دقت ساعة المحاسبة والمراجعة الشاملة لأوضاع الرياضة المصرية وبداية ثورة تصحيح شاملة لملف طال الانتظار في أن تطاله أيادي الإصلاح وإرساء قواعد سليمة لصناعة الرياضة في مصر.
حزمة التعليمات والتوجيهات والقرارات الصارمة والحازمة التي أصدرها الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ يومين بخصوص نتائج البعثة الرياضية المصرية في أولمبياد باريس الأخيرة تعني أن القيادة السياسية ليست غائبة عن ملف الرياضة في مصر كما ردد البعض بل أنها تضعه في قائمة أولوياتها ولكن بدراسة كاملة لكافة أبعاد المشاكل والصعوبات والتحديات التي تواجه الرياضة المصرية وبرؤية شاملة لوضع الحلول الملائمة والمناسبة والبداية بالمحاسبة والمراجعة.
الرئيس تدخل في قضية الإدارة الرياضية لاتحادات الألعاب الرياضية في مصر – حوالي 28 اتحاد- التي غاب عنها الرقابة والحوكمة والشفافية والمحاسبة الدقيقة والفعالة لفترات طويلة حتى ترهل عدد كبير منها حتى أصبح مرادفا للصراعات والمشاكل بعيدا عن الاهتمام بالألعاب وتطويرها. فكان لابد من تدخل لإجراء تقييم شامل لأداء جميع الاتحادات الرياضية خاصة التي شاركت بدورة الألعاب الأولمبية باريس 2024. بداية لتصحيح شامل لوضع أسس صناعة اسمها الرياضة بما يحقق المرجو منها في المنافسات الدولية، كما يحدث في الدول الأخرى وتمثل دخل قومي وقوة ناعمة لها.
تعليمات وتوجيها الرئيس جاءت استجابة للرأي العام في مصر وحالة الاستياء الجماهيري من حجم المشاركة والانفاق الكبير على البعثة وأفرادها من الرياضيين والاداريين وغيرهم ، فقد شارك في البعثة164 رياضيا ورياضية مصرية في أولمبياد باريس واحتلت المركز 18 في ترتيب أكبر البعثات الرياضية الأولمبية وقدر حجم الانفاق حوالي مليار و250 مليون جنيه والمحصلة 3 ميداليات فقط، ذهبية وفضية وبرونزية بنسبة نجاح لا يتجاوز الـ2% مقارنة بين عدد الرياضيين عامة وإجمالي الميداليات.
الرئيس طالب بإجراء تقييم شامل لأداء جميع الاتحادات الرياضية التي شاركت في البعثة الأولمبية المصرية بدورة باريس 2024، سعيا لضمان تطوير أداء المنظومة الرياضية وترسيخ مبادئ المحاسبة والشفافية، وإزالة أي معوقات تواجه اللاعبين وجميع عناصر اللعبات المختلفة بحيث يتحقق العائد المرجو من خوض المنافسات وإظهار الأداء الرفيع الذي يليق باسم مصر ويسعد شعبها العظيم.
بالفعل فهناك مراجعة قانونية دقيقة لأوجه صرف المبالغ المالية المخصصة للاتحادات الرياضية التي شاركت في جميع المسابقات بالأولمبياد مع مراجعة حجم المبالغ الممنوحة والمخصصة لبعض الاتحادات ارتباطا بما حققه من نتائج في هذه المسابقات لبيان أسس المنح، ووضع ضوابط محكمة فيما يتعلق بمنح مبالغ الدعم لها مستقبلا، بالإضافة إلى دراسة تقديم الدعم المناسب للاتحادات التي حققت مراكز متقدمة في المسابقات سعيا لتطوير أدائها وتعزيز مشاركتها خلال الدورات المقبلة.
والأمر المهم الأخر هو تحجيم المشاركة في الألعاب التي لا تتمتع مصر فيها بميزة تنافسية، بحيث تقتصر على اللاعبين الواعدين، واتخاذ الإجراءات المناسبة تجاه الاتحادات التي ظهرت عناصر من أعضائها بشكل سلبي، أثر على سمعة الرياضة المصرية.
البيان الرئاسي وضع خارطة طريق لما هو قادم بوضع أسس الاختيار للاعبين واللاعبات وتوجيه الوزارات المعنية لتنظيم التعاون فيما بينها لتأهيل أفضل العناصر للمشاركة في المنافسات، مع تقليل أعداد الفنيين والإداريين المشاركين في البعثة الأولمبية ومراجعة خطة المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية المقبلة، في ضوء الضوابط المقترحة وغيرها من الإجراءات، بما يضمن تحقيق أكبر إنجاز ممكن من اللاعبين المشاركين، وعرض الخطة على مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب بشأنها، مع توجيه الحكومة بوضع تعديل قانون الرياضة ضمن أولويات عملها، تمهيدا لعرضه في أقرب فرصة على مجلس النواب.
في رأيي أن البيان هو انقاذ عاجل للرياضة المصرية وبداية حقيقية وضرورية ومهمة للإصلاح والتصحيح ووضع الرياضة على مسارها الصحيح لتحقيق الهدف الأسمى منها بالعلم والتخطيط والاحترافية في الإدارة والأنظار حاليا تتجه الى قانون الرياضة الجديد والأمال المعقودة عليه في إرساء قواعد سليمة وعادلة لتطوير المنظومة الرياضة بكافة صورها ومفرداتها.
تدخل الرئيس السيسي جاء من أجل الإصلاح والتطوير على مستويات التشريع والحوكمة المالية والإدارية والتنفيذية والفنية وهو المأمول أن ينعكس على التعديلات المرتقبة في قانون الرياضة بالشكل الذى يضمن ضبط الأداء القانوني للمنظومة الرياضية، وحوكمة الأداء المالي والإداري لكافة الهيئات الرياضية. عجلة اصلاح الرياضة المصرية دارت وبقوة ولن تتوقف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة