسس سياسية واقتصادية واجتماعية سليمة ومناخ ديمقراطى صحى يستوعب الجميع المعارضين قبل المؤيدين.
المواطنون شاهدوا دخان المعركة الكلامية تتصاعد فقط وأجواء أزمة غير مريحة يدفع اليها البعض، لم ينتبه أحد الى أن الغالبية العظمى من المصريين المنوط بهم قانون الإجراءات الجنائية الجديد لم تقرأ مواد القانون المقترح أو تسمع بها ولم تفكر أو تخطط النقابات المهنية والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدنى ومجلس النواب الى عقد ندوات ومؤتمرات تعريفية بالقانون والاستماع الى رأى الناس فى القانون ومواده الـ540 مادة. ولا أعرف من المسئول عن هذا التقصير فى التعريف بالقانون قبل مناقشته لأنه ليس قانون عادي، فهو القانون الأهم للمصريين ويعتبرونه " الدستور الثاني" أو " شبيه الدستور" ويتعلق بجوانب العدالة الحياتية
الرأى العام فوجئ بأن هناك اجتماعات ولجان منبثقة وحوارات دائرة منذ أكثر من عام مضى دون تعريف واعلام حقيقى عما يدور داخل هذه الاجتماعات واللجان بشأن الاعداد لقانون جديد للإجراءات الجنائية فى مصر منذ آخر قانون رقم 150 لسنة 1950 والذى أجرى آخر تعديل عليه فى 5 سبتمبر 2020 بالقانون 189 لسنة 2020
هواة اشعال الحرائق تأهبوا لخلق حالة صدام والدعوة لها على حساب مجتمع بأكمله قوامه أكثر من 100 مليون نسمة من حقه أن يعرف ويعلم ما هو القانون ولماذا الصدام من الأساس..؟!
الأيام الأخيرة – تحديدا خلال الثلاثة أيام الماضية- تجلى صوت العقل بالدعوة الى الحوار بدلا من التراشق العبثى الذى قد يؤدى الى وضع لا يقبله أحد. وكنت أقترح أن يدعو مجلس أمناء" الحوار الوطني" بعد أن تحول الى منصة ومظلة كبرى للحوار بين القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية فى مصر منذ دعوة الرئيس السيسى الى اطلاقه ونجاحه فى التوصل الى توافق مجتمعى حول العديد من القضايا التى تبناها الرئيس والحكومة، يدعو ويستضيف تحت مظلته حوارا مجتمعيا حول قانون الإجراءات الجنائية الجديد لمناقشة مطالب القوى السياسية والحزبية وكافة مؤسسات الدولة لتحقيق الهدف المنشود وهو العدالة الناجزة مع حماية الوطن والمواطن.
وهنا أوجه التحية الى الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية وقناة اكسترا نيوز والزميل أحمد الطاهرى فى إذاعة حلقة خاصة لأكثر من ساعتين من برنامج " كلام فى السياسة" مساء يوم الاثنين لمناقشة القانون وتعديلاته وأسباب الخلاف فى حضور خالد البلشى نقيب الصحفيين ونجاد البرعى الحقوقى وعضو مجلس أمناء الحوار الوطني، والنائب ضياء الدين داود، والنائب إيهاب الطماوي، أعضاء اللجنة التشريعية والدستورية بالبرلمان. كانت حلقة فى غاية الأهمية لمعرفة القانون أولا والاستماع الى وجهات النظر ثانيا بمناقشة هادئة وعاقلة ومتزنة أسهمت كثيرا فى توعية الرأى العام أو كل من تابع البرنامج بأصل الحكاية. وهذا هو دور الاعلام الحقيقى فى التوعية وافساح المجال أمام كافة الآراء والقوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية المختلفة والمستفيد الحقيقى هو المواطن الواقع ضحية أكاذيب وشائعات وهوس السوشيال ميديا.
أصبح يقينا وواقعا أن الحوار وليس شيء آخر هو الحل للتوصل الى توافق مجتمعى حول القانون وحول قضايا آخرى فى مصر لتحصين المجتمع وفتح أبوابه ونوافذه ومسامه للحوار والنقاش والاستيعاب وسعة الصدر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة