معركة جديدة تشهدها الساحة الثقافية المصرية كان بطلها كتاب "ألبير آرييه.. مذكرات يهودي مصري" الصادر عن
دار الشروق للنشر، خلال الدورة الأخيرة من معرض القاهرة الدولي للكتاب، حيث أثارت الكاتبة هند مختار جدلا كبيرا حين كتبت بيانا مطولا نشرته عبر صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" قبل أيام تؤكد فيه ضياع حقوقها، وأن اسمها - اسم هند - لم ينشر إلا باعتبارها مسؤولة عن "تفريغ" التسجيلات الخاصة بالمذكرات فقط..
والمعركة التي لم تنته حتى الآن تداخل فيها الكثيرون، حيث أبدى عدد من الكتاب والمثقفين شهاداتهم، بعضهم تضامنا مع الكاتبة هند مختار، وبعضهم لتوضيح حقيقة ودور محررة الكتاب منى أنيس.
ألبير آرييه
ويعد ألبير آرييه واحدًا من أبرز الكتاب اليهود المصريين الذين عاشوا وماتوا في مصر، وعاصروا العديد من الحقب الزمنية منذ العصر الملكي ومرورا بالجمهورية وحتى هذه اللحظة، وتعد مذكرات ألبير آريه (1930 - 2021) بمثابة وثيقة ثرية وشهادة تاريخية، لمواطن مصري كان شاهدا على عصور مختلفة اجتماعيا وسياسيا وثقافيا مرت على مصر خلال حقبة تمتد إلى تسعين عاما، مما أضاف جانبا توثيقيا لتلك الفترة الهامة من تاريخ مصر.
مذكرات يهودي مصرى
هند مختار تثير الجدل حول كتاب "ألبير آرييه.. مذكرات يهودي مصري"
البداية جاءت منذ أيام، حين كتبت الكاتبة هند مختار على صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" تقول: " في سبتمبر 2019 كان موعدي الأول مع مسيو ألبير آرييه للتسجيل معه وتحرير سيرته الذاتية، ومسيو آرييه كان لديه تسجيلات فيديو سابقة أخبرني أنه من الممكن استخدامها لكنين رفضت الأمر، لأكثر من سبب، أولها أنني لا أكمل ما بدأه غيري، وثانيا أنني كنت أحتاج لسماعه حتى أعرف كيفية نقل رؤيته في الكتاب، وثالثا أنا ليس لدي أي توجه أيديولوجي وبالتالي هناك أشياء سوف أقف أمامها لكي أفهمها وأعرف كيفية نقلها للقارئ.
وتابعت: طالت الفترة بسبب جائحة كورونا، ولكنني لم أقف إزاء هذا الأمر، فكنت أذهب لبيت "آرييه" في شارع البستان لنراجع سويًا جزءً بجزء، ونقوم بالتسجيل بعد ذلك.
وأكملت: أما عن كيف ذهبت لألبير آرييه فالحقيقة أن هذا الأمر كان عم طريق أحد الناشرين الكبار الأفاضل، وكان من المفترض أن ينشر المذكرات ولكن لظروف فيما بينه وآرييه لم تسر الأمور على ما يرام، لكنني أكملت عملي في كتابة المذكرات وتفريغها وعرضها على مسيو آرييه، وكان ذلك حتى قبل وفاته بأسبوعين.
وتابعت: أذكر انني منذ عام سمعت أن المذكرات سوف تنشر مع دار نشر كبيرة في مصر، وصمت وآثرت ألا أتحدث في هذا الأمر لأن المشروع يمكن أن يكتب بشكل جديد وبطريقة تختلف تمامًا عما فعلته مع مسيو ألبير، والذي كانت لديه رغبة كبيرة في كتابة المذكرات بالعامية المصرية، ورفضت هذا الأمر لسببين أولهما أنه سيتشابه مع رواية المولودة، والأمر الآخر أنني يجب أن أنقل روحه للغة العربية.
وواصلت هند: وبالفعل قررت عمل الكتاب بالفصحى ونجحت جدا في هذا الأمر، والكثيرين قرأوا الدرافت الخاص بالمذكرات وكانوا على صلة بمسيو آرييه وأخبروني أنهم تخيلوا ان مستر آرييه يحكي لهم، وفي معرض الكتاب الماضي وجدت ان اسمي غير موجود على الكتاب وانه من تحرير شخص آخر، وحين تصفحت الكتاب وجدت أن المتن خاص بي، أنا الذي كتبته بالكامل، ولو ان هناك فقرة حذفت أو تم ضبطها أكثر فهذا تنسيق وليس تحرير، وحاولت بكل الطرق أن أقوم بحل الموضوع وديا ولكنني لم أتمكن من الامر، لذلك اضطررت للكتابة عن الامر برمته على السوشيال ميديا.
وأوضحت: بالمناسبة فإن بعض الأجزاء الواردة في الكتاب مأخوذة من بعض الكتب الخاصة بمسيو آرييه، وذلك لربط الأحداث ببعضها، وللأسف لم يتم التنويه عن هذا الامر في الكتاب، وبالتالي لا يعرف أحد عنها شيئًا، وهناك سؤال يطرح نفسه بشدة، لماذا تم استبعادي؟، هل أنا لست على قدر المقام مثلا؟
واختتمت: هناك شهود كثر على هذا الأمر، بل إن هناك صديق عزيز ساعدني في تدقيق وتصحيح الكتاب، ولو تحدث عن دوره في هذا الامر سأكون شاكرة له وهناك الكثيرين اطلعوا على المسودات ولن اذكر أي أسماء هنا، لأرفع الحرج عنهم إن أحبوا عدم الكلام، ولو كانت نيتي سيئة لكنت أظهرت حقوق الملكية الفكرية التي أمتلكها للمذكرات والتي قمت بعملها خلال الست شهور الأولى لوفاة مسيو آرييه، لكي يكون هناك سند قانوني، ولكن هذا ليس هدفي.
منى أنيس ترد
الكاتبة منى أنيس محررة الكتاب لم تصمت أمام الاتهامات التي وجهت إليها، وقامت بالرد على الأزمة التي أثارتها الكاتبة هند مختار حول استبعاد اسمها عن غلاف الكتاب معتبرة أن الأخيرة تبدو أنها لا تعرف الفارق بين التأليف والتحرير وتدوين الشهادة الى آخر ما يعرفه أي محرر محترف، قائلة: "اعتبر التهمة الموجهة لي بسرقة مجهودها أسخف وأحقر من استنزاف الوقت في جدل عقيم، وعلى السيدة المدعية الذهاب للقضاء".
قالت منى أنيس في بيان مطول نشرته عبر صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي: "في البداية أحب أن أؤكد أنني ما كنت أحب أن أكتب هذا البوست لأدافع عن سمعتي المهنية ضد تهمة من إنسانة لم يسبق لي شرف معرفتها، ولكن الضرورات تبيح المحظورات. ففي الصباح الباكر جاءتني أكثر من رسالة من أصدقاء قريبين تلفت نظري وتطلب مني الرد على بوست للسيدة التي لا أعرفها، تتهمني فيه، أنا "منى عبد العظيم أنيس" بسرقة مجهودها ووضع اسمي زورا كمحررة لكتاب "ألبير آريه: مذكرات يهودي مصري".
وواصلت: سأحاول الرد على هذه السيدة باختصار، علما بأن هذه هي المرة الأولى والأخيرة التي أقوم فيها بذلك ولتذهب السيدة المدعية إلى القضاء أو الجحيم حتى، حيث إنني أعتبر التهمة الموجهة لشخصي أسخف وأحقر من استنزاف الوقت في جدل عقيم.
واستكملت: "وفي هذا كله لم يكن لي شأن بالأمر، فقد تقدمت أسرة آريه برفقة الدكتور محمد أبو الغار، بمخطوط المذكرات إلى صاحب دار الشروق. وقد ذكروا وقتها أنهم عملوا على هذا المخطوط بضعة شهور بعد تسلم التفريغ من السيدة صاحبة الدعوى. ولما كنت قد عملت لمدة 8 سنوات مع دار الشروق كرئيس تحرير، وتقاعدت عام 2021 بعد بلوغي السبعين، فقد دفع أصحاب الدار بالمخطوط إلى لإبداء الرأي. وكان رأيي أن المخطوط يحتاج إلى تحرير مكثف لأنه عبارة عن أجزاء غير مترابطة ويجب لضمه في سردية متصلة. كما أن لغة المخطوط كان ينقصها الكثير، سواء فيما يتعلق ببنيان الجملة، أو الأخطاء النحوية الكثيرة، التي قام كبير مصححي دار الشروق الأستاذ أسامة عرابي بتصويبها. وبناء على رأيي ذلك قامت دار الشروق بتكليفي بتحرير المخطوط".
وأوضحت أنيس: هنا بدأ دوري: من لحظة استلامي المخطوط في أول مارس 2022 وحتى انتهيت منه في أوائل مايو من نفس العام. عمل طويل متواصل، قد لا أبالغ إذا قلت إنه استغرق ما يقرب من الألف ساعة، فقد التزمت بتسليم المخطوط قبل سفرة طويلة لي خارج البلاد، وهكذا فقد عملت ليلا نهارا ودون نوم ليال كثيرة وطيلة أيام الأسبوع، للانتهاء من المخطوط قبل سفري خارج البلاد.
مصطفى الطنان ينفى اتهامات هند مختار
المترجم والناشر مصطفى الطنان رد في أكثر من حديث صحفى على الأزمة المثارة، ورد على ما نشرته الكاتبة هند مختار بشأن استبعاد اسمها من غلاف كتاب مذكرات ألبير آريه، مؤكدا أنه مخالف للحقيقة، مشيرا إلى دار الطنانى وظفتها للقيام بالتسجيل والتفريغ، وأنا من كنت أضع الأسئلة لألبير، وقامت هند مختار باستلام مستحقاتها المالية.
أبو الغار ينفى علاقته بهند مختار
الدكتور محمد أبو الغار من جانبه خرج ونفى وجود أي علاقة بينه وبين الكاتبة هند مختار، وقال في حديث صحفي: "لم أقابل هند مختار ولا أعرفها"، ولعل كان قد نسب تحرير الكتاب في مقال نشر قبل أيام من بداية الأزمة تحت عنوان " مذكرات يهودي مصري: قطعة رائعة من تاريخ مصر" إلى الكاتبة منى أنيس، ولم يذكر أي شيء في مقاله عن هند مختار أو كواليس خروج الكتاب.
الكاتب فتحى سليمان يتم مصطفى الطنان بضياع حقوق هند مختار
الروائى فتحى سليمان كتب شهادته حول الأزمة المثارة، واستعرض خلال منشور على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" بعضا من من حديث أجراه مع المترجم والناشر مصطفى الطنان، حيث اتهمه بالتسبب في ضياع حقوق الكاتبة هند مختار، وبدأ "سليمان" منشوره بكلمات على لسان مصطفى الطنان قالها في حديث خاص معه، قائلا: "الحقيقة كلها.. ودعنا نغلق الملف وكنت اتمنى ألا يفتح.. لكنها مصرة، لكنى أود أن أؤكد أن الأستاذة منى أنيس هي أفضل من كان يمكن أن يحرر ويضبط هذا الكتاب لأن النسخة التي وصلتها من تفريغ هند كانت مهلهلة، وهي لم تستلم منى النسخة بعد التحرير والتدقيق، فكل الاحترام لجهد منى عبد العظيم انيس"، وأوضح سليمان، ماسبق جاء على لسان مصطفى الطناني الناشر القدير، لكن هذه المرة وهذه النسخة خانُه التوفيق!
ولفت سليمان إلى أنه "لم يأتي ذكر مصطفى على لسان سامي ألبير ولا على صفحات الطبعة الأولى والوحيدة التي قالت حقيقة جاءت في رداء جريمة، وتسأل سليمان "كيف يبيع الطناني مجهود سنة ونصف من الكتابة والتصحيح وتفريغ الشرائط ويقبل تسوية سماها ودّية كما صرح لي وينسى حق من عملت معه لمدة عام ونصف "هند مختار".
وأشار سليمان إلى أن "لو تمسك بقليل من الرزانة لكان اسمه واسم الدار التي أصدرت جواهر تنير مذكرات المصري الأصيل إللى لعب بكل القبعات والعمامات طيلة ثمانين عامًا.
الطنان يرد
ومن جانبه جاء رد الناشر مصطفي الطناني: "أولا أنا لم أدل بتصريح لأنك ليس صحفي أنما صديق، هذا كان حديث شخصي ثانيا، لماذا تبتسر ما قلن.. المجالس أمانات وغلط كده يا فتحي".
منى الشيمى تسرد شهادتها حول الكتاب
الكاتبة والروائية منى الشيمي، كتبت من جهتها شهادته حول الأمر، حيث قالت في منشور عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك": لدي شهادة في موضوع مذكرات ألبير آريه.. مهم أن أقولها.. في ظل الجدل الدائر حولها".
وأوضحت: كنت آخر من طلب ألبير آريه رؤيتها، وقتذاك كان سامي إبراهيم ابنه وكبير عائلة آريه يأخذ معي ورشة للقصة القصيرة، وأحس ألبير بتقدم أسلوبه، وأرجعه إليَّ مشكورا. ذهبت، مع الأستاذ أسامة الرحيمي إلى فيلا سامي في العبور، حيث كان يقيم آريه، وكانت جلسة رائعة وحميمية، تحدث فيها عن أمور كثيرة، بوعي لا يملكه أصحاء كثر، ثم تحدث عن مذكراته، التي أملاها على الأستاذة هند مختار، وطلب إحضارها لأراها، وجاء بها سامي.
وتابعت: كانت النسخة ضخمة، ومن أول صفحتين أدركت أنها بحاجة الى صياغة كبيرة. في اللغة والترتيب، وتأكدت تماما حينما أرسلها الي سامي بي دي اف لاحقا. كانت مهلهلة حرفيا.. وهي بالمناسبة لا تزال عندي.
واستطردت: لم تقم ا. هند الا بكتابة ما أملاه آريه، بدون إضافات. أو صياغة. وحتما كانت بحاجة الى إعادة كتابة، وتحرير وتصحيح كبير، سواء في الإملاء، أو النحو.
وأضافت: مات آريه بعد أيام. بعد الانتهاء من طقوس العزاء، دارت نقاشات مع سامي، عمن تذهب اليه المذكرات، وكنت أقترح أسماء لتحريرها، حتى قام د. محمد ابو الغار بحسم الأمر، وتسليمها للشروق.. وأخبرني سامي في أحد لقاءتنا، وربما هاتفيا، لا أذكر، أن أ. منى أنيس ستقوم بتحريرها.
واستكملت: أجزم أن دور أ.هند اقتصر فقط على كتابة ما أملاه الرجل، بطريقة لا تسمح بنشره كما كان، بل ربما لو ظهرت المذكرات به لأساء إلى اسم هند واسم آريه.. وشتان بين الشكل الاول وما ظهرت به، وأتمت: شهادة للحقيقة لا أكثر ولا أقل.. قررت كتابتها بعد حديث بيني وبين سامي آريه أمس.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة