أود في بداية مقال اليوم أن أُذكر نفسي وإياكم بأن التاريخ لا يكف ولا يتوقف عن إعادة نفسه، ليثبت لنا جميعاً أنها حكمة القدر التي لا دخل لنا بتغييرها.
فما نال من قوى الخير بالأمس بفعل قوى الشر، قد نال منهم اليوم وسينال منهم غداً إلى أن تنقضي هذه الحياة الدنيا.
فكما قال المولي عز وجل بكتابه الكريم: (أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون، سورة البقرة( 87 ) )
فقد كانت تلك القوى بالمرصاد لكل من تسول له نفسه أنه قد ينقذ البشر من براثن المرض والجوع والتشريد والقتل جراء الحروب والأمراض والأوبئة، تلك التي كانت تترعرع وتزدهر على إثر تفشيها تجارتي السلاح والدواء، بحيث نالت من بعض الشخصيات الملهمة التي كان استمرار وجودها علي قيد الحياة قد يغير من مسارات التاريخ، ويخرج عن السياق الآثم الذي يعد منهجاً ودستوراً يلتزم به الجميع، ومن يخرج عنه مغرداً بسرب آخر، لابد وأن يقام عليه الحد وتقتلع جذوره قبل أن تتشعب وتتوغل في الأرض لتنبت زرعاً طيباً.
فقد قام العالم منذ أن عرف النظم الاجتماعية والسياسية على مبدأ الغلبة للقوة، تلك التي تتمكن من اغتصاب مقدرات الغير واعتلاء عروش السيادة، وإن كانت على جثث الآلاف من الضحايا ودماء الأبرياء الذين لا يملكون من أمرهم شيئا.
وجرى العرف منذ قديم الأزل، أن تسيطر قلة تمتلك القوة على الكثيرين من الضعفاء لتنتزع لنفسها الوصاية والملك، و لم يكن على بقية هؤلاء الضحايا سوى السمع والطاعة، وكلما خرج منهم معترض أو راغب بإصلاح، سرعان ما يختفي أثره من على وجه الأرض.
وكثيراً ما نسمع من هنا وهناك كلمات غير مكتملة المعنى في همسات جانبية عن هؤلاء الذين يسكنون الشرفات العالية ويمسكون بأطراف الخيوط غير المرئية التي تحرك تلك الدمى لتتجول على مسرح كبير لأحداث تلاحقها أحداث.
لكننا لم نتأكد يوماً من هوية هؤلاء الذين يعتلون تلك الشرفات ومن ذا الذي منحهم هذه السلطات ومن سمح لهم طواعية أو كرهاً بهذا التحكم في مقدرات البلاد والعباد، لتمكين هذا والإطاحة بذاك، وإعادة توزيع قوى الأرض وتخطيط مساراتها كما لو كانت لعبة الشطرنج وما تستلزم من تغييرات وفقاً لكل حركة.
لكنني قد استخلصت نتيجة واحدة لكافة النظريات المطروحة حول اغتيال أحلام هؤلاء الذين قد توقفت قليلاً أمام توجهاتهم و ما قد حققوه من خطوات بطريق مغاير لخريطة الطرق المسموح بها و التي لم يكن مقدر لها الاكتمال بعد أن أوقفت تقدمها تلك القوي الخفية التي عادة ما تظهر عندما يستلزم الأمر.
و بما أنه سيظل هناك من يستفيد من عدم اكتشاف العلاجات للأمراض المزمنة و التي بغالبيتها قد تكون أمراضاً وراثية، كي لا تتوقف مصالح كبري برؤوس أموال ضخمة و تجارة لا تقبل البوار، و بالتالي كلما سمعنا عن اكتشاف علاج ما لمرض خطير كما سمعنا مرات كثيرة عن اكتشاف علاج لمرض السرطان و السكري و غيرهم من الأمراض الشائعة، سرعان ما يدخل هذا التصريح أو ذاك طي النسيان.
وخير مثال على هذا الكلام، ما حدث فى خمسينيات هذا القرن لعالمة الذرة المصرية الدكتورة سميرة موسى التي تبنت فكرة الذرة من أجل السلام، وتوصلت إلى كيفية صناعة القنبلة الذرية من معادن رخيصة في متناول الجميع، والتي كانت آخر رسائلها لوالدها قبل اغتيالها في أمريكا على يد الموساد، كما تشير كافة الدلالات، أنه لو كان بمصر معمل مثل الذى زارته في أمريكا، لكان بإمكانها تقديم خدمات جليلة لبلادها في هذا المجال ونيتها إنشاء هذا المعمل على نفقتها الخاصة قبل أن يداهمها القدر وتقابل وجه كريم، والتي كانت بصدد استخدام الذرة في علاج مرض السرطان الذي عانت منه والدتها إلى أن توفاها الله، فكانت تعمل على التوصل لعلاج هذا المرض اللعين باستخدام الذرة عن طريق ما يشبه أقراص الأسبيرين.
- أما عن علم الجينوم الذي تردد على مسامعنا بالآونة الأخيرة، فهو باختصار عبارة عن دراسة مفصلة ودقيقة للخصائص الجينية لكل شعب ومعرفة الأمراض الوراثية وتفاديها أو علاجها وكيفية الاستفادة منه كقوى بشرية وتطويرها عن طريق الأبحاث الجينية.
وأيضا علم الجينوم يستطيع بشكل علمي إثبات اتصالك بأرضك وأجدادك الأوائل عن طريقة دراسة مدى الارتباط بمقارنة الDNA وتطابقه مثلما تم تطبيقه علي المصريين و ثبت تطابقهم الجيني مع مومياوات أجدادهم المصريين.
بما يخالف التوجه الذي يدعم حركة الأفروسنتريك ويزعم بأن الأفارقة من ذوي البشرة السمراء هم أصل الحضارة المصرية القديمة.
و لم تكن باحثة الدكتوراه بعلم الجينوم ريم حامد التي توفيت بظروف غير معلومة حتى الآن في العاصمة الفرنسية، هي الأولى ولكن سبقتها الدكتورة سميرة عزت التي توفيت مؤخراً إثر حادث مروع، حيث سقط بها المصعد الكهربائي
سميرة عزت محمد أبو الخير.. هي طبيبة وعالمة مصرية، تبلغ من العمر خمسين عاما، هي مدير مركز مارك لأبحاث التجارب السريرية الذي يتبع لشركة إيفا فارما للأدوية واستشاري الأبحاث العلمية بمستشفيات شفاء الأورمان، ورئيس قطاع الأبحاث الإكلينيكية بشركة إيفا فارما، و أستاذ الصحة العامة ووكيلة معهد الكبد القومي بالمنوفية سابقًا، كما أنها مؤسسة ورئيس البحث العلمي بمستشفى علاج سرطان الأطفال بالمجان، و الحاصلة على جائزة الدولة للبحث العلمي و أحد أهم رواد مشروع الجينوم المصري، و التي .
أثناء مغادرتها لمركز الأبحاث سقطت خلال محاولتها ركوب الأسانسير الخاص بالمركز، وأصيبت إصابات شديدة تسببت في وفاتها على الفور.
إذ أنه في مارس عام 2021، كان قد انطلق "مشروع الجينوم المرجعي للمصريين" بهدف رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري، تتضمن الخريطة تحديد المؤثرات الجينية في تأثير الأدوية وعلاج الأمراض المختلفة، وتحديد العوامل الجينية المؤثرة في الاستجابة لأسباب الأوبئة المختلفة، ما يساعد، في تحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابات الفيروسية والذين يمكن أن يتعرضوا لانتكاسات صحية كبيرة تتطلب رعاية خاصة، وكذلك يحدد الأشخاص الأقل عرضة للإصابة بالأمراض الفيروسية ولديهم مناعة قوية في الجينوم الخاص بهم.
كما يهدف المشروع أيضًا إلى دراسة الجينات المتعلقة ببعض الأمراض القاتلة مثل أمراض القلب والأورام السائدة لدى المصريين وكذلك الأمراض الوراثية الشائعة عمومًا في مصر، ولا يزال مشروع الجينوم المصري جاريا حتى الآن من أجل استكشاف طبيعة وأسرار جسم الإنسان المصري، وفك وتحديد تسلسل جميع الجينات الخاصة بالمصريين وقراءة المحتوى الجيني لهم بالكامل.
وتتم جميع الأبحاث الخاصة بهذا المشروع في "مركز الجينوم المصري"، الذي تم إنشاؤه خصيصًا ليكون معملًا وطنيًا متخصصًا في أبحاث الجينوم ويتلقى الدعم السنوي من "أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا" المصرية، ويستضيفه "مركز البحوث والطب التجديدي" التابع لـ "وزارة الدفاع"، و الذي كانت الدكتورة سميرة عزت رحمها الله أحد أهم رواده.
وما زالت أوجه القبح والشر تغتال وتجهض كافة مساعي الخير والسلام والأمان. الافروسنتريك
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة