محمود عبدالراضى

الرزق ليس كله مالًا.. ثروات بين أيدينا لا تُحصى

الجمعة، 03 يناير 2025 12:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الرزق، كلمةٌ صغيرة، لكنها تحمل في طياتها بحرًا من المعاني العميقة، كم من مرةٍ نسمع عن "الرزق" فتطير أذهاننا إلى خزائن الذهب، وأرقام الحسابات البنكية؟ لكن، هل فكرنا يومًا أن الرزق ليس كله مالًا؟ 

في عالمٍ يلهث خلف الأرقام ويقيس القيمة بالأوراق النقدية، تغيب عنا تلك الأرزاق التي لا تُقاس بالمال، لكنها أغلى من أي كنز، أليس الرزق في الصحة كنزًا لا يُضاهيه شيء؟ كيف لا، وهي تاجٌ على رؤوس الأصحاء، لا يراه إلا المرضى؟ وكيف لا يكون الستر رزقًا حين يُغلق علينا باب بيتنا بطمأنينة؟ 

أما البركة، فتلك نعمةٌ خفية، تُحوّل القليل إلى كثير، والضيق إلى سعة، البركة رزقٌ لا يشتريه مال، بل يزرعه الله في قلوب الراضين والقانعين.

وهل من رزقٍ أعظم من الذرية الصالحة؟ أطفالٌ يرفعون الأكفّ بالدعاء، وأبناء يردّون الجميل يوم يتوارى الجسد عن هذه الدنيا، ومن الأرزاق أيضًا، أهلٌ وأصدقاءٌ أوفياء، قلوبهم نبع حبٍّ صافٍ، ووجوههم مرآةُ الطمأنينة.

وفي درب الحياة الطويل، تأتي السعادة رزقًا يسعى إليه الجميع، قد يملك الإنسان قصورًا، لكنه يفتقد السعادة، بينما يعيش آخر تحت سقفٍ بسيط، لكنه أسعد من في الأرض.

وراحة البال؟ هي جنة الدنيا، شعورٌ يسكب السكينة في القلوب، يجعل الليالي هادئةً كأمواج البحر، والنفس راضيةً مهما اشتدت العواصف، ثم هناك الزوجة الصالحة، التي هي رزقٌ يُقاس بالوفاء والحبّ، لا بالمظاهر أو المال. 

إن الأرزاق، يا قارئي العزيز، ليست كلها مالًا، المال يُشتري به الأشياء، لكن الأرزاق الأخرى تُمنح بلا ثمن، فحين ترفع يديك شكرًا لله على نعمةٍ تراها بسيطة، اعلم أنك غنيٌّ، ثروتك ليست في خزائن الأرض، بل في صحةٍ تراها كل صباح، وفي ضحكة طفلٍ يشدو في بيتك، وفي قلبٍ ينبض بالطمأنينة.

الرزق، في جوهره، هو عطاءُ الله الذي لا ينضب، فهلّا نظرنا بعين الامتنان إلى ما نملك، بدلًا من اللهث خلف ما نعتقد أنه ينقصنا؟!

 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة