محمود عبدالراضى

زغرودة تليق بجنازة

الجمعة، 10 يناير 2025 09:34 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بين ضحكات الحياة ودموعها، يتنقل القلم المبدع لأحمد إبراهيم الشريف، ليمنحنا مجموعة قصصية جعلت من الفرح والحزن وجهين لعملة واحدة، وأثبت بها مرة أخرى استحقاقه لجائزة ساويرس للآداب.

فوز الزميل أحمد بالجائزة عن مجموعته القصصية "زغرودة تليق بجنازة.. مائة حكاية" هو تتويج لمسيرة إبداعية أثبت خلالها قدرته الفائقة على الاقتراب من أعماق الإنسان بكل تنوعاته وتعقيداته.

في هذه المجموعة التي تتألف من مائة قصة قصيرة، نجد أنفسنا في مواجهة مع الواقع بكل تفاصيله الدقيقة التي لا يمكن تجاهلها.

أحمد إبراهيم الشريف لم يكتب مجرد قصص، بل قدم لنا لوحات إنسانية نابضة بالحياة، تشي بحكمة كبيرة في قراءة المجتمع المصري، من الريف إلى المدينة، ومن صعيد مصر إلى أفقها الحضاري.

وفي كل قصة يرويها، لا يكتفي بإخبارنا عن واقعنا بل يدفعنا لتورط أعيننا وأحاسيسنا في سطورها، كما لو أن الكاتب يراقبنا عن كثب، يأخذ بأيدينا لنعبر معًا إلى عالم مليء بالتضارب بين الضحك والدمع.

ومن خلال الأجواء التي تخلقها هذه القصص، يشعر القارئ بأنه لا يقرأ فقط عن الأشخاص الذين مروا في حياة أحمد، بل يلتقي معهم بصدق في أماكنهم: من أشجار الريف إلى أصوات الجنوب التي تتسلل إلى قلبه، وهو يشخص كيف تتحرك هذه الأرواح بين الأفراح والأحزان كزغرودة تُسمع في جنازة.

أحمد إبراهيم الشريف هنا لم يقدم فقط مائة قصة، بل قدم مائة نافذة تطل على النفس البشرية، متألمة، فرحة، حائرة، وفي كل لحظة تقفز إلى الأفق.

أحمد، الذي ينتمي إلى جنوب مصر، يقدم لنا صورة حية وصادقة عن "الصعيدي الجدع"، ذلك الذي يحمل في قلبه كرم الجنوب وأصالته، وينقل لنا في كتاباته صورة حية عن محبة أهل الصعيد ودفئهم.

تظل قصصه محمولة بروح الأمل، وتستحضر في أذهاننا مشاهد من أرض الخير التي لطالما صمدت رغم كل العواصف.

فوز أحمد إبراهيم الشريف بجائزة ساويرس هو احتفاء مستحق بكاتب استطاع أن يلامس القلوب وينقلنا بين الضحك والبكاء في لحظات متقاربة.

هو ليس مجرد فائز بجائزة، بل هو سفير للكلمة، وباحث في خبايا الإنسان، وكل يوم يتجدد في صالة التحرير بـ"اليوم السابع"، يذكرنا أن الأمل، كزغرودة في جنازة، يمكن أن يتسلل إلى قلوبنا إذا أمسكنا به.

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة