كان نجما لامعاً فى الحزب الوطنى فى محافظة القليوبية، وكنت أنا معارضاً شرساً له رغم عمومته لى بحكم صلة الدم عائلياً، وقادته نجوميته إلى عضوية البرلمان لدورة كاملة فى أواسط تسعينيات القرن الماضى.
كان العم رضا محمد عبدالرحمن نموذجا لقيادات طيبة خلقاً فى الحزب الوطنى غير الطيب، وانضم إليه استمرارا لمساره السياسى الذى بدأ مع الاتحاد الاشتراكى ومنظمة الشباب، وتلقفه منصور حسن وزير الإعلام أيام السادات وأمين عام الحزب الوطنى فى طبعته الساداتية الأولى.
لم يكن الحزب الوطنى للعم رضا وعاء سياسياً يعبر عن أفكاره الذى إن جلست معه تسمع منه انتقاداً لبعضها، وإنما كان وسيلة مثلى فى تقديم الخدمة للناس الذين أحبوه كثيراً، وكنا نحن فى مقتبل الشباب يملأ الحماس صدورنا من أجل تغيير كل شىء.. سياسات، وبشر، وقيم، ورغم أن أحاديث المعارضة تأتى على أمزجة الناس ونتصور معها أنهم سيزحفون من خلفنا، فإن العم رضا كانت لديه كيمياء جذب الناس إلى محبته، رغم أنه عضو فى الحزب الذى يتسبب فى غلاء السكر والشاى والشاى والأرز والمكرونة واللحم والمواصلات، وكل ضرورات الحياة، وكنا نتساءل كثيراً عن السبب فى أن يذهب الناس إلى العم رضا، رغم أنه من رجال الحزب الوطنى.
كانت الإجابة المريحة لنا هى أن الناس لا تعرف مصلحتها بعد، كنا نقول هذه الإجابة ونمضى، ولا ننتبه إلى أن الناس الغلابة يحتاجون من رمزهم السياسى والاجتماعى أن يكون بجانبهم فى محن الدهر ومصائبه، ويتكلم بنفس لغتهم، ويملك طهارة اليد ونظافة النفس، وكل ذلك يتوفر فى العم رضا، الذى لايزال على عهده فى حب منصور حسن ويرى فيه قيمة سياسية لا يصح أن تبقى فى منزلها.
يجلس العم رضا الآن فى قريته كوم الأطرون طوخ قليوبية، تاركا السياسة بما تحمله من أمراض، يقرأ الصحف بنهم شديد، وأصبحت «اليوم السابع» جريدته المفضلة، ويندمج مع الأفكار التى تسعى إلى الارتقاء بالوطن، ويسألنى دائماً: «لماذا منصور حسن بعيداً؟ ولأنى لا أملك الاجابة على سؤاله، أعجز عن الرد عليه، وبعد العدد الأخير من «اليوم السابع»، حدثنى هاتفيا عن إعجابه الشديد بالعدد، وعن كل ما جاء فيه مشيراً إلى أننا قدمنا لمسة وفاء لبشر يستحقون الإشادة، لكنه عاد وسألنى عن منصور حسن.
السؤال قادنى إلى مجمل الأسماء التى تتردد فى الآونة الأخيرة، بمناسبة الحديث عن الانتخابات الرئاسية المقبلة، وأكثر ما يلفت النظر فيها أنها لا تنتمى إلى أحزاب مطروحة فى الشارع، فهل معنى ذلك أن الأحزاب نضبت برجالها؟ وهل الإتيان برجال من خارجها يعد اعترافاً صريحاً بفشلها؟ كما أن ما يلفت النظر نحو بعضها أنها ممن تعارضها بعد النخب السياسية، فهل معنى ذلك أن بعث الثقة فيها يأتى لأننا اكتشفنا فيهم إيجابيات كانت يخفيها قربهم من دولاب السلطة، بالضبط كما كان العم رضا الذى اكتشفنا نحن الذين كنا نعارضه إيجابياته بعد أن هجر وودع الحزب الوطنى؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة