د.محمد عبد اللطيف

الإشكاليات العملية للحبس الاحتياطي "2"

الأحد، 08 سبتمبر 2024 01:31 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الإشكالية الثانية:

الرغبة الصادقة للرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية، فى ترجمة مخرجات الحوار الوطنى وتوصياته بخصوص تخفيض الحدود القصوى لمدة الحبس الاحتياطى والحفاظ على طبيعة الحبس الاحتياطى كأجراء وقائى تستلزمه ضرورة التحقيق، وتفعيل بدائله، رغبة مبهجة، وتعزز من النهوض بحقوق الإنسان، وتتسق مع ترسيخ العدالة، وتزيل التشوهات والتضارب بين درجات التقاضى المختلفة.

فعلى سبيل المثال، ورغم وضوح النصوص القانونية المنظمة للحبس الاحتياطى ومدده وبوجه خاص المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية فقد منحت بعض دوائر الجنايات نفسها الحق فى مد حبس المتهمين أكثر من الحد الأقصى المنصوص عليه فى المادة سالفة الذكر وذلك أثناء نظرها موضوع القضية، وتستند تلك الدوائر إلى رأى مهجور وغير سديد على الإطلاق يتمثل فى أن المادة 380 من قانون الإجراءا الجنائية تنص على أن محكمة الجنايات فى جميع الأحوال تأمر بالقبض على المتهم وإحضاره ولها أن تأمر بحبسه احتياطيا وأن تفرج بكفالة وبغير كفالة عن المتهم المحبوس احتياطيا.

وهذا الرأى وتطبيقه من بعض دوائر الجنايات كان وبحق محل نقد، لأنه جعل تطبيق الحد الأقصى للحبس الاحتياطى محل تطبيق انتقائى ولمخالفته أصول التفسير القانونى بصفة عامة وتفسير النصوص الجنائية بصفة خاصة، إذ أن التعديل الخاص بمدد الحبس الاحتياطى الواردة على المادة 143 إجراءات جنائية كانت لاحقة على المادة 380 إجراءات وبالتالى اللاحق ينسخ السابق، والخاص يقيد العام، كما انه لا يجوز التوسع فى تفسير النص الجنائى أو القياس عليه إلا إذا كان لمصلحة المتهم وليس العكس.


هذه الإشكالية تكمن فى أن المتهم فى هذه الحالة لا توجد أمامه وسيلة للتظلم من هذا القرار الذى يخالف نص القانون لان قرارات محكمة الجنايات الخاصة بالإجراءات غير قابلة للطعن، كما أن القانون المصرى لا يسمح للأفراد باللجوء مباشرة إلى المحكمة الدستورية لتفسير نصوص القانون محل الخلاف وصولا لوحدة تطبيقه ويقتصر هذا الحق على رئيس الوزراء ورئيس البرلمان ورئيس مجلس الهيئات القضائية وهو رئيس الجمهورية وفقاً لقانون هذا المجلس طبقاً لنص المادة 33 من قانون المحكمة الدستورية العليا.


وحل هذه الإشكالية يكمن فى النص صراحة على التزام محكمة الجنايات عند نظرها موضوع القضية بالحد الأقصى لمدة الحبس الاحتياطى وان نص المادة 380 إجراءات لا يخل بتطبيق الحد الأقصى المنصوص عليه فى المادة 143 إجراءات جنائية.


ويتم النص على أن يكون من حق محكمة النقض دائماً مراقبة مشروعية الحبس الاحتياطى من عدمه
كضمان للمتهم، مثلما فعل المشرع الفرنسي، وهذا التعديل يعكس الرغبة الصادقة فى تصريحات رئيس الجمهورية بخصوص تخفيض الحدود القصوى لمدة الحبس الاحتياطى والحفاظ على طبيعة الحبس الاحتياطى كأجراء وقائى تستلزمه ضرورة التحقيق، وتفعيل بدائله.

الإشكالية الثالثة:

يكون استئناف المتهم للأوامر الصادرة فى شأن الحبس الاحتياطى فى أى وقت فهو ليس مقيداً بميعاد معين ما دام الحبس الاحتياطى قائماً طبقاً للمادة 166 إجراءات جنائية وقد نصت هذه المادة على أنه أذا صدر قرار برفض استئنافه جاز أن يتقدم باستئناف جديد كلما انقضت مدة ثلاثين يوماً من تاريخ صدور قرار الرفض فإذا ما صدر أمر بعد ذلك بمد الحبس الاحتياطى وجب اعتباره أمراً جديداً يجوز استئنافه رغم رفض استئناف الأمر السابق الصادر بالحبس الاحتياطى أو بمده دون تقيد بأى موعد ودون أن يسرى حظر الاستئناف إلا بعد مضى ثلاثين يوماً منذ تاريخ صدور قرار الرفض، لأن هذا الحظر لا يسرى إلا بالنسبة إلى الأمر المستأنف لأول مرة، فإذا صدر أمر جديد بمد الحبس الاحتياطى فإن هذا الأمر لا يسرى عليه الحظر المذكور لأن نطاقه محدد بالأمر الذى سبق رفض استئنافه، إلا أن الواقع العملى خلاف ذلك فقلم الكتاب بناءً على تعليمات النيابة العامة يرفض قيد الاستئناف متأثراً برأى مهجور يخالف أصول التفسير الجنائى من عدم جواز التوسع فى تفسير النص الجنائى أو القياس عليه إلا إذا كان فى مصلحة المتهم - يرى تقييد نطاق حظر استئناف أمر مد الحبس عند رفض استئناف سابق للأمر بالحبس ويستلزم مرور ثلاثين يوماً كاملة للسماح بالاستئناف.


مع أن الكلمة الأولى والأخيرة فى هذا الشأن يجب أن تكون للمحكمة وفى ذلك قضت المحكمة الإدارية العليا أن المنع المنسوب إلى قلم كتاب المحكمة فى قيد الدعوى ويسرى ذلك على التقرير بالطعن ليشكل قراراً إدارياً ينطوى على عدوان صارخ على حق دستورى كفله الدستور لجميع المواطنين ألا وهو حق الالتجاء إلى القضاء وهو حق مصون ومكفول للناس كافة ولا يجوز لأقلام الكتاب بالمحاكم الامتناع من قيد الدعاوى التى يرغب المواطنون فى إقامتها.
وعلاج هذه الإشكالية يكمن فى النص صراحة على أن مدة الاستئناف قاصرة على كل أمر يصدر بالحبس ولا يمتد إلى غيره وتسقط تلك المدة بصدور أمر بمد الحبس يحق معه للمتهم استئناف ذلك الأمر بغض النظر عن مرور مدة الثلاثين يوماً من عدمها طالما صدر أمر جديد بمد الحبس الاحتياطي.


وما سبق يتفق مع رغبة رئيس الجمهورية الصادقة بالحفاظ على طبيعة الحبس الاحتياطى كأجراء وقائى تستلزمه ضرورة التحقيق وعلى أهمية تخفيض الحدود القصوى لمدد الحبس الاحتياطى وتفعيل بدائله.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة