كانت وكالات الأنباء العالمية تتحدث عن إحالة الرئيس الفرنسى السابق جاك شيراك إلى المحاكمة، وكانت صحيفة الأهرام تتحدث فى عددها الصادر يوم السبت الماضى عن تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات عن مخالفات جسيمة فى الخط الثالث لمترو الأنفاق.
والفرق بين الحالتين، كالفرق بين السماء والأرض، شيراك يتقدم للمحاكمة بسبب موافقته على تعيين 35 فى وظائف وهمية أيام كان يشغل عمدة باريس فى الفترة من عام 1977 حتى عام 1995، وهو العام الذى تولى فيه رئاسة فرنسا فى انتخابات حرة نزيهة.
بعد كل هذه السنوات لم تنسَ الديمقراطية الفرنسية أن الكل أمام القانون سواء، طالما يتعلق الأمر بالمال العام، ولأننا تعودنا فى بلادنا على فضائح فى نهب المال العام تزكم الأنف، سنقف بكل غرابة أمام ضآلة قضية الرئيس الفرنسى السابق، والتى تتمثل فى توظيف 35 فرداً فرنسياً دون وجه حق، وهى قضية لم يترتب عنها زهق أرواح، لكن العبرة فيها بأن الفساد واحد، والمسئول عنه لا تحميه رتبة حالية أو سابقة.
أما فى تقرير جهاز المحاسبات الخاص بالخط الثالث للمترو، فالمخالفات فيه بالملايين، مثل اختفاء الحفار الفرنسى البالغ ثمنه 100 مليون جنيه بعد تغطيته بنحو 2600 متر من الأتربة مما يصعب استخراجه، بالإضافة إلى مخالفة جسيمة أخرى تتمثل فى إتاحة الفرصة للمقاول الأجنبى لتقديم حلول بديلة لتنفيذ المشروع بعد التعاقد وبدء التنفيذ، مما ترتب عليه توفير 166 مليون جنيه تحصل الشركة منها على النصف، وقال التقرير إن هناك تعديلات تمت على التصميمات نتج عنها حدوث انهيارات أرضية فى منطقة باب الشعرية فى سبتمبر الماضى، وهى الانهيارات التى ظلت لغزا محيرا.
كيف حدث كل ذلك؟، وكيف تم ترك الأمر حتى وصل إلى هذه الفداحة فى عدم المسئولية؟، وما هى المستجدات التى حدثت منذ أن تم تنفيذ المرحلة الأولى فى مشروع المترو، وضمن ما قيل وقتها إن تنفيذ هذا المشروع خلق خبرات مصرية رفيعة، وذهب البعض فى قوله إلى أنه أصبح لدينا مدرسة أخرى فى التشييد أسوة بما حدث فى السد العالى، قال البعض ذلك على سبيل الفخر الذى لم يكن يقتصر على التشييد، وإنما على الشفافية التى أحاطت به، وهو الأمر الذى لم يعد موجودا كما يثبت تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة