في منطة الشرابية بالقرب من رمسيس وسط القاهرة كان لقاء اليوم السابع مع عماد نصرى المصور الخاص بقداسة البابا شنودة الثالث والذى وثق كل أعماله وأرشفها في دولابه الخاص بمنزله، حيث عمل مع قداسة البابا وهو في سن الإعدادية حينما كان مولعا به وبثقافته وحكمته وعلمه الغزير ليتمكن من رؤية ثم يحزو على ثقة قداسة البابا شنودة الثالث الراحل ليصبح المصور الخاص به منذ عام 1988 وحتى رحيل قداسته في عام 2012.
المصور عماد نصرى يمتلك في دولابه الخاص بمنزله ألاف الأفلام الخاصة بصور قداسة البابا شنودة الثالث في كل لقاءاته داخل الكاتدرائية المرقسية بالعباسية ولقاءاته مع العديد من ملوك ورؤساء دول العالم وكان شاهداً على الكثير من المواقف الطريفة لقداسته مع ضيوفه.
دولاب المصور عماد نصرى
ويظل قداسة البابا شنودة الثالث واحداً من الشخصيات التي يخلدها تاريخ الكنيسة على مدار العصر الحالى والعصور القادمة وكذلك تاريخ الوطن، وذلك نظراً لشخصيته القوية ومواقفه الوطنية العظيمة في حق مصر والقضية الفلسطينية وعظاته المستمرة عن الحب والمواطنة والتسامح وقبول الأخر.
وخلال حوار اليوم السابع مع عماد نصرى وجدنا أرشفته لكل الأحداث والمناسبات الكنيسة التي كان يحضرها البابا شنودة في عيد الميلاد وعيد القيامة كل عام وفى القداسات المختلفة الخاصة بالأعياد والأصوام في الكنيسة وفى لقاءات إعداد زيت الميرون وفى لقاءاته مع ملوك ورؤساء دول العام ومع علماء المسلمين وفى زيارته إلى الأديرة وفى رسامته للأباء الكهنة قمامصة وأساقفة وفى لقاءاته مع المجمع المقدس مرتين كل عام.
المصور عماد نصرى أمام الصور المأرشفة
بداية اللقاء
فى البداية يقول عماد نصرى إن معرفته بقداسة البابا عند بدء الخلافات بين قداسة البابا والرئيس الراحل محمد أنور السادات، وأوضح أن قرار البابا بعدم الذهاب للقدس حينما قال "لن أذهب للقدس إلا مع إخواتى المسلمين "جاء حتى لا يتهم بالخيانة الأمر الذى أثر في قلوب جميع المصريين مسلمين ومسيحيين، وذكر أن الدكتور صوفى أبو طالب كان حلقة الاتصال بين الرئيس السادات وقداسة البابا شنودة طول الوقت.
وتابع أنه كان لديه صديق يدعى المهندس عبدالله يمتلك شرائط كاسيت لقداسة البابا وبدأ يستمع لعظات قداسة البابا ويحفظها وهو في المرحلة الإعدادية معه، وكان أغلبها للخير والبناء وكان لديه أمنية لرؤية البابا شنودة وكان لديه صديق من أقارب سائق البابا فطلب منه رؤية قداسته وكان البابا وقتها يلقى محاضرات للكلية الإكليريكية في عدد حضور معين فحضر إحدى محاضراته ورأى مصور يصور قداسة البابا ومن هنا جاءت له فكرة تصوير البابا وطلب من خاله كاميرا ليصور قداسة البابا ومن هذه اللحظة بدأ يتردد ويصور قداسته فى أكثر من محاضرة وفى عام 1988 كان قداسة البابا مسافراً لألمانيا وكان الصور الخاصه به من تصويره حظيت بإعجاب قداسته وطلب منه الحصول على كل الصور ليقوم بتوزيعها في ألمانيا وسأله على من شجعه على التصوير وبعد اختيار الصور أعطاه قداسة البابا هدية عبارة عن مبلغ مالى 1000 جنيه قال له "خدها بركة فى بيتك" فشكره وأشترى منها كاميرا وعدسة وفلاش بـ 600 جنيه وأنفق 400 جنيه على أغراضه الشخصية وكان في ذلك الوقت في العام الجامعى الأول له.
وذكر عماد خلال حواره مع اليوم السابع أن أى مكان كان يتواجد فيه قداسة البابا كان يقوم بتصويره متابعاً أن قداسة البابا كان في عظات الأربعاء حديثه دائما عن الخير والبركة والحب والإخاء والوحدة والمواطنة وكان لديه حلول عديدة لمواجهة أى مشكلات وكان يمتلك دبلوماسية جعلت منه صمام أمان مصر وساهم في نشر الحب والمواطنة وكان يعرف جيدا اتجاهات العالم ويعالج الأمور والمشكلات بحكمة.
جانب من لقاء المصور عماد نصرى مع قداسة البابا
زيارة ألمانيا 1988
وحول زيارة قداسة البابا شنودة إلى ألمانيا سنة 1988 طلب منه قداسة البابا طباعة الصور ليأخذها معه ويوزعها على الأقباط في ألمانيا كهدايا تذكارية فقام بطباعتها بالألوان في مصر الجديدة.
وذكر أن أول زيارة خارجية له مع قداسة البابا كانت لإنجلترا ودشن قداسة البابا كنيستين هناك وكان أحد الأباء الأساقفة لديه مشكلة صحية وكان في زيارة أخرى لإريتريا لرسامة البطريرك هناك وفى العودة رجع على السودان وظل بها 6 ساعات ترانزيت وكانت سيارات الرئاسة مرحبه بقداسة البابا وظل فى ضيافة رئاسة الجمهورية طوال هذه الساعات.
زيارة ملك إنجلترا للكاتدرائية
وقال عماد نصرى أن الأمير تشارلز زار الكاتدرائية في أوائل التسعينات وكانت الزيارة بروتوكولية تماما واستلم الحرس الجمهورى المصرى الكاتدرائية وأطلعوا على كل الإجراءات الأمنية لتأمين الزيارة وكان قائد حرس الأمير تشارلز سيدة وكان صغيراً في السن وكان لديه شغف كبير لتصوير قداسة البابا وتعرض لمضايقات من الأمن الإنجليزى وتدخل قداسة البابا ليأمرهم بتركه وعدم مضايقته.
لقاء البابا شنودة الثالث مع الأمير تشارلز
رؤساء الدول وعلماء المسلين
وذكر عماد نصرى أن وقت زيارة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان كان الأمن التركى في منتهى "الرزالة" وكان قداسة البابا في هذه الزيارة يتحدث عن الدولة المصرية والرئيس مبارك بشكل جيد وكان هناك زيارات من الرئيس ياسر عرفات والرئيس محمود عباس أبو مازن وغيره من رؤساء الدول.
وذكر إحدى المواقف التى تعرض لها سنة 2000 عند مجئ البابا بولس في احتفالات الألفية الثانية وكان قداسة البابا وقداسة بابا روما الذى يعامل كرئيس دولة وكان يحضر هذه الزيارة صفوف من رجال الأعمال والأساقفة والوزراء ووقف بجوار البابا شنودة الذى ساعده على التصوير وسط هذه الزحام الشديد حيث كسر البروتوكول الخاص بالجلوس حتى يسهل له مهمة التصوير.
وقال إن الإمام محمد متولى الشعراوى حضر إلى الكاتدرائية أوقات عديدة وكان أبرزها يوم زيارته بعد عودته من رحلة العلاج فى لندن وزيارته يوم وفاة رئيس حزب الوفد
غزو الكويت
وقال عماد إن السفير الكويتى جاء لقداسة البابا يوم الغزو وعرض عليه ألبوم صور للأطفال والشهداء الكويتين وحالات الهدم والتخريب من جراء الغزو العراقى فى التسعينات من القرن الماضى، وأبدى قداسته غضبه الشديد وحزنه من هذه الصور وكان رد قداسة البابا أن مشكلة العرب دائما فى التفكك وكان له كلمة قوية في الجامعة العربية عن القضية الفلسطينية وفى نقابة الأطباء وكان دائما متعاطف مع الشعب الفلسطيني أنه تعرض للظلم والضياع.
علاقته بشيخ الأزهر
ذكر عماد أن قداسة البابا شنودة كانت تربطه علاقة قوية بفضيلة الإمام محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر الشريف الراحل فكان ينسق معه اللقاءات الخاصة بالندوات الدينية فعندما يأتي له دعوة لحضور ندون كان يتصل به " يا قداسة البابا أنا عندى ندوة في مكان كذا لو قداستك رايح أنا جاى لو قداستك اعتذرت أنا كمان هعتذر" وكان أيضا قداسة البابا يبادله الاتصال عند دعوته فى هذه المؤتمرات والندوات.
وذكر أن قداسة البابا في إحدى الندوات الخاصة بالتبرع بالأعضاء والتي نظمها حزب الوفد كان أحد الصحفيين عرض سؤال استفز فيه شيخ الأزهر فما كان منه إلا أن قال " يلا بينا يا قداسة البابا" ووضع يده فى يد قداسة البابا.
وأوضح أن من أبرز أشكال المحبة أن يوم وفاة الدكتور محمد سيد طنطاوى نظم قداسة البابا عزاء لشيخ الأزهر في الكاتدرائية.
الشيخ فؤاد عبد العظيم وكيل ادارة المساجد وشؤون القران بالأوقاف مع البابا شنودة خلال التهنئة بالعيد فى 2010
لقاء الحبيب على الجفرى
ذكر أن الحبيب على الجفرى كان يأتى في حفلات شهر رمضان وطلب لقاء مع قداسة البابا وهذا اللقاء ظل لمدة ساعتين تحدث الجفرى عن اللقاء كأنه يقول أشعار.
وذكر عماد أن قداسة البابا وقت الجامعة كان فى اختبارات البكالوريا فسألوه عن الأشعار في العصور القديمة "هل تحفظ الشعر القديم ؟ " فجاء رد البابا "تحب أى عصر من العصور وأى شاعر أقولك فرد عليه المختبر " أنت تعرف كل العصور ؟" فكان لديه حضور شديد وكان قداسة البابا لديه كتاب بعنوان "انطلاق الروح طلبه منه الإمام محمد متولى الشعراوى فأعطاه له قداسة البابا بإهداء منه على الكتاب وكان لديه قصائد عديده تستخدم حتى اليوم في الكنيسة فى الترانيم والألحان.
قداسة البابا شنودة مع الحبيب على الجفرى
زيارة مبارك بعد حادث الاغتيال
ذكر عماد أن قداسة البابا تلقى اتصال هاتفى من رئاسة الجمهورية بعد نجاة الرئيس من محاولة الاغتيال فى أثيوبيا لتنسيق لقاء الرئيس الأسبق مبارك مع البابا شنودة والإمام الشعراوى قبل اللقاء بوقت قليل جدا وكانت كلمة البابا ارتجالية تماما ولم يكن محضراً أو مستعدا لها.
توقع البابا شنودة البطريرك الذى يخلفه
وذكر عماد أن أحد المواطنين وجه سؤال إلى قداسة البابا شنودة في إحدى لقاءاته تتوقع مين ياتى بطريرك من بعدك فكان رد قداسة البابا "متحملهاش في حياتى وبعد مماتى" كأنه يرد أن يقول "مليش دعوة" لأن مسؤلية بطريرك الكنيسة مسألة في غاية الصعوبة فهم ينظرون له بأنه أب الجميع ويلجأون له قبل أن يلجأو للحكومة
المصور عماد نصرى يعرض صوره مع قداسة البابا شنودة الراحل
قصة حذاء وزير الأوقاف
وذكر أن من أبرز المواقف الطريفة لقداسة البابا كان فى إحدى حفلات الإفطار التى كانت تنظمها الكنيسة باستمرار في شهر رمضان المبارك حضر فيها الدكتور محمد على محجوب وزير الأوقاف فى التسعينات كان قداسة البابا يخصص موضع لهم فى المقر الباباوى لتأدية الصلوات وفى إحدى اللقاءات وصل إلى قداسة البابا أن الدكتور محمد على محجوب لم يجد حذاءه الخاصة أثناء العثور عليه بعد انتهاؤه من الصلاة فما كان من قداسة البابا إلا أن سأله "حضرتك بتلبس مقاس كام ؟" فقال له وزير الأوقاف بلبس مقاس 42 فذهب قداسة البابا بنفسه إلى مكتبه وكان به الهدايا وأخذ منه حذاء جديد بمقاس 42 وأعطاه إهداء لوزير الأوقاف على الرغم من العثور على حذاءه بعدها إلا أن قداسة البابا أصر على الهدية.
أخر أيام البابا
وقال عماد نصرى إن أخر 3 شهور في عمر البابا كان يشاهد عظات البابا في التليفزيون ولا يحضر عظاته حتى لا يراه في هذه الحالة المرضية الشهيرة وكان أخر لقاء لقداسته مع أحمد حجاجوفيتش الرحالة المصرى بعلم مصر ومضى له على العلم وكان قبل وفاته بيومين فقد كانت يوم الأربعاء وتحدث البابا فى أخر عظة له عن الأمانة ورحل قداسة البابا يوم السبت.
جانب من الصور
يوم وفاة البابا
وأوضح عماد نصرى أنه كان مع قداسة البابا بعد العظة الأخيرة ووقت التصوير وكان لديه صديق في البحيرة كان يعمل مصور الأنبا باخوميوس ويوم السبت أبلغت السكرتارية فى المجمع المقدس الأنبا باخوميوس فى الهاتف بأن هناك أمر خطير ولابد أن يترك البحيرة ويعود للقاهرة فوراً وحين عودته عرف أن قداسة البابا قد رحل عن دنيانا وتحدث الأنبا باخوميوس مع البابا تواضروس حيث كان فى هذا الوقت أسقف بأن هناك أمر خطير ولابد أن يسافروا للقاهرة وحينما علم عماد تلك التفاصيل من صديقه جون مصور الأنبا باخوميوس الخبر كان غير مصدق لخبر الوفاة لأن شائعات الوفاة كانت تطارده أخر أيامه ووصل إلى الكاتدرائية قبل الساعة السادسة مساء فى أقل من ربع ساعة وعرف أن الخبر صحيح.
وحينما وصل عماد إلى الكاتدرائية وجد آلاف الأقباط والمسلمين الذين عرفوا الخبر فى أقل من ربع ساعة قتأكد أن الخبر صحيح.
وظل 3 أيام بداخل المقر وقت إلقاء نظرة الوداع حتى تم نقله بطائرة عسكرية إلى دير الأنبا بيشوى في وادى النطرون، حيث أكد أن مشاعر وفاة الرجل الذى تتلمذ على يده وأحبه وتواجد معه فى كل المواقف حيث كان أول يوم لوفاة البابا ظل 11 ساعة متواصلة في التصوير فكان عليه تعب وإرهاق كبير.
الكاتدرائية المرقسية يوم وفاة البابا
توثيق صور عماد نصرى
وبسؤال عماد نصرى عن توثيق الصور الخاصة به لقداسة البابا شنودة ذكر أن هذه الصور صور شخصية ولها ذكريات عديدة له منذ المرحلة الإعدادية وحتى وفاة البابا شنودة وقال إنه يجهز لمشروع سوف يضم كل هذه الصور وستخرج جميعها للنور.
المصور عماد نصرى أمام الصور المأرشفة
المصور عماد نصرى داخل منزله مع الصور المأرشفة
المصور عماد نصرى مع قداسة البابا
المصور عماد نصرى يعرض صور خاصة لقداسة البابا
صورة لاجتماع المجمع المقدس فى عهد البابا شنودة
قداسة البابا داخل الدير
قداسة البابا مع الرئيس ياسر عرفات في العباسية في 1990 تقريبا
لقاء قداسة البابا مع الرئيس محمود عباس
أرشفة الأحداث الكنسية
الأنبا إرميا سكرتير المجمع المقدس مع قداسة البابا شنودة الثالث ونظرة الوداع
البابا شنودة الثالث مع ابنه المصور عماد نصرى