ملف العلاج والطب والدواء هو أحد أهم الملفات التى تتعلق بحياة المواطن، وليس الطبيب أو الممرض أو مقدم العلاج، وبالتالى فإن قضية الطب لا تهم نقابة الأطباء وحدها، وإنما تهم كل إنسان، ومن هنا كان من الإيجابى أن تستمع الحكومة لآراء نقابة الأطباء حول قانون المسؤولية الطبية، وهو القانون الذى يتضمن تحديثات وإضافات إلى قانون المسؤولية الطبية بما تجعله يتماشى مع تطورات اجتماعية، خاصة بعد اتساع عمل الطب وتدخله، بل وأيضا تداخله مع الكثير من التفاصيل فى المجتمع.
وعلى مدى سنوات، وربما عقود ظل الجدل قائما حول المسؤولية عن الأخطاء الطبية، التى تقع من القائمين على تقديم الخدمة، الطبيب، والتمريض والمستشفى نفسه، وهى بالفعل عملية من الصعب تقييمها، إلا من خلال لجان متخصصة طبية وفنية يمكنها تحديد المسؤولية.
وهناك الكثير من الحالات يتوفى المريض، أو يصاب بأعراض مفاجئة، لا يكون للطبيب فيها يد، ومع هذا فإن أهل المريض يحملون الطبيب المسؤولية، وفى مرات أخرى يكون هناك بالفعل إهمال لا يمكن تحديد مصدره، وهنا يفترض أن تكون ضمن آليات القانون مسارات لعمل اللجان الفنية تحدد بالضبط المسؤولية.
أما بالنسبة لنقابة الأطباء، فخلال عقود كانت طرفا فى شكاوى أو قضايا ظلت معلقة، باعتبار أن النقابات تنحاز لأعضائها فى كل الأحوال لأسباب انتخابية أو مهنية، وفى حالات قليلة كانت هناك مواد أثارت جدلا من الأطباء، كانت مواد تجيز الحبس الاحتياطى للأطباء فى قضايا الأخطاء الطبية، وهو أمر أثار مخاوف الأطباء، خاصة أن الحبس الاحتياطى يكون عادة بهدف عدم هروب المتهم، وحماية الأدلة، وهى أمور تكون محسومة عادة، وبالتالى يمكن مراعاة التوازن فى هذا الأمر، خاصة أن عمل الطبيب تصاحبه حالات يمكن أن تتدهور فيها صحة المريض، خاصة فى الجراحات، أو تحت التخدير، وهى حالات لا يكون للطبيب فيها دخل، وهو ما يستلزم عمل لجان فنية يمكنها تحديد المسؤوليات، بل وأيضا ما إذا كانت مسؤولية الجراح أو طبيب التخدير.
ومن هنا كان سؤال الزميلة هند مختار، مسؤولة ملف مجلس الوزراء فى «اليوم السابع»، لرئيس الوزراء، عن الجدل الذى ثار حول قانون الحكومة للمسؤولية الطبية، ومذكرة نقابة الأطباء حول بعض المواد، والاتجاه لإعادة النظر فيها، وقال رئيس الوزراء إن القانون كان مطلبا من الأطباء لحمايتهم، وأنه يحتوى مزايا كبيرة للأطباء، وأضاف رئيس الوزراء أنه بعد الجدل وتدخل نقابة الأطباء، والاستماع إلى وجهات نظر الأطباء حدث توافق وتعديل فى بعض الأمور.
بشكل عام من المهم أن يكون التشريع متضمنا التوازن بين مصالح كل الأطراف، بجانب مراعاة الصالح العام، وأن يعمل الطبيب فى ظروف متوازنة، وأيضا من المهم أن يكون حق المريض محفوظا، باعتبار الأمر لا يخلو من ثغرات أو أخطاء، ويفترض أن تسعى نقابة الأطباء إلى مراعاة هذا التوازن وتحرص على ضمان حق المرضى مثلما تضمن حق أعضائها، وهذا ليس فقط فى الأطباء، وإنما فى كل الفئات.
وأهم ما يفترض النظر إليه، ونحتاجه دائما، هو أن يكون هناك حوار دائم بين أطراف المجتمع، والتشريعات فى النهاية هدفها ضمان حقوق كل الأطراف، وهى ميزة للحوار، والتفاهم.