حينما يظل أقصى طموح لدى قطاع عريض من المصريين هو تغيير وجه الرئيس، دون النظر لعقل من سيخلفه وأدواته وإمكاناته، فإنك حقاً تحيا فى بلد على حافة الانفجار.. وحينما تكون كافة البدائل التى يطرحها "العقلاء" محصورة فى أبناء "الزمن الجميل" فأنت فى بلد تجاوز مرحلة الشيخوخة ودخل مرحلة الموت الإكلينيكى.
حينما يكفر ذلك القطاع ـ ذاته ـ بكل ما فى الأرض، ويسير وراء "وكلاء تطبيق شرع الله"، مسلوب الإرادة إيماناً بأن "دول بتوع ربنا"، والنظر إلى كل ما هو مخالف لهم بأنه عدو للإسلام، فإن مسلمى هذا البلد دخلوا نفقاً مظلماً، وأصبحوا بين سندان التشكيك فى إسلامهم، ومطرقة رفض الآخر ونبذه.. حينها أيضاً يصبح الإسلام السياسى الذى نحترمه وربما نبتغيه مطعوناً من الخلف.
حينما يعجز "وكلاء شرع الله" عن تقديم الإسلام السياسى للجماهير بكل ما فيه من أسس ليبرالية، واحتراماً للآخر.. فإن اللجوء بالشكوى لـ"سيدنا الحسين" لرفع البلاء، وزيادة الرواتب، وتمرير الكادر، والفوز على الجزائر، ليس بدعة أو ضلال.
حينما تظل أكبر كنائس الشرق، مرفوعة مؤقتاً من الخدمة، على مدار عقود.. تلعن السياسة وتعزف عنها كراهب تراوغه عاهرة، ثم يخرج قداسة البابا شنودة ليؤيد ترشح جمال مبارك ـ كشخص ـ وليس كأب لأقباط مصر، فإن خروج المئات فى انتظار بزوغ مريم عليها السلام فى السماء، لرفع الشكاوى، ولطلب الصلاح أيضاً ليس درباً من الخيال.
حينما يختزل التغيير فى المشهد، وتظل الكواليس خارج حدود التمنى، فإن الأحلام تصبح انعكاساً للعجز، وحينما يصبح التغيير مرهوناً بملك الموت أو دبابات العسكر، فإن الطموح يكون ترجمة لحالة جمود يعلوها ما يشبه الحراك السياسى كما يسميه البعض، وربما يوهمنا البعض الآخر أنه حراك.
إذا كنت ضمن ذلك القطاع العريض، فعليك أن تفخر بأنك لست وحدك، وتنتمى إلى حزب الأغلبية.. أما إذا كنت من القلة التى تبحث عن برنامج سياسى واقتصادى يحكمها، وإسلام يزيدها تمدن، وكنيسة خارج إطار العزلة، فإما أن ترحل إلى الخارج أو تذكر قول ربك "إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم، وإن أسأتم فلها".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة