تمر اليوم ذكرى ميلاد واحد من كبار الموسيقيين فى مصر فى القرن العشرين، هو الشيخ زكريا أحمد، إذ ولد في مثل هذا اليوم 6 يناير عام 1896، وكان يعد تجسيدًا لذلك الجيل من نوابغ الموسيقيين الذين ينتمون للأزهر ويبدعون فى عالم الغناء والتلحين دون أن يراودهم شعور عابر بالتناقض وذلك أن الصدام والصراع ليس واردًا بين الدين والفن.
وحسب ما جاء في كتاب "سلاطين النغم" من تأليف الدكتور ياسر ثابت في فقرة بعنوان "الشيخ زكريا أحمد (1896 -1961)": بقي زكريا أحمد المتأثر الأكبر من الجيل الجديد بمدرسة القرن التاسع عشر، وأهم صفات هذا الاتجاه التقليدي لأسلوبه اللحني هو عدم اهتمامه بالكتابة الموسيقية الأوركسترالية فالموسيقى والفرقة الموسيمية هما عبارة عن خلفية لا غير للصوت البشري والمغني الذي هو محور العمل الموسيقي في مدرسة القرن التاسع عشر، وكان يرد على منتقديه بعدم وجود لوازم موسيقية كبيره في أعماله بقول لا يخلو من التهكم: "أنا ما بحبش اللازمة اللي ملهاش لازمة"، وهذا ما جعل محمد عبد الوهاب زعيم الخط التطوري الكبير في الموسيقى العربية يقول عن الشيخ زكريا مدحًا في باب الذم: "الشيخ زكريا هو متحف الموسيقى العربية".
فإذا كان القصبجي قد ابتعد عن تلحين الأدوار والموشحات، فقد كان زكريا أحمد أهم ملحن أدوار في هذه المدرسة الجديدة وما لنا ألا نذكر الأدوارالآتية: هو ده يخلص من الله، يا قلبي مالك، ياللي تشكر من الهوى، مين اللي قال، ابتسام الزهر، امتى الهوى ييجي سوا، عادت ليالي الهنا غيرهم بصوت أم كلثوم غير الأدوارالتي لم تغنها أم كلثوم: إن كان فؤادي بصوت ليلى مراد الذي يحتوي على تجديدات كبيرة في المضمون الموسيقي بالرغم من محافظته على الشكل الخارجي للدور، ودورين سجلهما بصوته المطرب: الفؤاد ليله ونهاره ودور وإنت فاهم، وبالرغم من اهتمامه بالقوالب المتوارثة: الدور والموشح فقد تابع زكريا أحمد أحد أهم روافد الموسيقى العربية الحديثة: المسرح الغنائي مكملًا بذلك خط سير درويش في ذلك المجال الذي أخذه بدوره عن أحمد أبو خليل القباني الدمشقي الذي أسس في عام 1860 أول مسرح غناني عربي في الإسكندرية وقد لحَّن زكريا أحمد 54 مسرحية غنانية، إن كل هذه الصفات إذا جمعناها في واحدة تجعل الصفة الأساسية لزكريا أحمد: صاحب الخط التراثي الكلاسيكي التقليدي.
