سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 18 مارس 1968.. وزير الإعلام السودانى يدعو باسم الحكومة والشعب سيدة الغناء العربى أم كلثوم للغناء فى السودان

الجمعة، 18 مارس 2022 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 18 مارس 1968.. وزير الإعلام السودانى يدعو باسم الحكومة والشعب سيدة الغناء العربى أم كلثوم للغناء فى السودان أم كلثوم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان عبدالماجد أبوحسبو، وزير الإعلام السودانى عام 1968 طالبا بمدرسة حلوان الثانوية بمصر عام 1938، وخرج يوما فى مظاهرة بالقاهرة لا يتذكر سببها، لكنه يتذكر ما جرى له بعدها، وكان سببا فى معرفته وعشقه لصوت أم كلثوم، وأمنيته أن تزور السودان، لكنه لم يتوقع أبدا أن يكون هو الذى يحقق هذه الأمنية بعد ثلاثين عاما.
 
يتذكر «أبوحسبو» للكاتب والناقد رجاء النقاش فى كتاب «لغز أم كلثوم»، أنه بعد انتهاء المظاهرة، توجه مع أربعة أصدقاء له إلى مقهى بالسيدة زينب، كانوا، اثنين صعايدة، واثنين سودانيين، وجلسوا يشربون الشاى، ويلعبون الطاولة، وفى تلك الليلة كانت أم كلثوم تغنى، وينصت إلى الراديو كل من فى المقهى، يعترف «أبوحسبو»: «لم نكن ندرى نحن أن أم كلثوم ستغنى، ولو كنا ندرى لما اهتممنا لأننا لم نكن نعرف شيئا واضحا عنها، ولا استمعنا إليها من قبل، بدأنا اللعب ونحن نتكلم وفجأة هجم ستة أوسبعة من رواد المقهى علينا، وأخذ واحد منهم الطاولة وقذف بها فى الشارع، وواحد قذفنى بشتائم لا أول لها ولا آخر، وقال لى: انتوا بتلعبوا طاولة والست بتغنى؟! ولم يكن أمامنا إلا أن نهرب، وضحكنا من المسألة كلها، واعتبرناها حادثا طريفا، لكنه كان بالنسبة لى غريبا ومثيرا»، يذكر، أنه فى اليوم التالى، استيقظ على صوت أم كلثوم وهى تغنى قصيدة يتذكر منها بيتا واحدا، هو: «وكلانا ساهر يرقب الصبحا / وكلانا طائر يحمل الجرحا».
يؤكد أنه يوما بعد يوم تعلق بصوتها، ووصل به الأمر إلى أنه كان يذهب مع زملائه ليقف أمام بيتها لعلهم يرونها وهى فى طريق الخروج، ويؤكد أنه لم يستطع حضور أى حفلة لها لعدم تمكنه ماديا، بقى «أبوحسبو» فى مصر طيلة مدة تعلميه الثانوى، ثم مرحلة تعليمه الجامعى، حيث التحق بكلية الحقوق، وتزوج من مصرية كانت أكثر تعلقا منه بأم كلثوم، وأنفقا الاثنان كثيرا فى شراء أسطوانات أغانيها، يذكر: «كنت أحلم طوال الوقت بأن أرى أم كلثوم فى السودان، وكنت أقول لنفسى - فى ذلك الوقت - إنه لشخص عظيم ومحظوظ حقا ذلك الذى يستطيع أن يقنعها بالحضور إلى السودان، وأدخر القدر لى هذه اللحظة لأحققها بنفسى، فعندما جئت وزيرا للإعلام، كان أول شىء فكرت فيه هو أن أقنعها بالحضور إلى السودان، وكنت وأنا أفكر فى هذا الأمر أشعر بأننى أقوم بمغامرة كبيرة لأن السودانيين لم يتعودوا على الاستماع إلى الأغنية الطويلة، وهم مشهورون بحبهم للأغانى المصرية الخفيفة السريعة، لكننى تحملت المسؤولية لإيمانى بأن الشعب السودانى شعب ذواق للفن الرفيع، وأرسلت إليها خطابا فى 18 مارس، مثل هذا اليوم، 1968، حمله عثمان الحضرى، سفير السودان فى مصر، وذهب هو وزجته لمقابلتها ليسلمه إليها، وكان نصه:
 
«عزيزتى السيدة الجليلة أم كلثوم: من الخرطوم وباسم الشعب السودانى العربى، أحيى فى شخصكم الكريم الحبيب الثورة الوطنية الفنية الكبرى فى الأسرة العربية، والتى حمَلتِ مشعلها فى أحلك الظروف، وقدت الطريق حتى أرسيت - بوطنيتك وحماستك وشجاعتك - قاعدة النضال بالنغمة الحلوة واللحن العذب والصوت الجميل القوى، فجعلت من الفن رسالة ترسيخ لمفاهيم العروبة والوطنية واسترداد الحق المسلوب فى الوطن العربى، ولقد كان لصوتك وجولاتك فى هذا الميدان أثر لا حدود له فى نفوس الشعوب العربية، وفى مقدمتها الشعب السودانى الذى يفخر بك ويعتز، ويتطلع إليك لمواصلة كفاحه فى دعم القضية العربية من يونيو 1967، ذلك الكفاح الذى بلغ فى بلادنا قمة الجهاد، وذلك عن إيمان لا يتزعزع بأن إزالة آثار عدوان 1967 لم تعد مسؤولية الدولة وحدها، ولكنها فى السودان مسؤولية ضخمة يشكل فيها الشعب قاعدة قوية متينة تقف عليها الدولة وترتكز.
 
ومن أجل هذا، تحدثت مع زميلى الدكتور ثروت عكاشة، وزير الثقافة فى مصر، ونقلت إليه رغبة السودان حكومة وشعبا فى زيارتك لبلادنا ضمن جولتك الميمونة فى العالم العربى لدعم المجهود الحربى، ولقد سرنا قبولك الدعوة فى إبريل، ولكن تأكيدا بذلك لم يصلنا حتى الآن، وإذا سمحت، فإننى أنصح بأن شهر إبريل قد لا يكون مناسبا لأنه فصل بداية الحر، ولو أنه قد لا يكون شديدا، ولكن حرصا على شخص غال مثلك جعلنى أوجه انتباهك إلى هذه الحقيقة، وفى رأيى أن الفترة من نوفمبر إلى يناير 1969 قد تكون أنسب، ولا يفوتنى أن أقرر أن إبريل ليس سيئا للحد الذى ذكرته، غير أنى فى الوقت نفسه أترك لشخصك الكريم ولزميلى الدكتور ثروت عكاشة وسفيرنا فى القاهرة تحديد الزمن الذى ترين، أما المكان فهو المسرح القومى وهو أعظم وأكبر مسرح مفتوح فى أفريقيا، والتسهيلات اللازمة ستتوافر بأكمل صورة حتى يستمتع شعبنا بوجود شخصك المحبوب بيننا».
 
وسهر السودان مع أم كلثوم فى حفلتيها يومى 26 و30 ديسمبر 1968.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة