تستهدف القيادة السياسية المصرية منذ أن تولت إدارة شئون البلاد العمل الجاد نحو تحقيق ماهية جودة الحياة والتي تعبر عن مجموعة المتطلبات التي تعمل على تحسين وتطوير مختلف الجوانب الخاصة برأس المال البشري، والتي من شأنها أن تؤثر على جودة حياتهم متمثلة في بيئتهم الاجتماعية والثقافية والصحية، بما يؤدي إلى تحسين أدائهم، وتنمية أفكارهم، ومن ثم يسهم في تحقيق أهداف المؤسسة أو المنظمة والفرد والأطراف كافة ذات العلاقة.
وتُعد مبادرة حياة كريمة التي اطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي في يناير 2019 من المبادرات ذات التأثير المباشر على الريف المصري والمناطق النائية والأكثر احتياجاً؛ حيث تستهدف العمل على تحسين الحياة وصولاً لجودتها؛ فتشمل في اهتماماتها الفئات الفقيرة والمحرومة والأكثر احتياجًا في ريفنا المصري، كما تتضمن في أنشطتها كافة المناطق العشوائية في الحضر؛ حيث السعي الجاد نحو تحسين الظروف المعيشية من خلال المزيد من المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر والعمل على توفير مقومات المعيشة الأساسية التي تضمن كرامة العيش وصيانة الأرواح والحفاظ عليها وتقديم سبل الرعاية الخدمية من صحة وتعليم وتدريب.
وتضمن مبادرة حياة كريمة مقومات جودة الحياة من خلال السياسات والإجراءات والعمليات التي تنفذها الدولة بالشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني؛ بهدف تطوير وتحسين الحياة المعيشية لمواطنيها، وهذا ينعكس بدوره على الأداء العام إيجابيًا، وبذلك تحقق الدولة أهدافها وتطلعاتها، وفي نفس الوقت تُلبي وتشبع رغبات مواطنيها، ما يضمن استمرارية نجاح الدولة وتقدمها، ومن ثم حصانتها ضد الكثير من الأزمات والتحديات.
وتضافر جهود الدولة مع خبرات مؤسسات المجتمع المدني يشكل المرتكز الرئيس لمبادرة حياة كريمة، مما يؤدي حتمًا إلى الارتقاء بجودة حياة المواطن المصري، ويعمل على تحسين مستوى معيشته بالحد من الفقر بجميع أشكاله، والقضاء على الجوع، وتوفير منظومة متكاملة للحماية الاجتماعية، وإتاحة التعليم وضمان جودته، وجودة الخدمات الصحية، وإتاحة الخدمات الأساسية، وتحسين البنية التحتية، والارتقاء بالمظهر الحضاري، وضبط النمو السكاني، وإثراء الحياة الثقافية، وتطوير البنية التحتية الرقمية.
وندرك بأن مبادرة حياة كريمة استهدفت توفير الأمن المجتمعي؛ فحينما يدرك المواطن مكانته الاجتماعية في ضوء منظومة القيم والسياق الثقافي الذي يؤمن به؛ فإنه يثابر ليحقق أهدافه ويلبي احتياجاته ويفي باهتماماته؛ فيقدم كل ما في مستطاعه ليحقق غايات وطنه ويفي باحتياجاته، ومن ثم يشعر بالرضا عن نمط حياته؛ لكونه يمتلك المهارات النوعية لتخصصه، ومن ثم لا يشعر بالقلق تجاه حقوقه المدنية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية.
وتوفر مبادرة حياة كريمة السكن الكريم وتحسين كفاءة المنازل وبناء المجمعات السكنية مدعومة البنية التحتية وإمداد المنازل بوصلات الصرف الصحي ومياه الشرب والكهرباء والغاز وتحسين شبكات الطرق والجسور وخدمات الإنارة وتبطين الترع، كما تقدم المبادرة العديد من الخدمات الصحية والتعليمية من بناء مستشفيات وتجهيزها وإطلاق قوافل طبية وتطوير المؤسسات التعليمية وتدشين فصول لتعليم الكبار وتقديم أطر الدعم اللوجستي للمؤسسات الخدمية.
وتتواصل إنجازات مبادرة حياة كريمة لتشمل التنمية الاقتصادية؛ حيث العمل على إتاحة التدريب والتشغيل عبر تدشين العديد من المشروعات المتوسطة والمتناهية الصغر؛ بالإضافة إلى المجمعات الحرفية والصناعية، ناهيك عن التدخلات البيئية التي تصون بها المناخ؛ حيث دشنت العديد من مجمعات تدوير المخلفات، وساهمت في تحسين البيئة بالعديد من الممارسات الإيجابية، ولم تتخل المبادرة عن صور التدخل التي من شأنها تساهم في بناء الإنسان كتقديم صور التوعية التي تستهدف شرائح الأسرة المصرية.
إن ما تقدمه مبادرة حياة كريمة من أنشطة تؤدي بصورة مباشرة إلى تحقيق ماهية جودة الحياة؛ حيث ترتبط بشكل وثيق باستيفاء احتياجات الفرد الأساسية، وترتقي للاحتياجات العليا؛ فيشعر عبر ذلك بتقديره لذاته وثقته في نفسه، والاستقلالية، وزيادة الولاء والانتماء للوطن، وتقديم المصلحة العامة على الخاصة، وبما لا يدع مجالًا للشك هناك دعائم مهمة تحقق هذه الاحتياجات بالنسبة للفرد، في مقدمتها أسرته ومجتمعه وما يتلقاه من دعم في المجال التعليمي والاقتصادي؛ بالإضافة لتوافر متطلبات الأمان التي تحقق الأمن المجتمعي.
وما نرصده من تحقق ملموس لأهداف مبادرة حياة كريمة له دلالات بجودة الحياة وتحقق مستويات الأمن المجتمعي، وتؤدي إلى تنامي الخبرات؛ حيث توفر للمواطن مقومات حصوله على حقوقه، كما تبرهن عن صورة تأصيل الشراكة كداعم رئيس للتكافل بين طبقات المجتمع، ما يؤكد تقوية العلاقات التي تعمل على التوازن وتحد من الصراعات، ومن ثم يؤدي إلى الإحساس بكرامة الحياة المستحقة وصولا لجودة الحياة المنشودة.