أمل الحناوى

آلام الشرق الأوسط.. والدور المصرى

السبت، 28 سبتمبر 2024 09:53 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

على مدار عام تقريباً، تنام فلسطين على وجع وتصحو على دم، لأن الاحتلال الإسرائيلى أدمن سياسة القتل والفتك بالأرواح الفلسطينية البريئة. وهى سياسة مقيتة امتهنها المُحتل منذ عشرات السنين، ليضمن بقاءه فى منطقة قانطة، كل ذنبها أن المُحتل زُرع بين جنباتها، كسرطان ينهش مفاصلها يوماً تلو الآخر، يقتل بلا ضوابط، ويدمر الإنسانية بلا أى رحمة ولا هوادة. وكأنه يملك شيكاً دولياً على بياض ليمارس ما يحلو له فى الإقليم، وما لم يجرؤ عليه أحد مطلقاً منذ أن وُضعت القوانين الدولية بعد الحروب العالمية الأولى والثانية.

الصورة الساطعة اليوم فى الشرق الأوسط، أن يد الشر الإسرائيلية تحركت من قطاع غزة والضفة الغربية، إلى لبنان المكلوم، وطاله الجحيم الذى أشعله المُحتل فى غزة قبل قرابة العام. وأضحت "لؤلؤة الشرق" هى الأخرى بين فكى الدم والنار، بسبب مخالب البطش الإسرائيلية والسياسات الدموية لبنيامين نتنياهو، الذى قرر خلط كل أوراق الصراع على حافة الهاوية، مستمراً فى اتباع نهج سياسة الأرض المحروقة، لحماية مستقبله السياسى وضمان بقائه فى الحكم لأطول فترة ممكنة.

ألم اللبنانيين، لا يقل عن معاناة الفلسطينيين، فكلاهما يئنون من مرارة الاحتلال الإسرائيلي، ويتجرعون الظلم والقهر والإحباط بشكل يومي. يعيشون وسط الدمار، وأسفل ضربات عشوائية غاشمة، لم يروا لها مثيلاً منذ زمن بعيد. يسكن قلوبهم الهلع والحزن، ويعلو وجوههم القلق والاضطراب، ويغزو عقولهم الترقب والتأهب لشبح الحرب الإقليمية الشاملة. ليس هذا فى لبنان وحده ولا غزة بمفردها، بل فى كل المنطقة العربية التى تعايش حزن أهالى بلاد الأرز والقطاع الصامد، على فقدان أبنائهم وذويهم.

ما تفعله إسرائيل اليوم فى لبنان، ما هو إلا استدعاء متعمد لعاصفة غير مسبوقة فى التاريخ الحديث، لن يكون أحد بمنأى عن أذاها ومخاطرها. وكأن تل أبيب تمارس الشعوذة السياسية، وتستحضر روح "صندوق باندورا" من الأسطورة الإغريقية القديمة، لنشر كل شرور البشرية فى الإقليم البائس.

كل هذا، والمجتمع الدولى لا يزال يتحدث بنصف لسان، وكأنه يعانى الانفصام السياسى. يحذر ويتخوف فى نيويورك من سقوط لبنان فى الهاوية، وتحوله إلى غزة ثانية، فى فضيحة مدوية، تعكس عجزه المطلق فى كبح مجرمى مجازر غزة المستمرة، وتتنبأ بخطايا إسرائيلية جديدة فى بيروت ضمن معركة الحسابات المفتوحة.

اللبنانيون ومن قبلهم الفلسطينيون صاروا يتصدون للمعركة وحدهم، وكأنهم متروكون للقدر. بينما الغرب منشغل بترتيب ملفاته على الجانب الآخر من الكرة الأرضية فى المدينة التى لا تنام، قائلاً اذهبوا وقاتلوا وحدكم فإنا ها هنا مفاوضون.

إذا ترك المجتمع الدولى هذا الجنون الإسرائيلى ليسود فى الإقليم دون ردع أو كبح، سنجد أنفسنا أمام سلسلة لا تنتهى من الدم والخراب، ستعيد الشرق الأوسط لا محالة إلى العصر الحجرى. فمازالت الفرصة سانحة أمام النظام العالمى للتراجع عن الهاوية، وتشديد الضغط على نتيناهو وائتلاف حكومته للجنوح إلى السلام، قبل فوات الأوان.

ويبقى دور مصر المبادر واتصالاتها الواسعة ومحاولات وقف التصعيد بوساطات إقليمية ودولية متداخلة، خلاصة الأمل فى مخرج أقل إيلاماً للشرق الأوسط. فالقاهرة فى قلب هذا العبث، هى الرقم الصحيح العاقل لتلك المعادلة الصفرية، التى صنعتها سياسات متطرفة ومسالك غير إنسانية.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة