طالما نتحدث عن قضية الصحة فإن ملف الدواء من الملفات المهمة التى لا يجب أن نتركها ونتعامل معها بكل دقة، ونستغل كل الإمكانيات التى توفر الدواء ليصبح فى متناول المرضى، ومعروف أن الإنسان يمكنه استبدال الطعام والملابس لكن الدواء لا يمكن الاستغناء عنه أو استبداله، وخلال الفترة الماضية شهدت الأسواق بالفعل نقصا فى بعض الأصناف الدوائية، خاصة أدوية الأمراض المزمنة القلب والضغط والسكر والأورام وغيرها.
من جانبها تحركت الحكومة وأعلنت التعامل مع الأزمة، وحلها من خلال آليات متنوعة، وأعلنت هيئة الدواء عن ضخ كميات إضافية من العديد من أدوية الضغط والقلب والسكر والأورام والمضادات الحيوية، وأدوية التخدير والجراحات.
وخلال السنوات الماضية تعاملت الدولة مع ملف الدواء بسرعة وحسم، من خلال توحيد هيئات الشراء، وأيضا المصانع التى تم افتتاحها وتطويرها ومنها مدينة الدواء التى افتتحها الرئيس ودعم تطويرها قبل 9 سنوات، بهدف تأمين صناعات الأدوية، كل هذه خطوات مهمة فى صناعة وإنتاج الأدوية.
وقبل أيام، السبت الماضى، أعلن المتحدث باسم مجلس الوزراء، فى تصريح أن الأزمة كانت فى الدواء المستورد الذى يمثل 9 % من الدواء المتداول فى السوق المحلى، وكان لدينا 580 دواء نعانى من نقص تداولها فى السوق ونجحنا فى توفير 470 دواء وما زال لدينا نقص فى 110 أدوية، وخلال شهر تنتهى مشكلة النقص فى الأدوية المستوردة.
كلام الحكومة وزيارات وتحركات مجلس الوزراء مهمة فى إطار التعامل بسرعة ووضوح مع القضايا الخاصة بالدواء، والذى يمثل أهمية قصوى لكونه يتعلق بحياة وصحة ملايين المصريين من كل الفئات، وليس فئة من دون أخرى، وبالتالى لا يمكن تركه لحين تعقد الأزمة وإنما التدخل بسرعة، خاصة أن صناعة الدواء فى مصر عريقة منذ عقود، وبالفعل مصر تنتج نسبة كبيرة من الاحتياجات المحلية، لكن الأمر لا يتعلق فقط بالأدوية المستوردة، ولكن بنقص الخامات الدوائية المستوردة، والتى تمثل أساس صناعة الدواء، بجانب وجود بعض الاتجاهات لدى الشركات المنتجة لرفع أسعار بعض الأصناف لتعويض ارتفاع أسعار التكلفة للخامات والتصنيع.
ومن بين أسباب الأزمة لجوء بعض الأطراف لإخفاء الأدوية انتظارا لرفع أسعارها، وهى لعبة يفترض التعامل معها بحسم من قبل جهات الرقابة والجهات المختلفة، التى تتعامل مع هذا الملف الحساس، والدليل أن البعض يوفر الدواء بشكل عام، مما يؤكد أن النقص نفسه فيه جزء مصطنع، وهناك أيضا تهريب الدواء، لأن الدواء فى مصر الأرخص فى المنطقة، وهو أمر يحتاج للتعامل من خلال قنوات التصدير وإغلاق أى ثغرات للتهريب.
رئيس الوزراء أعلن عقب جولة له ببعض مصانع الدواء أنه فى آخر ثلاث سنوات تم إنشاء 15 مصنعا جديدا للأدوية ليصل إجمالى عدد المصانع إلى 172 مصنعا، وأن إنتاج الدواء يغطى 91 % من الاحتياجات، وأن حجم التصدير خلال العام الماضى نحو مليار دولار، وقال إن مشكلة نقص الدواء فى سبيلها للانتهاء.
والواقع أن هذه البيانات من قبل الحكومة صحيحة، بجانب أن نسبة 9 % ، والتى تتعلق بالاستيراد، تمثل أهمية قصوى لأنها تتعلق بالخامات التى تمثل قاعدة الإنتاج، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن الجهات الخاصة بتنظيم ومتابعة إنتاج الدواء، يفترض أن تكون لديها قاعدة معلومات وقدرة على توقع أى نقص فى الخامات أو المنتجات، ومتابعة عملية التسعير والتوزيع بشكل مستمر حتى يكون هناك تعامل مسبق للتعامل مع ملف شديد الأهمية والدقة.
مع الأخذ فى الاعتبار أن أزمة نقص بعض الأدوية بدأت أثناء تولى الحكومة الجديدة مهامها، ووعدت بحلها منذ يوليو الماضى، وأن توفير الاعتمادات من العملات للخامات الدوائية له أولوية.
وفى 10 يوليو الماضى، عقد وزير الصحة الدكتور خالد عبدالغفار، اجتماعه الدورى مع نواب وقيادات الوزارة ورؤساء الهيئات لمتابعة سير العمل بمختلف ملفات الوزارة، ويومها وجه بإعداد حصر دورى على فترات زمنية قصيرة بأرصدة الأدوية والمستلزمات الطبية ومعدلات الصرف الخاصة بها، لتوفير النواقص من الأدوية والمستلزمات، ويومها بدت هذه الخطوة مهمة فى التعامل مع الأزمة، التى استمرت حتى بدأت الحكومة تتعامل معها مؤخرا فى تصريحات رئيس الوزراء وهيئة الدواء.
هذه الخطوات مهمة، ويفترض التعامل مع ملف الدواء، من خلال غرف متابعة تتعامل مع الملف يوميا، ومعرفة مدى أحقية الشركات المنتجة تعديل ورفع أسعار بعض الأصناف حتى لا تحقق خسائر، ومنح الموافقات بسرعة مع مراعاة الجودة والتراخيص، حتى يمكن التعامل مع الأمر بشكل مستمر، ولا تتكرر الأزمة، التى تتعلق بصناعة استراتيجية، تخص صحة المواطنين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة