فى شهر مارس من عام 1897م، رحل عن عالمنا جمال الدين الأفغانى، والذى اختلف حول سبب وفاته العديد من الناس حيث يؤكد البعض أنه رحل بسبب المرض الذي يصفه العلم الحديث بأنه سرطان فى العنق، بينما يذهب آخرون أنه مات مقتولا بالسم حسبما يؤكد ابن أخته "ميرزا لطف الله خان" الذي يتهم الحكومة الإيرانية بقتله، بعدما رفضت الدولة العثمانية تسليمه لها.
جمال الدين الأفغانى ولد فى أكتوبر 1838م لأسرة أفغانية، ونشأ فى كابول عاصمة الأفغان، وتعلم فى بداية تلقيه العلم اللغتين العربية والفارسية، ودرس القرآن وشيئًا من العلوم الإسلامية، وعندما بلغ الثامنة عشرة أتم دراسته للعلوم، ثم سافر إلى الهند لدراسة بعض العلوم العصرية، وقصد الحجاز وهو فى التاسعة عشرة لأداء فريضة الحج سنة 1857م)، ثم رجع إلى أفغانستان حيث تقلد إحدى الوظائف الحكومية، وظل طوال حياته حريصًا على العلم والتعلم، فقد شرع فى تعلم الفرنسية وهو كبير، وبذل كثيرًا من الجهد والتصميم حتى خطا خطوات جيدة فى تعلمها.
وحينما وقع خلاف بين الأمراء الأفغان انحاز جمال الدين إلى محمد أعظم خان الذى كان بمثابة وزير دولة، وحدث صدام بينه وبين الإنجليز، فرحل جمال الدين عن أفغانستان سنة 1868م)، ووصل إلى مصر، حيث أقام بها مدة قصيرة تردد فى أثنائها على الأزهر، وكان بيته مزارًا لكثير من الطلاب والدارسين خاصة السوريين، ثم سافر إلى "الأستانة" فى عهد الصدر عال باشا.
لكنه عاد مرة أخرى إلى مصر، فلقى فى مصر من الحفاوة والتكريم من أهلها ما حمله على البقاء بها، وكان لجرأته وصراحته أكبر الأثر فى التفاف الناس حوله، وكان له تلاميذ عدة على رأسهم الإمام محمد عبده.