تمر اليوم ذكرى وفاة المفكر الإسلامي والناشط السياسي جمال الدين الأفغاني، والذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم 7 مارس عام 1897، ويعد من أبرز الذين دعوا للثورة ضد الاستعمار ومواجهة التخلف فى العالمين العربى والإسلامى، وأحد أعلام عصر النهضة الفكرية فى القرن التاسع عشر، وقد طاردته الكثير من الشائعات خلال حياته وبعد وفاته، والتي لم يثبت صحتها أو دقتها إلى يومنا هذا.
برغم كون جمال الدين الأفغاني أحد رجال التنوير الذى أشاد به الخديوى إسماعيل، وكان صديقا مقربا من الإمام محمد عبده، أحد أئمة التنوير فى مصر، إلا أنه قيل عنه بعض الشائعات ومنها: اشتراكه في الجماعات السرية، وعلاقاته بالماسونية، وشرب الخمر، وأنه ضمن رجال الشيعة.
فجاء في كتاب "الخبث والدهاء فى صناعة الزعماء والعلماء" لـ "مقصد العبدلى" وكان جمال الدين يرأس المحفل الماسونى (كوكب الشرق) ويهاجم شريعة الله فى موقفها من المرأة، حيث يقول إن من أعم علل الشرق أن المرأة فيه ليست متساوية مع الرجل فى الحقوق والواجبات، وقد بين هذا الكلام تلميذه محمد عبده وقاسم أمين فى جريدة العروة الوثقى، ويؤكد ذلك الشيخ محمد رشيد رضا فى كتابه (تاريخ الأستاذ) وكان الأفغانى له نشاط ماسونى، وكان يشرب قليلا من الكونياك وهو نوع من الخمر.
جمال الدين الأفغانى ولد فى أكتوبر 1838م لأسرة أفغانية، ونشأ فى كابول عاصمة الأفغان، وتعلم فى بداية تلقيه العلم اللغتين العربية والفارسية، ودرس القرآن وشيئًا من العلوم الإسلامية، وعندما بلغ الثامنة عشرة أتم دراسته للعلوم، ثم سافر إلى الهند لدراسة بعض العلوم العصرية، وقصد الحجاز وهو فى التاسعة عشرة لأداء فريضة الحج سنة 1857م)، ثم رجع إلى أفغانستان حيث تقلد إحدى الوظائف الحكومية، وظل طوال حياته حريصًا على العلم والتعلم، فقد شرع فى تعلم الفرنسية وهو كبير، وبذل كثيرًا من الجهد والتصميم حتى خطا خطوات جيدة فى تعلمها.
وحينما وقع خلاف بين الأمراء الأفغان انحاز جمال الدين إلى محمد أعظم خان الذى كان بمثابة وزير دولة، وحدث صدام بينه وبين الإنجليز، فرحل جمال الدين عن أفغانستان سنة 1868م)، ووصل إلى مصر، حيث أقام بها مدة قصيرة تردد فى أثنائها على الأزهر، وكان بيته مزارًا لكثير من الطلاب والدارسين خاصة السوريين، ثم سافر إلى "الأستانة" فى عهد الصدر عال باشا.
لكنه عاد مرة أخرى إلى مصر، فلقى فى مصر من الحفاوة والتكريم من أهلها ما حمله على البقاء بها، وكان لجرأته وصراحته أكبر الأثر فى التفاف الناس حوله، وكان له تلاميذ عدة على رأسهم الإمام محمد عبده.