علاء عابد

«المثلث الملعون»

الأحد، 29 سبتمبر 2024 09:19 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

من أشهر وأصدق مقولات سيدنا على رضى الله عنه «لو كان الفقر رجلا لقتلته». واعتقد الكثيرون بأن الفقر مصدر رئيسى من مصادر الكوارث والجرائم المجتمعية ومبعث كل شر يصيبنا، وأنه نتيجة حتمية ليفقد الإنسان سمو أخلاقه وطبائعه الإنسانية الراقية.


لكن الجهل وتدنّى العقل وانحطاط الفكر أكثر سوءا من الفقر، ولا أبالغ إذا قلت بأن الجهل أصل الشرور وهو من يخلّف لنا العمى العقلى وفقدان البصيرة، فإذا اجتمع الجهل مع الفهم السيئ للدين سيكون الناتج إرهابا، ولو اجتمع الجهل مع الحرية المنفلتة وضعف القانون وغياب الثواب والعقاب سيكون الناتج فوضى، ولو اجتمع الجهل والفقر معا وهما الشرّان المستطيران واقترنا ببعضهما فلن يلدا إلاّ إجراما متمثّلا فى اتساع أنواع القتل والسرقات بكل أشكالها ويكون الوطن الضحية.


إن بناء الإنسان يحتاج إلى 3 عوامل رئيسية، مكافحة الفقر، مكافحة الجهل، ومكافحة المرض، فأول ما نزل فى القرآن الكريم هو قول الله تعالى: «اقرأ باسم ربك الذى خلق»، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: «تداووا عباد الله فإن الله ما خلق داء إلا له دواء».
حينما نستعرض حياة بعض العظماء والمشهورين فى التاريخ، نجد الكثير منهم ولدوا فى عائلات فقيرة لكنهم استطاعوا أن يصنعوا مجدهم بأنفسهم، كأمثال: جان جاك روسو، صاحب كتاب العقد الاجتماعى، فأبوه كان عامل ساعات لا أكثر، لكن روسو أصبح أحد أهم فلاسفة القرن الثامن عشر، ومنظر عصر التنوير، الذى مهد لقيام النهضة الأوروبية.


وكذلك الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب رجل العقارات الأول فى أمريكا كانت وظيفته الأولى هى تحصيل الإيجارات وكان يساعد أخاه فى جمع الزجاجات من القمامة لبيعها، وكذلك أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية السابقة، لم تولد وسط عائلة غنية، بل لقد كانت تعمل نادلة فى حانة ليلية، عندما كانت تدرس الفيزياء، بجامعة كارل ماركس فى ألمانيا الشرقية.


وكذلك عميد الأدب العربى طه حسين الذى يعتبر أحد رموز حركة النهضة والحداثة فى الشرق الأوسط، ولد لأسرة فقيرة ذات العدد الكبير من الأبناء وعاش طفولته الباكرة فى إحدى قرى الريف المصرى، وكان والده موظفا فى شركة السكر ويعول ثلاثة عشر ولدا، وفقد طه حسين بصره بسبب الجدرى وهو فى مرحلة حياته الأولى، لكن سرعان ما عوضه الله عن فقرة وبصره ليصبح من رموز الأدب العربى فى مصر.
وقد اختلفت الدول فى محاربة الفقر بتطبيق أهداف التنمية المستدامة  التى تعنى توظيف الموارد من أجل رفع مستوى المعيشة للسكان الأكثر فقرا.
وترتبط التنمية مع الفقر بعلاقة عكسية، فكلما زاد التقدم والتطور كلما قل الفقر والحرمان فى المجتمع، وفى هذه الحالة تحتل المجتمعات المتقدمة مركز الصدارة فى الأنشطة التى تولد الدخل التى تمتلك موارد طبيعية هائلة.
ويمثل هدف «الاستدامة»، التحولات الحديثة فى التفكير التنموى، ومما تجدر الإشارة إليه أن منهج «الاستدامة»  لا يمكن أن يتحقق فى الدول الفقيرة إلا إذا كانت الاستراتيجيات التى تتم صياغتها وتنفيذها مستدامة من النواحى الاقتصادية والاجتماعية والمؤسساتية والبيئية، والتى تشكل بمجموعها العناصر الأساسية للتنمية المستدامة.


وقد عكست استراتيجية مصر للتنمية المستدامة لعام 2030، والتى أُطلقت فى فبراير 2016، الرؤية المصرية طويلة المدى للتنمية المستدامة بأبعادها الثلاثة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، حيث ركزت على الارتقاء بجودة حياة المواطن المصرى، وتحسين مستوى معيشته فى مختلف نواحى الحياة؛ وذلك من خلال التأكيد على ترسيخ مبادئ العدالة والاندماج الاجتماعى، ومشاركة جميع المواطنين فى الحياة السياسية والاجتماعية.
ويأتى ذلك بالتوازى مع تحقيق نمو اقتصادى مرتفع، احتوائى ومستدام وتعزيز الاستثمار فى البشر، ولو نظرنا إلى الجهل فهو لا يعنى الأمية فقط، بل يتعداه إلى الجهل بالثقافة ومقومات النهوض الحضارى، الجهل بوسائل الاتصالات والتكنولوجيا الحديثة، الجهل بمعناه العام الذى يعنى انعدام العلم بشتى العلوم.


وانتشار المرض فى المجتمع من أخطر الآفات، فحفظ جسم الإنسان من أهم مقاصد التشريع، وعندما يصبح البدن مهددا بالزوال فهذا يعنى مصيبة لا بد من العمل على القضاء عليها.


الدولة الآن تعمل على بناء الإنسان، وذلك من خلال تعليم وتنمية المهارات والقدرات، وترسيخ لمفهوم الهوية الوطنية، وتثبيتا لأركان الجذور الحضارية، والتربية على النشأة السوية، والفكر السليم بعيدا عن المغالاة والتطرف والأفكار الشاذة، ويتبقى دور كبير للأسرة المصرية المعنية أيضا بحماية الأجيال الجديدة من هذه الأفكار، فصناعة الوعى ليست قاصرة على وزارة أو هيئة أو مؤسسة بعينها، الجميع معنى بصناعة الوعى والمشاركة فى بناء الإنسان المصرى.


وهنا أصمت قليلا مستغربا وأسأل لماذا بعض الدول شرّعت القوانين لزواج المثليين.. هل هم خائفون أن يعيشوا فى الحرام مثلا؟
لقد عاد التركيز على نشر واستباحة «الشذوذ الجنسى» إلى مائدة النقاش المجتمعى الذى يغلب عليه الرفض والاستنكار لهذا السلوك المشين؛ وأود أن أقول هذا هو نتاج «العولمة» وليس مجرد ظاهرة اجتماعية.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة