أكرم القصاص

عمار الشريعى وسعيد الشحات.. سيرة ملهمة للخيال والعبقرية والفن

الجمعة، 20 سبتمبر 2024 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بالرغم من الصداقة والقرب بينى وبين صديقى سعيد الشحات، ومعرفتى بالموسيقار العبقرى عمار الشريعى، اعترف أننى شعرت بالدهشة والامتنان لكل من الكاتب الصديق سعيد الشحات، وأيضا لعبقرية عمار الشريعى، وسيرته الملهمة فعلا، والتى تأتى فى موعدها لتكون طريقا لاستكشاف التحدى الإنسانى واكتشاف البصيرة التى هى أعمق وأكثر إلهاما من البصر.

أما عن سعيد الشحات فهو يكتب بطريقة الغزل، ويقيم بنيانا دراميا، خاصة وهو يتعامل مع عبقرية وتجربة ملهمة مثل عمار الشريعى، الذى يمثل واحدا من سلسال الفنانين العظماء، بجانب كونه نموذجا للإنسان القادر على اختيار مصيره وتغيير مساره وبناء عالمه وإبداعه بقوة وإصرار وإيمان، لم يكن عمار مجرد عبقرى موسيقى، لكنه أيضا كان ملهما فى شرح وتبسيط الموسيقى واكتشاف نقاط الصعود والهبوط، فى برنامجه الإذاعى الشهير «غواص فى بحر النغم»، أو «سهرة شريعى».

عمار أحد الكبار فى تقديم «تيترات» الأعمال الدرامية بشكل يجعلها سيمفونيات قادرة على إعادة بناء الدراما، وأيضا بناء عالم من الخيال، وهى أعمال منفصلة تثير الكثير من المشاعر والبهجة والحنين، وهو أحد من علموا أمثالنا من غير الدراسين كيفية فهم الألحان والموسيقى، مئات الألحان لمعظم مطربى ومطربات مصر والعالم العربى، والموسيقى التصويرية لأكثر من 50 فيلما، و150 مسلسلا، وعشرات الأعمال الإذاعية، بقيت أكثرها أيقونات موسيقية خالدة، نذكر منها «رأفت الهجان، الشهد والدموع، الراية البيضا، الرحايا، زيزينيا، أرابيسك، الزينى بركات»، إلى آخر القائمة البديعة.

فى كتابه «عمار الشريعى - سيرة ملهمة» يغزل الصديق سعيد الشحات سيرة عمار، من خلال عدد من الحوارات الممتدة، بجانب توثيق حياته من خلال شهاداته وشهادات معاصريه وأصدقائه، ورفاق رحلته الإنسانية والإبداعية، مع عشرات الكتب والوثائق، كعادته ينسج من هذا العالم قصة بالفعل تحمل الهاما، وتعلم أجيالا، ليس فقط لمن فقدوا البصر، أو ذوى الاحتياجات، لكل إنسان بحاجة إلى قدوة، وخيال.

ويلتقط سعيد الشحات فى زيارته الأولى لعمار الشريعى، ذهبت إليه فى منزله بالمهندسين وكيف كان يتابع مع مهندس طبق اللاقط للإرسال، وضبط القنوات ويبلغ المهندس أن هذه الصورة مهتزة، أو مضبوطة، وهو ما أثار دهشة سعيد الشحات وتساؤلاته، التى أجابه عليها عمار وكيف وقع له حادث على شاطئ البحر وأنه لم يكن يحب الشفقة من نساء أو آخرين، وعندما تحدث عن والده، قال له إنه يجب أن يتصرف مثل الطبيعيين، سعيد يلتقط أن عمار لم يكن يخجل من وصف نفسه بالأعمى، وأنه عبر هذه المشاعر، إلى أن يكون أكثر وأفضل من أقرانه، وكما يقول سعيد الشحات «كيف أصبح هذا الكفيف ليس أحد عباقرة الموسيقى فى تاريخنا وفقط، وإنما أحد عباقرة الحياة الذين يعيشون فيها دون أى شعور بأنه كفيف».

يقول عمار بكيت، قلت لنفسى: «خلاص هى حياتك كلها تبقى كده يا عمار، كل ما يشوفك حد يتصعب ويولول زى الست دى، يعنى أنا هفضل صعبان عليكم يا مفتحين يا أولاد الكلب.. هنا جاء دور الأب، سألنى: مالك يا عمار؟، شرحت له القصة، خدنى فى حضنه، طبطب على، قال لى: «ايه يعنى؟ الحكاية بسيطة لكن أنت كبرتها زيادة، طيب إيه رأيك لو تثبت للست دى وغيرها إنك أحسن من المفتحين، يعنى تفرجهم على قدراتك، كده هتخليهم يجروا وراك، الإنسان بشخصيته وإنجازه، ضحكنا أنا وأبى وانتهى الأمر، لكن الحكاية كلها تركت أثرا عميقا عندى، وأثبتت لى شيئا مهما هو، أن حياتى المبكرة كانت تحتاج إلى أحد من صلبك، يقوى ضهرك فى الدنيا، يخليك ناشف، يخليك جامد، يضبط لك الإيقاع، ويقول لك كل شوية: أوعى تخاف، أنا هنا، أنا وراك، وأنت خليك قوى، ويقول عمار «كان أمام أبى تجربة ملهمة للدكتور طه حسين بلدياتى، تصور أنه من الممكن أن يكررها معى فأحضر لى وأنا صغير شيخا يقوم بتحفيظى القرآن الكريم، كخطوة نحو التحاقى بالأزهر الشريف، كما فعل طه حسين، وبالفعل تمكنت من حفظ ثلاثة أجزاء من القرآن، وأنا فى الرابعة من عمرى، ويفكر عمار أن يكون مهندسا، قبل أن يتجه إلى دراسة اللغة الإنجليزية بكلية الآداب.

يرصد سعيد فى نسيجه الملهم، مع والده، كانت «أم عمار» ودون أن تدرى تضع البذرة الأولى لعبقرتيه الموسيقية «أمى كانت أول من غرس فى وجدانى حب الاستماع إلى الغناء، كانت تغنى لى أغانى متنوعة، فكانت تغنى لى أغانى حنين، ولما كانت تغنى لى أغانى الأفراح كان ده يشجينى وأضحك وأنبسط، لأنها كانت تحفظ كما كبيرا من التراث الفلكلورى.

الكتاب بالفعل سيرة ملهمة، وعميقة وشجية، لواحد من عباقرة الفن المصرى، عمار الشريعى، نسجها سعيد الشحات ببراعة وأضاف إليها روحا، تكتشف الخيال بعمق وبساطة.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة