منذ بداية الحرب فى غزة، تتمسك مصر بمواقف واضحة وحاسمة فى مواجهة الاحتلال، وتخوض حروبا على جبهات متعددة، ومنذ اللحظات الأولى كان الموقف المصرى واضحا وأعلنه الرئيس عبدالفتاح السيسى، بأن مصر تدعم الحقوق الفلسطينية، وأنها تتمسك بأمنها القومى، وترفض أى محاولات لتهجير الفلسطينيين أو تصفية القضية.
ورغم موقف مصر الداعم للقضية الفلسطينية فإن تحرص فى سعيها لوقف العدوان على القيام بدور متوازن بهدف إنهاء حرب إبادة ومواجهة أكاذيب وأطماع نتنياهو، الذى لم يحقق هدفا واحدا من أهدافه التى أعلن عنها بعد 7 أكتوبر الماضى، بل تسبب بغروره فى مقتل عدد من المحتجزين بالقصف الذى يشنه جيش الاحتلال، ومع الوقت فقد تجاوز رد الفعل على عملية طوفان الأقصى وبلغ أقصى درجات الانتقام، وتضمن ارتكاب جرائم حرب مستمرة وصلت إلى محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.
منذ بداية العدوان يصر نتنياهو على تعليق مأزق العدوان فى أكاذيب يستهدف بها مصر، بداية من مزاعم إغلاق المعبر وصولا إلى وجود أنفاق أو دخول سلاح إلى الفصائل، بينما كل الدلائل تشير إلى أن فساد جيش الاحتلال سبب تسرب السلاح ووصوله إلى المقاومة، بجانب عجز نتنياهو عن تبرير الخسائر وسط قواته، من فصائل يزعم أنه قضى عليها، وتعمل بأسلحة وإمكانات أقل كثيرا من أى إمكانات لدى جيش الاحتلال، وفى المقابل عجز نتنياهو على مدى نحو 11 شهرا عن استعادة المحتجزين، أو القضاء على حماس، بل إنه تسبب فى مقتل المحتجزين، مع أكثر من 45 ألف نصفهم أطفال، والباقى نساء عزل، وهو ما يمثل جرائم حرب وإبادة يستحق عليها المحاكمة، كما تسبب نتنياهو فى إفشال أكثر من مشروع لوقف الحرب وصفقات تبادل المحتجزين، بالرغم من قبول حماس لقرار مجلس الأمن الصادر بمشروع أمريكى يتبنى مطالب إسرائيل.
سبق وحاول نتنياهو ترديد مزاعم عن تهريب السلاح لحماس، بينما كان الرد عليه من تقارير الصحافة الأمريكية والإسرائيلية عن عمليات اتجار بالسلاح داخل جيش الاحتلال، وردت مصر على هذه الأكاذيب بالأدلة والبيانات، وهو ما عاد نتنياهو لمحاولة ترديده بمزاعم حول أسباب احتلال محور صلاح الدين «فيلادلفيا»، وجدد مزاعم سبق وردت عليها مصر بالبيانات والأدلة.
جددت مصر رفضها لتصريحات نتنياهو التى زج فيها باسم مصر، لتبرير تعطيل صفقة التبادل، واحتلال محور فيلادلفيا، وتضمن بيان الخارجية رفضا لتصريحات نتنياهو ومحاولته الزج باسم مصر، لتشتيت انتباه الرأى العام الإسرائيلى، وعرقلة التوصل لصفقة لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والمحتجزين، وعرقلة جهود الوساطة التى تقوم بها مصر وقطر والولايات المتحدة، وأكدت مصر رفضها لكل المزاعم التى يتم تناولها من جانب المسؤولين الإسرائيليين فى هذا الشأن، وأكدت تحميل الحكومة الإسرائيلية عواقب إطلاق مثل تلك التصريحات التى تزيد من تأزيم الموقف، وتستهدف تبرير السياسات العدوانية والتحريضية، والتى تؤدى إلى مزيد من التصعيد فى المنطقة، مؤكدة مواصلة دورها التاريخى فى قيادة عملية السلام بالمنطقة، بما يؤدى إلى الحفاظ على السلم والأمن الإقليميين ويحقق استقرار جميع شعوب المنطقة.
الموقف المصرى من البداية حاسم، وخاضت مصر أكثر من حرب وسط الحرب، فقد سعت إلى منع اتساع الحرب إقليميا، وبالرغم من أن نتنياهو استغل الانتخابات الأمريكية لممارسة أكبر قدر من الابتزاز السياسى، فقد فشل فى تبرير رفض صفقة التبادل وعجز عن إقناع الداخل الإسرائيلى، كما تسبب فى حرج لصورة الولايات المتحدة، وأضعف صورة بايدين والديمقراطيين، وكلما فشل فى تنفيذ وعوده أو إشعال حرب إقليمية يطلق الادعاءات والأكاذيب ضد مصر، التى تقدم أدلة على إغلاق المعابر وحرب التجويع ضد الفلسطينيين، بل وتوسيع العدوان على الضفة، بما يجر المنطقة لصراع أوسع، وهو ما تنتبه له مصر وتتعامل معه باحترافية وتحركات سياسية ودبلوماسية وأمنية، كما تكشف تجاوزاته ومخالفاته لاتفاقات السلام، وعجزه عن تبرير أكاذيبه أو جرائمه، وهو بعد كل هذه الشهور من الإبادة والحصار عاجز عن تبرير الاختراق الذى وقع فى السابع من أكتوبر، ويواصل جرائم الحرب من أجل إنقاذ مستقبله السياسى.