يستولى الوضع الإنساني والأمني المتدهور في السودان، على اهتمام عالمى كبير، من جميع الجهات الفاعلة على الساحة الدولية، خاصة مع تفاقم الأوضاع الإنسانية والصحية، إذ وقع المدنيون فريسة لكل من العنف المسلح، والأمراض والأوبئة، ونقص الغذاء والفيضانات التي دمرت الآلاف من المنازل، بينما تتجدد الاشتباكات بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، في العاصمة الخرطوم.
ومع تزايد معاناة المدنيين السودانيين، وجه الرئيس الأمريكي جو بايدن، الدعوة للأطراف المتحاربة في السودان، الجيش السودانى، وقوات الدعم السريع، ضرورة وقف الأعمال العسكرية، وسرعة إيصال المساعدات للمدنيين الأكثر احتياجا، والعودة لطاولة المفاوضات فورا.
جو بايدن يدعو الجيش والدعم السريع لإنهاء النزاع واستئناف المفاوضات
دعا الرئيس الأمريكي جو بايدن، القوات المسلحة السودانية، وقوات الدعم السريع، لسحب قواتهم، ووقف الأعمال العسكرية، وتسهيل وصول المساعدات للمدنيين، واستئناف المفاوضات لإنهاء النزاع الذى تسبب في معاناة السودانيين.
وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن في تصريح رسمي، نشره البيت الأبيض: "لقد تحمل الشعب السوداني لأكثر من سبعة عشر شهرا حربا، خلقت واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، لقد نزح ما يقرب من عشرة ملايين شخص بسبب هذا الصراع".
وتابع :" اختطفت النساء والفتيات واعتدي عليهن جنسيا، كما اجتاحت المجاعة دارفور، وتهدد ملايين آخرين في أماكن أخرى، ويتكرر العنف مرة أخرى، لقد ظلت مدينة الفاشر في دارفور، موطن ما يقرب من مليوني شخص ومئات الآلاف من النازحين، تحت حصار دام شهورا من قبل قوات الدعم السريع، وقد تحول هذا الحصار إلى هجوم كامل في الأيام الأخيرة".
وتابع في تصريحه :"أدعو المتحاربين، القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، إلى سحب قواتهم، وتسهيل الوصول الإنساني دون عوائق، وإعادة الانخراط في المفاوضات لإنهاء هذه الحرب، ويجب على قوات الدعم السريع أن توقف هجومها الذي يلحق ضررا غير متناسب بالمدنيين السودانيين".
واستمر :"يتعين على الطرفين السماح فوراً بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع مناطق السودان، وإن الولايات المتحدة تقف إلى جانب الشعب السوداني".
وتابع :"منذ بداية الصراع، كنا نضغط من أجل السلام وسعينا إلى محاسبة الجهات الفاعلة التي تسعى إلى إدامة العنف، وقد تقدمت الولايات المتحدة بجهود لحشد الشركاء الدوليين، وإنهاء الأعمال العدائية، وحماية المدنيين، وتوسيع نطاق الوصول الإنساني، ورفع أصوات المجتمع المدني، من خلال المحادثات الشهر الماضي في سويسرا، حيث أطلقنا مجموعة "التحالف من أجل تعزيز إنقاذ الأرواح والسلام في السودان" مع مجموعة من الشركاء المؤثرين، الاتحاد الأفريقي، ومصر، والمملكة العربية السعودية، وسويسرا، والأمم المتحدة، والإمارات العربية المتحدة".
واستمر :"وقد نجحت مجموعة "التحالف من أجل تعزيز إنقاذ الأرواح والسلام في السودان" في تأمين فتح طرق جديدة إلى دارفور والخرطوم، والتي يتم من خلالها الآن تسليم المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها، والسماح بالوصول إلى بعض المهابط الجوية لزيادة تسليم المساعدات، ولكن يتعين علينا أن نواصل الضغط من أجل المزيد".
واختتم تصريحه :"ليكن الأمر واضحًا، لن تتخلى الولايات المتحدة عن التزامنا تجاه شعب السودان الذي يستحق الحرية والسلام والعدالة، ندعو جميع أطراف هذا الصراع إلى إنهاء هذا العنف والامتناع عن تأجيجه، من أجل مستقبل السودان وجميع الشعب السوداني".
النائب العام للسودان ينتقد أداء لجنة تقصى الحقائق الأممية
ومن جهته، انتقد الفاتح محمد عيسى طيفور النائب العام لجمهورية السودان، لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، قائلا إنها لم تقم بزيارة السودان، وقال:" ولم تكلف نفسها بزيارة جمهورية مصر العربية التي تضم أكبر عدد من السودانيين ولكنها التقت بـ 182 شخصا فقط وأصدرت تقريرها.
وقال النائب العام في حديث تلفزيوني ، إن السودان ومعه 15 دولة رفض تشكيل هذه اللجنة بينما أيدت تشكيلها 19 دولة بأغلبية 3 دول فقط، مبينا أن السودان استلم تقرير اللجنة وقدم ملاحظات مكتوبة في 11 صفحة و30 فقرة ردا على هذا التقرير، وفقا لوكالة سونا.
وأكد النائب العام أن السودان، لا يعترف بهذه اللجنة التي ارتكبت مخالفة ولم ترفع تقريرها للجهة التي كونتها بل قامت بعمل سياسي عندما اعلنت نتائجها عبر مؤتمر صحفي، موضحا ان رفض السودان لعمل اللجنة لأن هنالك لجنة وطنية مستقلة تم تكوينها في السودان وقطعت شوطا كبيرا في العمل وتلقت عددا كبيرا جدا من البلاغات وصل "18741"، بلاغا من السودانيين، وتم احالة 273 بلاغا للمحكمة التي فصلت في 143 بلاغا منها.
أكثر من 3 مليون طفل معرضون للإصابة بالكوليرا وأمراض مميتة أخرى
وفيما يخص الوضع الصحى، بدأت الجولة الثانية من حملة التطعيم ضد الكوليرا في ولاية كسلا بهدف الحد من انتشاره، وكشف ممثل اليونيسف في السودان، شيلدون ييت : "نحن في سباق مع الزمن، هطول الأمطار الغزيرة والفيضانات يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الوضع الصحي، خصوصًا بالنسبة للأطفال في الولايات المتضررة".
السودان الذى يعانى من نيران الحرب، يواجه تفشيًا لعدة أمراض بما في ذلك الكوليرا والملاريا وحمى الضنك والحصبة، ويُقدر أن حوالي 3.4 مليون طفل دون سن الخامسة معرضون لخطر الإصابة بهذه الأمراض بسبب تدهور النظام الصحي وانهيار خدمات المياه والصرف الصحي نتيجة للصراع المستمر، وفقا لصحيفة التغيير السودانية.
وتعمل اليونيسف بالتعاون مع وزارة الصحة الاتحادية ومنظمة الصحة العالمية على احتواء تفشي الكوليرا من خلال استجابة متعددة القطاعات.
وفي 9 سبتمبر الحالي، تم تسليم 404 ألف جرعة من لقاح الكوليرا إلى السودان كجزء من جهود الاستجابة. الحملة الحالية للتطعيم في ولاية كسلا، والتي تمتد من 16 إلى 21 سبتمبر، ستعقبها حملات أخرى في الولايات المتضررة.
وتم دعم أكثر من 1.9 مليون شخص بمصادر المياه المعالجة بالكلورين، كما تقوم اليونيسف بتوعية المجتمعات المحلية حول الكوليرا، من خلال حملات إعلامية وزيارات منزلية للتوعية حول أعراض المرض وطرق الوقاية منه.
كما يعانى السودانيين بسبب الفيضانات، حيث يعيش حوالي 15 مليون شخص في 14 ولاية معرضة لهذا الخطر، يُقدر أن 3.1 مليون شخص، من بينهم 500 ألف طفل دون سن الخامسة، معرضون لخطر الإصابة بالكوليرا بين يوليو وديسمبر 2024.
كما أن 3.4 ملايين طفل معرضون لخطر الأمراض الوبائية الأخرى مثل الحصبة والملاريا والالتهاب الرئوي وأمراض الإسهال.
وتراجعت معدلات التطعيم في السودان بشكل كبير، حيث انخفضت من 85% قبل الحرب إلى 50% فقط حاليًا، بينما تصل إلى 30% في المناطق الأكثر تضررًا من النزاع، وتتعثر عمليات توزيع اللقاحات والتطعيمات الروتينية بسبب الصعوبات الأمنية وقلة الوصول إلى هذه المناطق.
وأكثر من 70% من المستشفيات في المناطق المتضررة من النزاع خارج الخدمة، والعاملون في الخطوط الأمامية، بما في ذلك الممرضون والأطباء، لم يتلقوا رواتبهم منذ أشهر.
تجدد الاشتباكات في الخرطوم والخرطوم بحرى وأم درمان
فيما تجددت الاشتباكات، الأربعاء، والقصف المتبادل بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، وتبادل الطرفين قصفا مدفعيا في مدن العاصمة الثلاث، الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان، وفقا لصحيفة المشهد السودانى.
وأوضحت مصادر محلية أن الجيش السوداني استهدف مواقع للدعم السريع في شارع الغابة وسط مدينة الخرطوم، بالإضافة إلى مواقع الدعم السريع في الخرطوم بحري ومنطقة شرق النيل في العاصمة.