من المكسيك إلى الأرجنتين، لم تؤثر الحرب فى أوكرانيا على أوروبا فحسب بل امتد تأثيرها إلى أمريكا اللاتينية التى أصبحت تعانى من ارتفاع كبير فى أسعار المواد الغذائية، والذى أدى إلى توسيع الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
وقالت صحيفة "الكوميرثيو" الأرجنتينية فى تقرير لها إنه اعتبارًا من النصف الأول من عام 2022، كان معدل التضخم فى 28 دولة فى أمريكا اللاتينية أعلى من المتوسط الذى سجلته كل دولة بين يناير 2005 وديسمبر 2019، وذلك وفقًا لـ "الدراسة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى، ديناميات وتحديات الاستثمار لتعزيز الانتعاش المستدام والشامل "للجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى (ECLAC).
وأشار التقرير إلى أن بلدان المنطقة تواجه تباطؤًا فى النشاط الاقتصادى وانتعاشًا بطيئًا وغير منتظم فى أسواق العمل وضغوط تضخمية أكبر (خاصة فى الغذاء والطاقة)، وهو ما يزيد من عوامل ارتفاع مستويات الفقر وانعدام الأمن الغذائى.
ففى الارجنتين، توقع الخبراء أن تشهد الأسعار ارتفاعًا بنسبة 100% بحلول ديسمبر المقبل، مما قد يعزز المزاعم بأن الدولة الواقعة فى أمريكا الجنوبية تتجه للحفاظ على أعلى معدل تضخم مسجل فى العالم بين الاقتصادات الرئيسية.
يمكن رؤية التأثيرات على المجتمع الأرجنتينى فى زيادة عدد السكان الفقراء. اعتبارًا من سبتمبر 2022، وصل الفقر إلى 36.5 ٪ من السكان، أى ما يقرب من 17 مليون شخص. حدد ريكاردو ريفاس أن السكان الفقراء، فى نفس الشهر، كان 8.8 ٪ من المجتمع، حوالى 4 مليون شخص.
وأشار الخبراء إلى أن السعر الرسمى للعملة المحلية يحدد هذا العام عند 173 بيزو مقابل الدولار، مرجحين أن يصل إلى 310 بيزو لكل دولار بحلول نهاية العام المقبل، ما يعنى وتيرة أسرع من التراجع، ولذلك فقد ساءت توقعات التضخم بشكل كبير، ففى العام الماضى، توقعت ميزانية فرنانديز المقترحة لعام 2022، والتى صوت الكونجرس ضدها، تضخمًا بنسبة 33%. وحتى فى بداية هذا العام.
أما فنزويلا فسجلت 11.5% فى سبتمبر، واتفق الفريق الاقتصادى والاستشاريون على توقع احتمال توقف التضخم فى الشهر الماضى عند مستوى مماثل لما كان عليه فى أغسطس، عندما أفاد المعهد الوطنى للإحصاء والتعداد أن مؤشر أسعار المستهلك (CPI) وصل إلى 7٪ وإلى 78.5٪ مقارنة إلى العام السابق.
وأفاد المرصد المالى الفنزويلى (OVF)، وهو مؤسسة فكرية مستقلة عن حكومة نيكولاس مادورو، أن التضخم فى أغسطس بلغ 11.5٪، وتراكم 111.8٪ منذ ديسمبر الماضى و157٪ فى عام واحد، كما كانت آخر البيانات التى أبلغ عنها البنك المركزى فى ذلك البلد هى تلك الخاصة بشهر أغسطس، عندما أظهرت زيادة فى الأسعار بنسبة 8.2 ٪ مقارنة بـ 17.3 ٪.
البلدان التى يزيد معدل التضخم فيها عن 10٪
وفقًا للجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى، ارتفع معدل التضخم فى اقتصادات أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى منذ مايو 2020. واعتبارًا من يونيو 2022، سجلت اقتصادات أمريكا الجنوبية، فى المتوسط ، أعلى مستوى للتضخم، وصلت لنسبة 8.7٪، تليها اقتصادات المنطقة الوسطى بنسبة 7.7%.
بالإضافة إلى ذلك، سجلت البلدان التالية تضخمًا مزمنًا اعتبارًا من يونيو 2022: الأرجنتين 65٪؛ كوبا 28.9٪ ؛ هايتى 29.2٪ ؛ سورينام 55.1٪ وفنزويلا 157.2٪.
فى 13 دولة، تجاوز معدل التضخم على أساس سنوى حتى يونيو 2022 نسبة 10٪. وفى 20 دولة، تضاعف معدل التضخم عند مقارنة يونيو 2022 بالشهر نفسه من عام 2021، مما يشير إلى الوكالة المعتمدة على منظمة الأمم المتحدة المسؤولة عن تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى.
هذه هى البلدان التى بلغ معدل التضخم فيها 10٪ فى النصف الأول من عام 2022: فى البرازيل كان 11.9٪، وفى تشيلى 12.5٪، وباراجواى 11.5٪ ؛ وكوستاريكا 10.1٪ ؛ وهندوراس 10.2٪ ونيكاراجوا 10.2٪.
وفقًا للجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى، ستستمر تكلفة الغذاء فى الارتفاع فى الأشهر المقبلة. فى نهاية عام 2021، بلغ معدل تضخم المواد الغذائية 7.4٪ وفى يونيو 2022 كان 11.9٪.
فى مواجهة هذا السيناريو، بدأ المجتمع فى بعض البلدان فى الاستجابة للانتفاضات الاجتماعية. هذا هو الحال فى بنما، حيث تمكنت الجمعية من خلال المظاهرات وحواجز الطرق السريعة والموانئ فى يوليو الماضى من تجميد أسعار 72 سلعة أساسية.
أيضًا فى يوليو 2022، فى بيرو، أجبر السكان الحكومة على تقديم المزيد من المساعدات الحكومية إلى أفقر الناس من خلال الإضرابات. وبالمثل، تجرى حكومة الإكوادور محادثات مع منظمات السكان الأصليين بعد اندلاع التعبئة التى شلت البلاد لمدة تصل إلى 18 يومًا فى يونيو، بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة هذا العام.
وفى بيرو، تستمر سعر البطاطس فى بيرو فى الارتفاع ويصل إلى أعلى قيمة له هذا الشهر، وهو ما يؤثر بشكل كبير على البيروفيين الذى يعتبرونها أهم الموارد الغذائية، وقدر رئيس مؤسسة البطاطس فى بيرو فريدى جارسيا، أن ذروة ارتفاع الأسعار ستكون فى أكتوبر الجارى.
وأشار جارسيا إلى أن البطاطس الصفراء ستصل إلى 2 دولار بعد أن كانت 0.6 دولار لكل كيلوجرام، كما ترتفع سعر البطاطس البيضاء، وبذلك تكون الأسعار ارتفعت 3 أضعاف منذ بدء الحرب فى أوكرانيا، وفقا لوزارة الزراعة فى بيرو، متجاوزة نسبة لتضخم 6.13%.
وأوضحت صحيفة "فريش بلازا" الإسبانية أنه فى المكسيك أيضا ارتفعت أسعار دقيق الذرة،وفى العاصمة مكسيكو تستمر أزمة الأسمدة التى أثرت على حصاد السنابل الصفراء.
وللحد من التضخم، وقع الرئيس المكسيكى أندريس مانويل لوبيز أوبرادور اتفاقية ثانية مع القطاع الخاص تشمل العملاقين ماسيكا ومينسا، وتنص على تجميد أسعار الدقيق، من بين أمور أخرى.
ويتعرض منتجو الذرة الصغار أيضًا فى جنوب المكسيك لخطر التمدّن المتسارع بالإضافة إلى انخفاض ربحية المحاصيل.
وتقول لورا فلوريس بأسف وهى تنظر من أرضها الصغيرة إلى المبانى فى مكسيكو التى تضم 9 ملايين نسمة "منتجون عدة يزرعون، ولكنهم لا يجنون عائدات من استثمارهم، فيفضّلون بيع" الأرض.
وتضيف "قبل بضع سنوات، كانت المكسيك تتمتع باكتفاء ذاتى من الفول والذرة، ولم يعد الأمر كذلك حالياً".
فى تشيلى، على سبيل المثال، أثرت الزيادة فى موجة التضخم على المجتمع كما حدث فى المنطقة بأكملها. وأوضح موريسيو ويبل باراهونا، الصحفى الاستقصائى بجامعة تشيلى، "هناك حالة من الضعف الاقتصادى، وانخفاض الدخل، وانخفاض القوة الشرائية، وانخفاض فرص العمل".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة