تدخل حرب الإبادة التى يشنها الاحتلال الإسرائيلى الشهر الـ12 وتكمل العام خلال أيام، وتجاوزت أعداد الشهداء، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، أكثر من 94761 مصابا، وهو رقم غير مسبوق فى تاريخ الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، ويعيد التذكير بحرب العصابات الصهيونية، التى يعيد بنيامين نتنياهو التذكير بها، وتمثل هذه الحرب تحولا كبيرا من ناحية الزمن الذى استغرقته، وحجم الدمار الذى أصاب غزة، ويكاد يحولها إلى بقعة غير صالحة للسكن الإنسانى، ويجدد التذكير بمخططات إبادة وتهجير الفلسطينيين من أرضهم، وأصبح من الواضح أن بنيامين نتنياهو بعد أن فشل فى جر إيران أو جزب الله إلى حرب واسعة، فتح جبهة فى الضفة الغربية، بالرغم من أنه لم يحقق أيا مما وعد به فى بداية الحرب وهو استعادة المحتجزين بالحرب والقضاء على حماس، بالرغم من تكرار عمل تمشيط لمناطق فى غزة بعد نزوح أهلها، والهدف الثانى هو القضاء على حماس، وهو أمر لم يتحقق أيضا.
تحرك نتنياهو تجاه الضفة، يعنى عدم التأكد من تحقيق انتصارات أو أهداف أعلنها رئيس وزراء الاحتلال بعد عملية 7 أكتوبر، ويبدو فتح جبهة على الضفة الغربية هو هروب جديد إلى الأمام، مع غياب أى تصورات أو خطط للحرب، بجانب أن إضعاف السلطة الفلسطينية فى كل من غزة والضفة من شأنه أن يفتح جبهات من أطراف وفصائل المقاومة، بجانب توقعات فى حال انسداد الآفاق بهذا الشكل تصاعد العنف والعمليات الفدائية ضد الاحتلال، بجانب اتساع دوائر الإحباط بين أهالى المحتجزين، الذين كرروا التظاهر متهمين نتنياهو بالكذب.
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» اتهامات عدينا موشيه، الأسيرة السابقة، والتى عادت من غزة فى صفقة تبادل الأسرى فى نوفمبر الماضى، لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بـ«الكذب»، وقالت: نتنياهو لا يريد صفقة، هو والجيش لا يعرفون أى شىء عن أنفاق حماس فى غزة، وأن الأنفاق متاهة ضخمة كبيرة وتمتد تحت الأرض فى جميع أنحاء القطاع، والضغط العسكرى لن يساعد فى إعادة الأسرى.
ومع ذلك يواصل نتنياهو حربه التى يسعى من خلالها لإطالة وقت البقاء فى السلطة وتلافى المحاكمة، وربما يستمع إلى خطة جنرالات سابقين، بمزيد من الحرب بلا هدف، فقبل أيام نشر الإعلام العبرى وثيقة أعلنها منتدى الجنرالات والمحاربين الإسرائيليين فى أعقاب مقتل المحتجزين الإسرائيليين الستة فى غزة وعدم قدرة الجيش الإسرائيلى على حسم المعركة مع حركة حماس وإلحاق الهزيمة بها، وأوصت الوثيقة بتهجير الفلسطينيين من شمال قطاع غزة، ثم محاصرته، الوثيقة التى تمت بمبادرة من اللواء جيؤرا آيلاند، الرئيس السابق لقسم العمليات فى الجيش الإسرائيلى، بدعم من عشرات من كبار الضباط، تتضمن تهجير السكان وفرض حصار عسكرى كامل على المنطقة، ويزعم أنها تنتهى باستسلام الفصائل، وهو أمر يبدو مجافيا للواقع ومخالفا للقانون الدولى، بجانب أنه يضاعف من احتمالات الفشل وأعداد الشهداء والجرحى من الأطفال والمدنيين. وخلال الأسابيع الأخيرة أفشل نتنياهو كل مشروعات وقف الحرب، وتمسك بخوض حرب لا تبدو لها نهاية، أو نتائج، بجانب لجوئه كل فترة لترديد ادعاءات وأكاذيب يستهدف بها الدولة المصرية، وهو ما ردت عليه مصر بحسم ووضوح، مثل مزاعم إغلاق المعبر وصولا إلى وجود أنفاق أو دخول سلاح إلى الفصائل، بالرغم من ثبوت فساد بجيش الاحتلال وراء تسرب السلاح، وعجز نتنياهو عن تبرير الخسائر وسط قواته، من فصائل يزعم أنه قضى عليها لأكثر من 11 شهرا، وقد جددت مصر رفضها لتصريحات نتنياهو التى زج فيها باسم مصر، لتبرير تعطيل صفقة التبادل، واحتلال محور صلاح الدين، والخارجية المصرية فى بيانها رفضت تصريحات نتنياهو ومحاولته الزج باسم مصر، لتشتيت انتباه الرأى العام الإسرائيلى، وعرقلة التوصل لصفقة وقف الحرب وتبادل الرهائن والمحتجزين، وعرقلة جهود الوساطة التى تقوم بها مصر وقطر والولايات المتحدة، وأكدت مصر رفضها لكل مزاعم المسؤولين الإسرائيليين وتحميل الحكومة الإسرائيلية عواقب إطلاق مثل تلك التصريحات التى تزيد من تأزيم الموقف، وتستهدف تبرير السياسات العدوانية والتحريضية، والتى تؤدى إلى مزيد من التصعيد فى المنطقة.
وتواصل مصر خوض حروبها ضد اتساع الحرب، وضد أكاذيب الاحتلال ومزايدات أذياله، وتتمسك برفض التصفية والتصعيد حفاظا على الأمن والسلم الإقليمى، الذى يهدده نتنياهو، الذى أصبح يعيد صور سفاحى الحرب، ونموذج نتنياهو أو أعراض نتنياهو تضاعف من حرب الإبادة، ولا تصنع الأمان للإسرائيليين ولا للعالم.
مقال أكرم القصاص فى عدد اليوم السابع
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة